نبدأ جولتنا فيما نُشر بالصحافة، من تقريرٍ أعدّه مراسل صحيفة لوموند الفرنسية في القدس لويس إمبرت، حمل عنوان "إسرائيل تنتهج استراتيجية التجويع في غزة"، قائلاً - في مطلعه - بأنَّ إسرائيل تقوم بتحدي القانون الدولي، وإزعاج حليفتها الرئيسة؛ الولايات المتحدة.

وقال إمبرت، إنه وبحلول شهر رمضان يحتفي الغزيون به وبطونهم خالية، حيث تسبب الجوع والعطش بوفاة 27 شخصاً على الأقل، من بينهم 23 طفلا، وفقا لوزارة الصحة في القطاع.

استراتيجية الحصار

يشير إمبرت إلى عدة أسباب أدت للوصول إلى هذه المرحلة، مبيناً أنه ومنذ الأيام الأولى للحرب، انتاب القوى اليمينية الحاكمة في إسرائيل شعور بالارتياح بعد التخلي عن المبادئ الأساسية للقانون الإنساني، واعتقاد بالإعفاء من أي التزام بسبب فظاعة الهجوم الذي ارتكبته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق وصف الكاتب.

ويضيف أن الحكومة الحالية تثير استياء الإسرائيليين، الذين نسوا منذ فترة طويلة أمر المدنيين في غزة، الذين جردوا من إنسانيتهم ​​بعد حصار دام 15 عاماً، واليوم، ترفض الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين التعاطف مع معاناة سكان القطاع، ويستغل اليمين المتطرف، الشريك الرئيسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، هذه المشاعر من أجل فرض أجنداته على النقاش العام بالتطهير العرقي وإعادة احتلال غزة، وفقا لإمبرت.

ويبين الكاتب أنه ومع تقدم الحرب، تم السماح تدريجياً بتسليم المساعدات والوقود تحت مراقبة الجيش، لكن هذا التخفيف شابه التكتم، ومن دون موافقة الحكومة، حيث يتنافس اليمين المتطرف وحزب الليكود بزعامة نتنياهو وبعض حلفائه الوسطيين، في التعنت.

ويقول الكاتب إنه ومع إعلان الجيش عن نقاط وصول جديدة للمساعدات، لا يزال الوزراء، بما في ذلك وزراء المعارضة الوسطية، مترددين في تحمّل مثل هذه المسؤولية.

جنود إسرائيليون بالقرب من الحدود مع غزة
Reuters
جنود إسرائيليون بالقرب من الحدود مع غزة

"الإطمئنان إلى فكرة انتهاء خطر الترانسفير الفلسطيني ليسا صحيحاً"

إلى صحيفة العربي الجديد، والتي نشر فيها الكاتب محمد أبو رمان مقالاً متعلقاً بسيناريو التهجير الفلسطيني من القطاع، وحمل عنوان "هل تراجع سيناريو الترانسفير الفلسطيني؟"

يشير الكاتب إلى أن العديد من دوائر القرار الغربية والعربية تذهب إلى أنّ خطر التهجير الجماعي للفلسطينيين (الترانسفير) لم يعُد قائماً، كما كانت عليه المخاوف في بداية الحرب على غزّة، لأسباب رئيسية، في مقدّمتها الإصرار الفلسطيني، رغم الكارثة الإنسانية الكبرى، على التمسّك بالأرض.. والرفض العربي الشديد، مصرياً وأردنياً، وعدم تقبّل المجتمع الدولي الأفكار الإسرائيلية بهذا الخصوص، وفقا لأبو رمان.

ويضيف الكاتب، أنّ سيناريو الترانسفير لم يكن خيالياً أو مجرّد "تحليل"، بل عُرض بالفعل، في الزيارات الأولى لوزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، على الدول العربية، مشيرا إلى روايات مسؤولين أردنيين بشأن رفض الملك القاطع للأمر، واعتباره "إعلان حرب"، ويضيف أبو رمان أن مسؤولين أردنيين عرضوا على بلينكن أخذه في جولةٍ لرؤية المخيمات الفلسطينية منذ 1948 و1967، عندما قال إنّها فكرة مؤقتة حتى تقضي إسرائيل على حركة حماس هناك.

