طهران: بالنسبة إلى إيرانيين كثر، ليست الانتخابات مسألة تأييد مرشّح على حساب آخر، بل تتعلّق بتفسير خيار من اثنين: التوجّه الى صناديق الاقتراع أو الامتناع عن ذلك.
وقال الموظف أفراسيابي (43 عاما) لدى خروجه من مرقد الشاه عبد العظيم الحسني في جنوب العاصمة طهران حيث أدلى بصوته "اقترعت لأنه واجب ديني وواجب وطني وأمر من المرشد الأعلى" للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.
يُظهر أفراسيابي إصبعه وقد دمغه الحبر الأزرق كدليل على مشاركته في الانتخابات الجمعة لاختيار أعضاء مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) ومجلس خبراء القيادة المكلف تعيين المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية ومراقبة أدائه وإقالته في حال احتاج الأمر.
في مدرسة في وسط طهران، أكّد مرتضى وهو موظف حكومي يبلغ 40 عاما أن "مقاطعة الانتخابات لن تغيّر شيئا" في إشارة إلى دعوات للامتناع عن التصويت أطلقها قادة في التيار الإصلاحي ومعارضون مقيمون في الخارج.
وأضاف أن التصويت هو "الحق الوحيد المتبقي لي لأنني أعارض أمورا كثيرة: البنية السياسية وقانون الانتخابات وطريقة تقييم كفاءة المرشحين".
الغالبية العظمى من المرشحين للانتخابات التشريعية البالغ عددهم 15200، ولمجلس الخبراء (144 مرشحا)، هم من المحافظين أو المحافظين المتشددين، فيما استبعد مجلس صيانة الدستور العديد من المرشحين المعتدلين والإصلاحيين.
من جهتها، قالت ليدا وهي مبرمجة تبلغ 32 عاما جلست في مقهى من دون الحجاب الإلزامي في إيران "لن أصوّت لسببين".
وأوضحت "الأول هو أنني أريد تغييرات كثيرة لن تكون ممكنة مع المرشحين الحاليين. والثاني هو أنني كنت أصوّت دائما للإصلاحيين، لكنهم استبعدوا".
بدوره، يقاطع أستاذ الرياضيات بدرام الانتخابات "لأنني لا أريد المشاركة بعد الآن في اللعبة الدعائية" للسلطة.
ويرى أن "الجمهورية الإسلامية تعتبر كل صوت لنائب ما وحتى الورقة البيضاء، بمثابة صوت للنظام (السياسي) برمّته"، مشيرا الى أن الأمر لم يكن على هذه الحال قبل بضع سنوات.
"يخشون من إيران قوية"
بخلاف بدرام، تعتبر أكرام زوجة الموظف مرتضى أن التصويت هو وسيلة "لعدم السماح للأجانب بالتدخل في شؤون بلادنا".
وكما ربة المنزل البالغة 39 عاما التي ارتدت الشادور الأسود، يندّد العديد من الناخبين بـ"الدعاية" المنظمة من الخارج، خصوصا من الدول الغربية، ضد الجمهورية الإسلامية.
وقال رجل دين شيعي يبلغ 50 عاما لم يرغب في ذكر اسمه "الأشخاص الذين امتنعوا عن التصويت، صوّتوا في الواقع: صوتوا لصالح أعداء إيران".
وأدلى رجل الدين هذا بصوته في حسينية إرشاد، وهي من مراكز الاقتراع الرئيسية وسط العاصمة الإيرانية، حيث كان بضع عشرات من الأشخاص ينتظرون للإدلاء بأصواتهم في حين كان عددهم أكبر خلال الانتخابات السابقة.
وندّدت مرادياني، وهي مدرّسة تبلغ 35 عاما بـ"المحطات التلفزيونية الفضائية" الخارجية، لا سيما منها الناطقة بالفارسية، معتبرة أنها تبثّ "أكاذيب" ضد الجمهورية الإسلامية.
وأضافت "إنهم يخشون من إيران قوية".
وخلال الحملة الانتخابية، دعا خامنئي ومسؤولون آخرون الناخبين إلى أن يبعثوا من خلال المشاركة الكثيفة في الانتخابات، بـ"رسالة قوية" إلى "أعداء إيران" في سياق جيوسياسي متوتر مرتبط بالحرب بين إسرائيل وحركة حماس التي تدافع عنها طهران.
التعليقات