في جولة الصحف لليوم نطالع مقالا في الغارديان البريطانية يُعبر عن "مخاوف" من أن يصل عدد الضحايا في غزة إلى 186 ألف شخص، و في هآرتس مقالاً يحذر إسرائيل من "المُحاسبة" بسبب ارتكاب "جرائم حرب" ضد الفلسطينيين، أما الشرق الأوسط فتتساءل لماذا يردد البعض الخطابات الثورية في الخليج؟
نبدأ من الغارديان البريطانية التي نشرت مقالا يتحدث عن ضحايا الحرب الدائرة في غزة حاليا من الفلسطينيين، ومخاوف من أن يصل عدد القتلى إلى 186 ألف شخص.
وتحدثت الكاتبة منى شلبي، في مقالها الذي جاء بعنوان، "لماذا يخشى الباحثون أن يصل عدد القتلى في غزة إلى 186 ألفا؟"، عن أن الحرب لا تقتل الناس فقط بالعنف المباشر، بل إن سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية والظروف غير الصحية تأتي بعد ذلك كأسباب للقتل.
وأوضحت الكاتبة أنه حتى لو توقفت حملة القصف الإسرائيلية، فمن المتوقع أن ترتفع حصيلة القتلى في غزة، وتزعم رسالة نشرت في المجلة الطبية "لانسيت" أن الرقم النهائي قد يصل في النهاية إلى نحو 186 ألف قتيل. وتوضح الرسالة، التي كتبها علماء يعملون على وضع نماذج لكيفية تأثير الحرب على الصحة، أهمية الإحصاء الدقيق وهو أمر صعب تحقيقه أيضا.
وتشير الكاتبة إلى أنه خلال الأشهر التسعة الماضية، شنت القوات الإسرائيلية حملة عسكرية مكثفة أسفرت عن مقتل نحو 38 ألف شخص في غزة، وفقا لوزارة الصحة في غزة. وبمرور الوقت، أصبح من الصعب تقييم هذه الأرقام (التي اعترفت بها الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية)، ويُعتقد أن عشرة آلاف شخص آخرين دُفنوا تحت الأنقاض في غزة، ولم يتم إحصاؤهم بين القتلى.
ولفتت إلى أن حصيلة القتل ستتوقف لو تم الإعلان عن وقف إطلاق النار الدائم اليوم، لكنها أشارت إلى أن الحرب لا تقتل الناس فقط من خلال العنف المباشر.
فخلال السنوات الأخيرة، بدأ علماء الأوبئة الذين يدرسون انتشار الأمراض أثناء الصراعات المسلحة في إحصاء ما يسمونه الخسائر غير المباشرة للحرب، وتنجم الوفيات بسبب عوامل مختلفة منها سوء التغذية، ونقص الأدوية، وظروف المعيشة غير الصحية.
وبحسب الكاتبة فإن عدد ضحايا العوامل غير المباشرة غالبا ما يتجاوز الخسائر المباشرة إلى حد كبير. وبحسب إحصاءات من حالات سابقة فإنه مقابل كل قتيل بسبب الحرب المباشرة يكون هناك أربعة قتلى جراء الظروف غير المباشرة التي تتسبب فيها الحرب، تقول شلبي.
وقال أحد المشاركين في رسالة لانسيت للكاتبة، ويدعى سليم يوسف، مدير معهد أبحاث الصحة السكانية في جامعة ماكماستر في كندا، إنه في بداية الحرب كانت النسبة أربع وفيات غير مباشرة مقابل كل وفاة مباشرة، لكنه الآن قلق من أن الإجمالي النهائي قد يكون أعلى من ذلك بكثير.
لكن مع هذا اعتمدت المسودة التحليلة على النسبة السابقة، وبحسب التحليل فإن نسبة أربعة إلى واحد قد تعني ارتفاع الوفيات في غزة إلى 186 ألف وفاة، أي حوالي 8 في المئة من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
وقالت رشال الخطيب، مشاركة في الرسالة وخبيرة الأوبئة السريرية في معهد أبحاث أورورا في ويسكونسن، أن هذه الأرقام يجب أن تُعامل باعتبارها تقديرات تقريبية للغاية، وليست تنبؤات قوية.
