إيلاف من لندن: نشرت وكالة بلومبرغ تقريرًا بقلم مارك شامبيون، يتناول الانتصار الأولي للمعارضة الإيرانية في الانتخابات والاستعدادات للجولة الثانية المرتقبة لتحديد الفائز النهائي، فيما نشب سجال بين المرشحين الإصلاحي مسعود بيزشكيان والمحافظ المتشدد سعيد جليلي، خلال المناظرة النهائية التي استمرت أكثر من ساعتين ونصف الساعة، بشأن طرق انتشال البلاد من التضخم وأهمية رفع العقوبات الغربية. واستعرض المرشحان المتأهلان إلى الجولة الثانية من الدورة الـ14 للانتخابات الرئاسية الإيرانية خططهما خلال المناظرة، وذلك قبل بدء الاقتراع الجمعة 5 تموز (يوليو) الجاري.

بلومبرغ: خاسر كل من شارك في الانتخابات
وأشار تقرير وكالة بلومبرغ إلى أن إيران تشهد منافسة شرسة على خلافة الرئيس إبراهيم رئيسي، الذي توفي في حادث تحطم مروحية في مايو الماضي. وأوضح أن مجلس صيانة الدستور التابع للمرشد الأعلى علي خامنئي، المسؤول عن تنظيم الانتخابات، سمح بترشح مصلح من النظام بهدف تعزيز الإقبال على التصويت.
تفسر الوكالة أن هذا "المصلح" ليس من قادة المعارضة الذين يقبعون في السجون أو تحت الإقامة الجبرية، بل هو مسعود بزشكيان، الجراح القلبي السابق ووزير الصحة والتعليم الطبي السابق في عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي. كان بزشكيان قد مُنع من الترشح ضد رئيسي في انتخابات 2021.

ووعد بزشكيان في حملته الانتخابية بتطبيق قوانين الحجاب بطرق أكثر إنسانية، والسعي إلى إصلاح العلاقات مع الغرب كوسيلة لتحسين الاقتصاد المتدهور، والعودة إلى المفاوضات النووية لتحقيق هذا الهدف.

في الجولة الأولى من التصويت التي جرت يوم الجمعة، حصل بزشكيان على 44.36% من الأصوات، مقابل 40.35% لمنافسه المحافظ المتشدد سعيد جليلي. فيما حصل محمد باقر قاليباف، المحافظ الأكثر براغماتية والذي يُعتبر مفضلًا لدى الحرس الثوري الإسلامي، على 14.4%.

ومع ذلك، كان الرقم الأبرز هو نسبة المشاركة التي بلغت 39.93%، بانخفاض ثماني نقاط مئوية عن انتخابات 2021. وأشار التقرير إلى تصريح علي فايز، مدير مجموعة الأزمات الدولية في إيران، الذي قال: "كل من شارك في الانتخابات كان خاسرًا".

ورغم أن الانتخابات الإيرانية قد تبدو كخدعة، إلا أنها تظل تؤثر على السياسات. فقد اتخذ الرئيسان الأسبق محمد خاتمي والحالي حسن روحاني قرارات مختلفة بشأن تطبيق قوانين الحجاب والتعامل مع الغرب، مقارنةً بالرؤساء الأكثر محافظة مثل رئيسي وأحمدي نجاد.

بالنسبة للإيرانيين الذين سيقررون المشاركة في الجولة الثانية من التصويت في الخامس من يوليو، سيقتصر الخيار على تحسين طفيف في وضعهم أو البقاء في العزلة السياسية مع الأمل في تغيير النظام، وهو ما يحمل معه احتمالات الفوضى والتجديد.

ويختم الكاتب بالقول إنه إذا استمر الناخبون في الابتعاد عن صناديق الاقتراع، فمن المرجح أن يفوز جليلي، حيث سيحصل على معظم أصوات قاليباف.

جليلي يهاجم بيزشكيان: أرقامك خاطئة
تصاعدت الانتقادات بين المرشحين حين اتهم جليلي بيزشكيان بتقديم تنازلات دون جدوى في معالجة العقوبات الاقتصادية. دافع جليلي بشدة عن السياسة الخارجية للرئيس الراحل رئيسي، مؤكدًا على أهمية توسيع العلاقات مع الجيران والدول الإفريقية والآسيوية لتحييد العقوبات. قال جليلي: "تدين الدول الغربية بالكثير لإيران فيما يتعلق بالعقوبات وخطة العمل الشاملة المشتركة"، مشددًا على ضرورة استراتيجية قوية لمواجهة العقوبات.
وقال جليلي: "تدين الدول الغربية بالكثير لإيران عندما يتعلق الأمر بالعقوبات وخطة العمل الشاملة المشتركة"، مشددًا على أن حكومته "ستجبر الدول الغربية المتنمرة على رفع العقوبات بنفسها من خلال تحييد تأثير إجراءاتهم". وأضاف أن التصدي للحظر والعمل على إفشاله يتطلب استراتيجية قوية.

