كانت سارة بحاجة إلى بعض الشوكولاتة لذا دخلت إلى متجر محلي، "وفي أقل من دقيقة، اقترب مني عامل متجر وقال لي: "أنت لصة، عليك مغادرة المتجر".

اتُهمت سارة - التي طلبت عدم الكشف عن هويتها - بالخطأ بعد أن تم الإبلاغ عنها بواسطة نظام التعرف على الوجه المسمى فيس ووتش، أو Facewatch.

وقالت إنه بعد تفتيش حقيبتها، أخرجت من المتجر، وقيل لها إنها ممنوعة من دخول جميع المتاجر التي تستخدم هذه التكنولوجيا.

"كنت أبكي وأبكي طوال طريقي إلى المنزل، وفكرت: "هل ستعود حياتي كما كانت؟ سيُنظر إلي على أنني لصة، في حين أنني لم أسرق قط".

تنامي حوادث سرقة الهواتف في لندن، فكيف تحمي نفسك؟

بعد قرابة خمسين عاماً في بريطانيا، "أنت لست مواطناً"

وفي وقت لاحق راسل نظام فيس ووتش سارة وأقر بأنه ارتكب خطأً.

ويستخدم فيس ووتش في العديد من المتاجر في المملكة المتحدة - بما في ذلك بدجنز وسبورتس دايركت وكوست كاتر – للتعرف على سارقي المتاجر.

ورفضت الشركة التعليق على قضية سارة لبي بي سي، لكنها قالت إن تقنيتها ساعدت في منع الجريمة وحماية العاملين في الخطوط الأمامية، كما رفض المتجر التعليق.

ولا يقتصر الأمر على تجار التجزئة الذين يتجهون إلى التكنولوجيا، ففي يوم ماطر في منطقة بيثنال جرين، شرق لندن، انضممنا إلى الشرطة عندما أوقفوا شاحنة بيضاء بعد تعديل شكلها في شارع رئيسي.

التقطت الكاميرات المثبتة على سطح الشاحنة آلاف الصور لوجوه الناس.

وفي حال مطابقة الأشخاص المدرجين في قائمة مراقبة الشرطة، فسيتحدث الضباط معهم وربما يعتقلونهم.

وتشبه إشارات التكنولوجيا للتعرف على الوجوه ما يحدث عند الشراء من السوبر ماركت - حيث يصبح وجهك مثل الشفرة الرقمية (باركود) يتم مسحها عبر الكاميرات.

شاحنة بيضاء للتعرف على الوجوه تابعة للشرطة البريطانية
BBC

في اليوم الذي كنا نصور فيه، قالت شرطة العاصمة إنها قامت باعتقال ستة أشخاص بمساعدة التكنولوجيا، من بين ذلك شخصين انتهكوا شروط أوامر منع الأذى الجنسي، ورجل مطلوب لإيذاء جسدي خطير وشخص مطلوب بتهمة الاعتداء على ضابط شرطة.

وقال ليندسي تشيسويك، مدير الاستخبارات في شرطة العاصمة، لبي بي سي إن سرعة التكنولوجيا كانت مفيدة للغاية.

"تستغرق التكنولوجيا أقل من ثانية لإنشاء صورة بيومترية (نظام إلكتروني يعتمد على الخصائص البيولوجية لدى كل إنسان) لوجه الشخص وتقييمها مقابل قائمة المراقبة المخصصة وحذفها تلقائيًا في حالة عدم وجود تطابق."

وتحدثت بي بي سي مع العديد من الأشخاص الذين اتصلت بهم الشرطة وأكدوا أن النظام تعرف عليهم بشكل صحيح، واعتقل 192 شخصًا حتى الآن هذا العام نتيجة لذلك.

وأبدت جماعات الحرية المدنية قلقها من نظام التعرف على الوجه بسبب عدم التأكد من دقته بشكل كامل، مشيرة إلى حالات مثل حالة شون تومسون.

لم يفكر تومسون، الذي يعمل في مجموعة Streetfathers للدفاع عن الشباب، في الأمر كثيرًا عندما سار بجوار شاحنة بيضاء بالقرب من جسر لندن في فبراير.

لكن في غضون ثوانٍ قليلة، اقتربت منه الشرطة وأخبرته أنه رجل مطلوب.

"عندها تلقيت دفعة على كتفي قائلةً في ذلك الوقت إنني مطلوب".