"تحذير: إسرائيل ستُحاكم في النهاية بسبب ارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين"
إلى صحيفة هآرتس، حيث حذر رئيس وزراء إسرائيل السابق إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، من أنه لن يجد من يدافع عنه وعن قادة إسرائيل الآخرين أمام الاتهامات التي تلاحقهم بارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين، وأن مذكرة الاتهام ستصدر ضدهم في النهاية.
وقال أولمرت في مقال كتبه بصحيفة هآرتس الإسرائيلية، بعنوان "تحذير: إسرائيل لن تملك أي دفاع عند اتهامها بارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين"، سيتم إصدار "أوامر اعتقال ضد الزعماء السياسيين والقادة العسكريين في إسرائيل"، لكن دولة إسرائيل نفسها هي التي ستخضع للمحاكمة في النهاية.
وأعرب رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق عن شعوره بالحزن، عندما يسمع من بعض عائلات المختطفين لدى حماس أو بعض عائلات الجنود القتلى في غزة، أنهم لا يريدون إتمام صفقة تبادل الرهائن مع حماس.
رغم أن الرهائن قد يموتون، كما أن مصيرهم غير واضح، وسلامتهم العقلية وقدرتهم على الصمود النفسي تخضع لاختبار قاس، لكن هذه العائلات تريد تحقيق النصر الكامل، وتدمير حماس وتدمير غزة، وهو ما قد يؤدي إلى الموت المحتم للعديد من الرهائن، فضلا عن موت الفلسطينيين الذين لا علاقة لهم "بإرهاب حماس" حسب أولمرت.
ورصد أولمرت في مقاله أن هناك في إسرائيل من يبرر استمرار القتال في غزة ويدعو إلى توسيع الحرب في الشمال (مع حزب الله في لبنان)، حتى يتمكنوا من مواصلة أعمال التدمير والإبادة في الضفة الغربية.
وقال صراحة إن هدفهم تحقيق الحلم الأكبر المتمثل في "تحرير أجزاء من أرض إسرائيل وطرد الفلسطينيين، تمهيدا لضم جميع الأراضي وتحويل إسرائيل إلى دولة فصل عنصري سيتم مقاطعتها ونبذها من جانب العالم أجمع".
الصفقة بين إسرائيل وحماس، شروط نتنياهو تدفع نحو التعثر أكثر من الاتفاق
"تشكُّل حركة قوية مناهضة للحرب في إسرائيل أمر ممكن"- الغارديان
كما نقل أولمرت أيضا شهادة رئيس القيادة المركزية المنتهية ولايته، الجنرال يهودا فوكس، عن ارتكاب عدد كبير من المستوطنين جرائم بحق الفلسطينيين، والتي قال فيها "إنهم يهاجمون ويدمرون ويخربون ويحرقون ويقتلون الأبرياء، حتى أنهم يهاجمون الجنود الإسرائيليين الذين لا يساعدونهم في هذا".
وانتقد أولمرت بعض رجال الشرطة الذين يتغاضون عن الجرائم التي يرتبكها المستوطنون، وتساءل في المقال عن "كم من هؤلاء مثيري الشغب يتم اعتقالهم؟ وكم منهم يتم محاكمتهم؟ وكم منهم يتم معاقبتهم؟"
وأوضح أن كل هذا ما كان ليحدث بدون الإلهام والدعم الذي قدمه كبار قادة البلاد، ومنهم إيتمار بن غفير، ووصفه بأنه "يسيطر على الحكومة مثل البلطجي العنيف"، ومعه بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، وهما يدعمان الاستيطان في قطاع غزة وجنوب لبنان.