وفيما يتعلق بالاتفاق النووي، انتقد جليلي مقاربة بيزشكيان، قائلاً: "ليس من الصواب أن ننفذ التزاماتنا بينما لا ينفذ الطرف الآخر التزاماته، بل ويطلب منا في الوقت ذاته تقديم المزيد من التنازلات". وأوضح أن الاستمرار في تقديم التنازلات دون الحصول على نتائج ملموسة يعكس ضعفاً في القيادة.
وتوجه جليلي مباشرة إلى بيزشكيان، قائلاً: "أنت لا تقدم أي حل للعقوبات. حلك الوحيد هو تقديم المزيد من التنازلات. لقد قدمت كل التنازلات ولم تحصل على شيء في المقابل، وما زلت لم تقدم حلاً".

بيزشكيان يدعو لإصلاحات اقتصادية
رد بيزشكيان بانتقاد برامج جليلي، متسائلاً عن عدم تنفيذ هذه الحلول خلال حكومة رئيسي. أكد بيزشكيان على ضرورة عدم تدخل الحكومة في الاقتصاد والبورصة، مشيرًا إلى أهمية تحرير سعر العملة الأجنبية وتوفير العملة الصعبة للسلع الأساسية والدواء. وتساءل بيزشكيان: "لماذا لم تنفذوا هذه الخطط والحلول التي تتحدث عنها خلال حكومة رئيسي؟ نحن ضد تدخل الحكومة في الاقتصاد وفي الإنتاج وفي البورصة. سنعيد الهدوء والاستقرار إلى البورصة من خلال عدم وضع القوانين الآنية. سنستفيد من الخبراء المعنيين ونستعين بهم لتحقيق أهدافنا الاقتصادية".
وأشار بيزشكيان إلى أن التضخم في حكومة رئيسي تجاوز الـ 40% كحد أدنى، معتبراً أنه الأسوأ إطلاقاً. وأضاف: "لكي تزدهر بلادنا علينا تعزيز علاقاتنا أولاً مع دول المنطقة ومن ثم مع العالم".
وأكد على ضرورة تحرير سعر العملة الأجنبية لتوحيد سعرها بين السوقين السوداء والمدعوم من الدولة، مضيفًا: "علينا توفير العملة الصعبة للسلع الأساسية والدواء والغذاء، فيما تقوم السوق الحرة بتنظيم نفسها ولا داعي لتدخل الحكومة. ما يجب أن نتدخل فيه ولا نترك الناس يواجهون مشاكل هو دعم الدواء والسلع الأساسية".

كما اعتبر بيزشكيان أن قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني يمثل "فخراً وطنياً" وشدد على التزامه بتنفيذ السياسات العامة لقائد الثورة. وفيما يتعلق بالاتفاق النووي، أكد بيزشكيان على ضرورة التزام الأطراف الغربية بتعهداتها أولاً. وقال: "أنا أعتبره شوكة في عين الأعداء، فهو نموذج يمكن أن يقتدي به شبابنا ويسيرون على طريقه. نستطيع برؤيته أن نحل الكثير من مشاكل البلاد".

وأوردت وكالة "إرنا" للأنباء أن بيزشكيان شدد على التزامه بتنفيذ السياسات العامة لقائد الثورة، قائلاً: "قلنا منذ البداية أننا ننفذ السياسات العامة لقائد الثورة ولا يمكن عدم تطبيق ما هو قانون".
وفيما يتعلق بالاتفاق النووي، قال بيزشكيان: "قانون مجلس الشورى الإسلامي نص على أن تنفذ الأطراف الغربية جميع التزاماتها أولاً، ومن ثم نعود نحن إلى الاتفاق النووي. لتصحيح هذه المسألة، يجب أن نتعاون مع البرلمان لإيجاد حل لهذا الأمر". وأضاف: "لا ينبغي لنا أن ندخل في المفاوضات بخيار واحد فقط، لأن ذلك قد يؤدي إلى الفشل، والسياسة الناجحة هي أن تكون لديك عدة خيارات في متناول اليد".