وبحسب المقالة فإنه وبالرغم من فرضية تراجع سيناريو الترانسفير، وتوقّف المسؤولين الإسرائيليين عن الحديث عنه علناً، وتراجع الإدارة الأميركية عن تبنّي فكرة "الترحيل المؤقت"، إلاّ أنّ الاطمئنان إلى فكرة انتهاء هذا الخطر ليس صحيحا.

ويوضح الكاتب أسباب قلقه بالحديث عن السلوك الإسرائيلي في غزّة والضفة الغربية والقدس الذي - برأيه - لا يزال يؤشّر على أمرين رئيسين: الأول، أنّ هنالك تسويفاً إسرائيلياً في غزّة وتدميراً متعمّداً للبنية التحتية، وإصراراً على اجتياح رفح، وقطع حبال الحياة في القطاع.

ويخلص الكاتب إلى أنه لا يجب التعامل مع خطر التهجير على أساس انتهائه وإحباطه، فهو لا يزال قائماً برأيه. مضيفا أن مشروع التهجير يمثل مشروع الهوية اليهودية للدولة وليس فقط مشروع اليمين الإسرائيلي، وأن السياسيات الإسرائيلية تمضي تجاه ذلك من دون معارضة من المجتمع الدولي أو حتى الدول العربية.

إسرائيليون يسيرون أمام لافتات تحمل صور الرهائن الذين تم اختطافهم في هجوم حماس
Reuters
إسرائيليون يسيرون أمام لافتات تحمل صور الرهائن الذين تم اختطافهم في هجوم حماس

"إسرائيل لا تملك ترف التريث في قبول الصفقة"

إلى افتتاحية صحيفة هآرتس الإسرائيلية ، والتي دعت "الجناح العاقل في الحكومة الإسرائيلية" إلى الدفع باتجاه صفقة الرهائن، حيث تقول أنه "لم يعد لديهم وقت".

وتضيف الصحيفة، في مقالها، أنّ كل ثانية تمرّ تعرض حياتهم للخطر، معتبرة أن حياتهم تغيرت إلى درجة لا يمكن التعرف عليها، لذلك تقول الصحيفة إنه يجب على الحكومة الموافقة على الصفقة التي عرضتها حماس وإعادة الرهائن إلى الوطن.

وتقول الصحيفة إن إسرائيل لا تملك ترف التريث في قبول الصفقة، وتضيف أن الحكومة إذا رفضت هذا العرض، -بطرح مطالب جديدة تهدف إلى إفشال الصفقة ومواصلة الحرب- ، فهذا يعني شيئاً واحداً، أن الحكومة والشخص الذي يرأسها، قررا التخلي عن الرهائن، بأن يستمروا في معاناتهم أو يموتوا مأسورين، وفقا لهآرتس.

وطالبت الصحيفة عبر افتتاحيتها، الولايات المتحدة بالضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لقبول هذه الصفقة، مشيرةً إلى أن الأمريكيين يفهمون جيداً أن نتنياهو يربط مصيره السياسي باليمين المتطرف المهتم بمواصلة الحرب واحتلال قطاع غزة وتوطين اليهود فيه، ولو على حساب التخلي عن الرهائن.

كما طالبت الصحيفة أعضاء في مجلس الحرب بالتحرك أيضاً، حيث قالت إن الأميركيين ليسوا وحدهم من يجب أن يضغطوا باتجاه قبول الصفقة، مشيرة إلى عضو مجلس الحرب غادي آيزنكوت الذي قال في مقابلة مع القناة الإسرائيلية 12 إنه يؤيد الاستمرار في تنفيذ الاتفاق السابق على الرغم من انتهاك حماس للاتفاق.

وتضيف بأن التراجع عن تلك الصفقة كلف حياة العديد من الرهائن، ودمر حياة عائلاتهم وأحبائهم، مؤكدةً وجوب عدم التراجع هذه المرة، موجهة حديثها لآيزنكوت، وتضيف يجب عليه وبيني غانتس أن يقفا ويوضحا لنتنياهو ومجلس الوزراء الحربي والحكومة بأكملها أنهما لن يمدا يد المساعدة لمواصلة التخلي عن الرهائن.