وقال إنهم "من أجل هذا الهدف الوهمي"، يشجعون حربا شاملة في الشمال، وهو أمر غير ضروري وغير مبرر، وأضاف أنه بدلا من ذلك، "نحتاج إلى التوصل إلى اتفاق مع الحكومة اللبنانية، للموافقة على تعديلات حدودية طفيفة، لا تضر بأي ممتلكات يهودية تاريخية، ولا تشكل تهديدا أمنيا حقيقيا لإسرائيل".
وأصدر تحذيرا "قويا" إلى قادة إسرائيل الآن، قال فيه "أحذركم من أن اليوم الذي ستصدر فيه أوامر الاعتقال ضدكم يقترب بسبب الجرائم التي ترتكبها إسرائيل كل يوم في الضفة الغربية، بدعم من الحكومة، التي تتغاضى عنها عمدا".
وتابع موجها كلامه إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، "عندما توجه هذه الاتهامات إليك، سيدي رئيس الوزراء، لن نجد بيننا، أو في الساحة الدولية الداعمة لنا، شخصاً واحداً ذا ضمير، يستطيع أن يدافع عنك".
وأضاف: "كما أحذر وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي ستصدر بحقه مذكرة اعتقال أيضا، إنه مسؤول عن الأمن، يمكنه التحرك ومعارضة السياسات المتهورة لنتنياهو وسموتريتش".
ثوريون في الخليج
نشرت صحيفة الشرق الأوسط، التي تصدر من لندن مقالا للكاتب ممدوح المهيني، طرح فيه عدة تساؤلات عن، لماذا يردد البعض الخطابات الثورية في الخليج؟ وما الهدف من تجييش الناس (مقيمين ومواطنين) في دول الخليج لترديد الشعارات الثورية؟
وفي إجابته عن هذه التساؤلات أوضح الكاتب أنه من حق أي شخص أن يقول ما يريد، ولكن من المهم أيضا أن "نفهم هذه الظاهرة وننتقدها".
ووصف دول الخليج بأنها "الجوهرة الباقية في متجر محطم"، وسر نجاحها أنها استمعت إلى نصائح الثوريين وتجاهلتها تماما، "واستبعدت الخطاب الثوري العاطفي واعتمدت الخطاب الواقعي العقلاني"، حتى في أصعب الظروف وأحلك الأزمات وفي ذروة التحريض عليها وابتزازها ووصفها بأنها (العميلة للغرب... المتواطئة معه) بهدف تغيير نهجها السياسي.
وعن محركات الخطاب الثوري، قال إن الحكومات الثورية تهاجم الغرب والاستعمار والإمبريالية لهدفين: الأول، تعزيز شرعيتها داخليا لأن هذا الخطاب الشعبوي يحرك الغرائز ويخدع الناس. الهدف الآخر: تحويل الأنظار عن المشاكل الداخلية وتصديرها للخارج.
كما أشار إلى أن "استخدام الدين أيضا ورقة رابحة" في لعبة "التجييش والتحريض والتثوير". حكومات استخدمت المتطرفين حتى يسبغوا عليها الشرعية ويقدموها بدور المدافع عن الإسلام والمقدسات. ومهما كان الوضع الداخلي متردياً، يكفي أن يُرفع شعار الدين حتى ينتهي الحوار وترفع الجلسة، حسب الكاتب.
وقال إن دول الخليج "تكتسب شرعيتها من ذاتها"، حيث يلتف المجتمع على قيادتها لأسباب تاريخيّة واجتماعية ومن نجاحها الاقتصادي.
وانتقد من أسماهم بالمتطرفين، الذين يحاولون أن يخلقوا من كل أزمة لا علاقة لدول الخليج بها (مثلما يحدث في غزة حالياً) ذريعة للهجوم عليها بهدف إسقاطها، بعد أن فشلت في دفعها لتغيير نهجها العقلاني، وهو الانفتاح على العالم والاندماج فيه.
ووصف ما يفعله الثوريون في الخليج بأنها محاولات "تعزيز ثقافة التذمر ولوم الآخرين وتخوينهم"، ونشر الفكر المؤامراتي والطروحات المنبرية، على حد وصفه.
التعليقات