كارولين ديفيز من طهران: بدأ الإيرانيون، الخميس، التصويت لاختيار أعضاء المجلس التشريعي الجديد، في أول اختبار لمعرفة اتجاهات الناس هناك منذ نشوب سلسلة احتجاجات ضدّ النظام الإسلامي المتشدّد.
ومن المتوقع أن تؤثر مقاطعة عدد من الكتل السياسية الإصلاحية للانتخابات على نسب المشاركة، في دولة لا تزال تئنُّ بشدّة تحت وطأة العقوبات الدولية والأزمة الاقتصادية والاضطرابات التي تعصِف بالبلاد.
في ظلّ هذه الأجواء، توجّهتُ إلى طهران - بعد أن تمكّنتُ من الحصول على إذن غير مُعتاد يسمح لي بإعداد تقرير عن الانتخابات - ، حيث إنه لم يُسمح لبي بي سي بتقديم تقارير من إيران منذ عام 2019.
ومن إحدى الحُسينيّات الدينيّة - حُسينيّة إرشاد - ، التي تحوّلت إلى مركز اقتراع لهذا اليوم، تتجمّع وسائل الإعلام المحليّة والدوليّة حول درجات المبنى وفي قاعة التصويت.
يتولى نائب الرئيس الإيراني داود منظور، منظمة التخطيط والميزانية، ويقول لبي بي سي إن مَن يؤمنون بالجمهورية الإسلامية والثورة سيشاركون في عمليّة الاقتراع "وهم ليسوا قلِّة".
ويضيف: "يقررالناس مصيرهم باختيار المرشحين المناسبين، وهذا ما يمكِّن البرلمان من العمل مع الحكومة بهدف خدمة الشعب".
الحضور الإعلامي الكبير في الحُسينيّة، يدللّ على مدى رغبة البعض في أن يسجل حضوره وهو يقوم بعملية التصويت، في وقت يصطفّ فيه عدد من النواب والوزراء الإيرانيين السابقين للإدلاء بأصواتهم والتحدث إلى وسائل الإعلام هناك.
على جانب قريب، رأيتُ عروسين جاءا مباشرة إلى مركز الاقتراع، وكانت العروس لا تزال في حلتها البيضاء من رأسها إلى أخمص قدميها.
خارج مركز الاقتراع، رجل يوزع الورود، ويصف يوم الانتخابات بـ "الاحتفال". وهذا يقود لطرح السؤال الرئيسي حول عدد الذين يتشاركون معه هذا الحماس.
- نساء يواصلن تحدي النظام في إيران قبيل الانتخابات
- الانتخابات الإيرانية: كيف تُحكم إيران بنظام حكم فريد ومعقد؟
يوم الجمعة، يصوّت الناس لاختيار أعضاء البرلمان وكذلك مجلس خبراء القيادة، وهو الهيئة المسؤولة عن اختيار المرشد الأعلى في إيران.
كانت هناك مخاوف بشأن النسب المتوقعة لإقبال المصوتين على الانتخابات، وتشير استطلاعات الرأي المبكرة إلى أن العدد قد ينخفض إلى مستوى قياسي، وبالأخص في طهران.
وتوقعت وكالة استطلاعات الرأي المرتبطة بالدولة أن تصل نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية إلى 41%، والتي -إن صحّت- ستكون أدنى نسبة مشاركة في الانتخابات الـ 12 الماضية.
وتخالف مريم أصغري هذا التصور، قائلة إنها جاءت إلى الحسينية للتصويت مع ابنها. وعندما سألتُها عن القضايا التي تشغل تفكيرها عند التصويت، قالت: "أريد اختيار من يمكنه ردع الولايات المتحدة وإسرائيل من التدخل في بلادنا".
وتصف السلطات الإيرانية البلاد بأنها جزء من "محور المقاومة" ضد ما تعتبره نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة.
ما يحدث أنه يتم تصوير الانتخابات على أنها وسيلة للتعبير عن إيران القوية.
وحث المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الأربعاء، المواطنين على الإدلاء بأصواتهم، قائلا إن عدم مشاركتهم بأعداد كبيرة، سيجعل أعداء إيران "يهددون أمنكم بطريقة أو بأخرى".
كثيرون ممن أتحدث إليهم يربطون مشاركتهم بالتصويت بدعوة المرشد الأعلى.
الأستاذ الجامعي روحاني قَدِم إلى مركز الاقتراع مع زوجته وابنه وزوجته وحفيده، الذي لا يزال طفلاً صغيراً في عربة الأطفال.
قال لي: "إن الأمر متروك للناس لاختيار ما إذا كانوا يريدون التصويت أم لا، لكن الأشخاص الذين لا يصوتون يحرمون أنفسهم من تقرير مصيرهم".
وأضاف: "إنهم يقولون، لا نريد أن نقرر مستقبل بلادنا.. في رأيي الشخصي، هذا ليس الخيار الصحيح، نعتقد أننا بحاجة إلى أن نكون حازمين في مستقبل بلادنا، ولهذا السبب نصوّت".
- مشروع قانون "الحجاب والعفة" الإيراني قد يُجرّب خمس سنوات
- إيران تنشر كاميرات مراقبة لرصد النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب
وينظر آخرون إلى الأمر بشكل مختلف، إذ يُنظر إلى عدم التصويت في إيران على أنه وسيلة لإظهار عدم الرضا عن السلطات، في حالة عدم شعور الناخبين بأن وجهات نظرهم تنعكس في الأعضاء المترشحين.
وقد اختار الكثيرون عدم التصويت في أعقاب الاحتجاجات الحاشدة لعام 2022، والتي اندلعت بسبب وفاة مهسا أميني (22 عاماً) في الحجز.
لكن نائب الرئيس داود منظور قال إن البلاد "عادت إلى طبيعتها" بعد الاحتجاجات، معتبرا أن "ضغوط وسائل الإعلام الغربية على إيران، خاصة خلال احتجاجات العام الماضي والتي كانت تحرّض الناس ضد الحكومة، أثبتت فشلها، وما زال الناس يشعرون بارتباطهم فيها".
وكان من المقرر أن يستمر التصويت حتى الساعة 18:00 بالتوقيت المحلي (14:30 بتوقيت غرينتش) ولكن تم تمديده حتى منتصف الليل.
التعليقات