وطُلب منه أخذ بصمات الأصابع واحتجز لمدة 20 دقيقة، ويقول تومسون إنه لم يُطلق سراحه إلا بعد تسليم نسخة من جواز سفره.

شون تومسون
BBC

لكن ما حدث كان حالة خطأ في الهوية.

وقال تومسون: "لقد شعرت بتدخلهم واقتحامهم لحياتي ... لقد عوملت بالذنب حتى ثبت براءتي".

وعلمت بي بي سي أن الخطأ ربما كان بسبب تشابه عائلي، ورفضت شرطة العاصمة التعليق.

"التشكيلة الرقمية"

قامت سيلكي كارلو، مديرة Big Brother Watch، بتصوير الشرطة في العديد من عملياتهم التي استخدموا خلالها نظام التعرف على الوجه عبر الكاميرات، ولقد كانت هناك في الليلة التي ألقت فيها الشرطة القبض على شون تومسون.

وتقول: "تجربتي، في مراقبة التعرف المباشر على الوجه لسنوات عديدة، هي أن معظم الناس لا يعرفون حقًا ما هو التعرف المباشر على الوجه".

وتقول إن وجه أي شخص يتم مسحه ضوئيًا يصبح جزء يضاف إلى قائمة الشرطة في النظام الرقمي للتعرف على الوجه.

"إذا أطلقوا إنذارًا، فستأتي الشرطة، وربما تعتقلهم وتستجوبهم وتطلب منهم إثبات براءتهم"، في وقت يتزايد استخدام الشرطة لنظام التعرف على الوجه.

بين عامي 2020 و2022، استخدمت شرطة العاصمة تقنية التعرف المباشر على الوجه تسع مرات، وفي العام التالي كان الرقم 23، وفي عام 2024، تم استخدامه 67 مرة، وبالتالي فإن الاتجاه واضح.

وتقول شرطة العاصمة إن هناك خطأ واحدا فقط من بين كل 33 ألف شخص يمرون أمام كاميراتها.

لكن عدد الأخطاء يكون أعلى بكثير بمجرد الإبلاغ عن شخص ما بالفعل، واحد من كل 40 تنبيهًا حتى الآن هذا العام أعطى إشارة إيجابية بأن الشخص مطلوب ولكن كان ذلك خاطئا.

ويعتقد مايكل بيرتويسل، رئيس قسم الأبحاث في مجموعة أبحاث معهد أدا لوفليس، أن هذه التكنولوجيا جديدة للغاية لدرجة أن القوانين لم يتم تطبيقها بعد.

ويقول: "أعتقد أن الأمر أصبح أشبه بما يحدث في البرية الغربية (عشوائية وعدم وضوح) في الوقت الحالي، وهذا ما يخلق حالة من عدم اليقين القانوني بشأن ما إذا كانت الاستخدامات الحالية غير قانونية أم لا".

وفي بيثنال جرين، على الرغم من أن بعض الأشخاص الذين تحدثت إليهم بي بي سي كانوا قلقين بشأن استخدام التكنولوجيا، إلا أن الأغلبية كانت داعمة لها - إذا ساعدت في معالجة الجريمة.

وهذا يقودنا إلى سؤال آخر حول التكنولوجيا: هل ستساعد على المدى الطويل؟

مع اعتياد الناس على رؤية شاحنات بيضاء متوقفة في الشوارع الرئيسية المزدحمة، هل سيتعامل الأشخاص الذين يعرفون أنهم مطلوبون من قبل الشرطة بحكمة مع الكاميرات ويتجنبونها؟ هل سيخفي سارقو المتاجر وجوههم؟

وتقول سيلكي كارلو، مديرة Big Brother Watch إن المجتمع يحتاج إلى الحذر من أن يصبح التعرف على الوجه أمرًا طبيعيًا.

"بمجرد أن تقول الشرطة إن هذا أمر جيد، فهذا شيء يمكننا القيام به بشكل روتيني، فلماذا لا نضعه في شبكات الكاميرات الثابتة؟"

وهذا هو "المستقبل البائس" الذي يخشاه الناشطون في مجال الحرية المدنية ــ دولة المراقبة الجماعية على الطريقة الصينية.

يرفض المؤيدون مثل هذه التوقعات الرهيبة باعتبارها مبالغ فيها.

ومن الواضح أيضًا أن هناك الكثير من الناس على استعداد لتحمل إجراء مسح لوجوههم – إذا كان ذلك يعني شوارع أكثر أمانًا.