لم يمرّ شهر على قصة السجين الفلسطيني المحرر بدر دحلان، الذي انتشرت صوره بعد خروجه من السجون الإسرائيلية، وهو جاحظ العينين في ذهول وتظهر عليه آثار الاضطراب النفسي، حتى أخذتْ صور جديدة لمحرَّر فلسطيني جديد وهو في حالة صحية سيئة، خرج من السجون الإسرائيلية تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

الناشطون هذه المرة تداولوا صورا ومقاطع فيديو وصفوها بالـ"مروّعة" لمعزّز عبيات، الثلاثينيّ الفلسطيني، الذي أُفرج عنه يوم الثلاثاء من سجن النقب جنوبي إسرائيل، بعد قضاء تسعة أشهر رهن الاعتقال الإداري.

في أحد مقاطع الفيديو المتداولة يقول معزز في عبارات قصيرة: "إخواني يموتون في سجن النقب، ثلاثة آلاف سجين، كل ليلة يضربوننا، لا يطعموننا، لا مياه، لا استحمام، كل شيء لا يتصوره العقل".

وادّعى معزز أنه تعرّض لتعذيب شديد داخل سجن عوفر غربي مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة.

وفي سجن عوفر، زعم معزز أيضاً أنه شاهد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، في الرابع من ديسمبر/كانون الأول، وقال إنه "دهس على جسده" الذي بدا هزيلا في مقطع الفيديو، وعليه آثار تعذيب.

وكان معزز يمارس الرياضة بانتظام قبل سجنه وكان وزنه يناهز المئة كيلوغرام.

وأشار ناشطو وسائل التواصل الاجتماعي إلى "قسوة الظروف التي يعيشها الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية" من خلال المقارنة بين صور لمعزز عبيات قبل السجن وبعده.

وتداول عدد من النشطاء فيديو آخر لمعزز أثناء وجوده في المستشفى، حيث يظهر الفيديو أنه يجد صعوبة في التعرف على عدد من أقاربه.

لكن ناشطين آخرين لم يكتفوا بالمقارنة بين معزز قبل السجن ومعزز بعد السجن، فعمدوا إلى توسيع وجه المقارنة لتكنْ هذه المرة بين الفلسطينيين المحررين من السجون الإسرائيلية من جهة، والإسرائيليين المحررين من أيدي حركة حماس في غزة من جهة أخرى.

فيما تفاعل البعض الآخر مع حديث معزز حول معاناة السجناء من شدة الجوع والعطش.

"هناك المئات من السجناء حالتهم تشبه معزز عبيات"

وقال معزز لوسائل الإعلام، إنه لم يزُر قطاع غزة أبداً، فقد وُلد ونشأ وعاش في الضفة الغربية بمدينة لحم، حيث كان يعمل قصّابا.

وقال مدير جمعية الأسرى في بيت لحم، محمد حميدة، إن معزز "دخل في صدمة"، مؤكدا أنه في حالة "صعبة جدا".

ويقول الأطباء في مستشفى ببيت لحم، إنهم لا يزالون يحاولون تشخيص حالة معزز.

وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله زغاري إن السلطات الإسرائيلية تضع قيودا على الدخول إلى السجون أمام منظمات حقوق الإنسان ومن بينها الصليب الأحمر، ما يعني أنه لا معلومات متوفرة عن أوضاع السجناء الفلسطينيين".

وأضاف زغاري، لصحيفة ميدل إيست آي: "هناك المئات من السجناء حالتهم تشبه معزز عبيات".

لكن متحدثا باسم مصلحة السجون الإسرائيلية قال إن "كل السجناء محتجزون طبقا للقانون، وإنهم يحصلون على كل حقوقهم الأساسية".

وفي إشارة إلى معزز عبيات، قال المتحدث الإسرائيلي للوكالة الفرنسية للأنباء: "هذا السجين كان يتلقى أثناء احتجازه فحصاً وعلاجا بأيدي مجموعة من أمهر أطباء مصلحة السجون الإسرائيلية".

وقال المتحدث أيضا إن معزز عبيات يمكنه أن يتقدم بشكوى إذا كان يرغب في ذلك.

وكان معزز معتقلا إداريا، لم توجّه إليه اتهامات على مدى تسعة أشهر من الاحتجاز، وبموجب القانون الإسرائيلي، يحق للحاكم العسكري المحلي احتجاز الأشخاص دون أن يوجه إليهم اتهامات في حال الاعتقال الإداري.

وبحسب منظمة "هموكيد" الإسرائيلية الحقوقية، فإن ثمة أكثر من 3,500 معتقل إداري من إجمالي تسعة آلاف فلسطيني يقبعون الآن في السجون الإسرائيلية.

وتضيف هموكيد على موقعها الإلكتروني بأن كثيرين من هؤلاء المعتقلين الفلسطينيين هم من الضفة الغربية مثل معزز عبيات.

وقد شهد هذا العدد ارتفاعا حاداً منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي في قطاع غزة.

وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، تحتجز إسرائيل في سجونها نحو 3,800 معتقل إداري فلسطيني - لم توجه إليهم اتهامات ولم يخضعوا لمحاكمات - بينهم 80 امرأة و250 طفلا.

وفي تحقيق سابق أجرته بي بي سي حول معتقل "سدي تيمان" جنوبي إسرائيل، قال الجيش الإسرائيلي والنيابة العامة العسكرية إنهم يحققون في شبهات عديدة "لانتهاك قوانين الاعتقال" داخل السجون الإسرائيلية.