وصف مسؤول كبير سابق في الشرطة البريطانية أعمال الشغب، التي تشهدها البلاد، بأنها "تجاوزت الحدود لتدخل في دائرة الإرهاب".
وقال نيل باسو، الذي كان مديرا لجهاز مكافحة الإرهاب من 2018 إلى 2021، إنه يأمل أن ينتبه المسؤولون إلى هذه المسألة "وينظروا إليها عن كثب".
وذكر في حديث لبي بي سي أنه شاهد "أعمال عنف خطيرة تهدف إلى ترهيب فئة معينة من المجتمع".
وأضاف باسو أنه "يتعين على المسؤولين التدقيق في المعنى القانوني للإرهاب"، عندما يتعاملون مع بعض أعمال العنف، التي وقعت الأسبوع الماضي.
ونبه إلى أن أعمال العنف اندلعت بسبب "أخبار كاذبة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي"، مشيرا إلى أنه "يتعين علينا أن نفعل شيئا بهذا الشأن".
وفي ذلك إشارة إلى المتطرف المدان في قضايا جنائية، ستيفن ياكسلي لينون، المعروف باسم، تومي روبنسون، الذي نشر في نهاية الأسبوع سلسة من التعليقات التحريضية للآلاف من متابعيه على موقع إكس، من منتجع سياحي في قبرص.
وكان روبنسون محظورا على موقع تويتربسبب منشوراته التي تحرض على العنصرية والكراهية، لكن مالك الموقع أعاد له حسابه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأثار ماسك نفسه قلق الحكومة البريطانية عندما نشر تعليقا على حسابه يقول فيه إن "الحرب الأهلية حتمية في بريطانيا".
وعبرت مساعدة وزيرة العدل، هيدي ألكسندر، عن استنكارها لتعليق ماسك، مضيفة أنه "يتحمل هو نفسه بعض المسؤولية فيما يجري بحكم امتلاكه للموقع".
وعقد رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، الاثنين اجتماع أزمة، وتعهد بفرض "عقوبات جنائية سريعة" على الضالعين في أعمال الشغب التي شهدتها البلاد نهاية الأسبوع.
فقد هاجمت مجموعات من اليمينيين المتطرفين، في العديد من المدن، المساجد والفنادق، التي تؤوي طالبي اللجوء، وأضرموا النار فيها. ورشقوا الشرطة بالحجارة.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور فيديو لمجموعة من المتطرفين في وسط مدينة هال، شمال شرقي انجلترا، وهم يهاجمون سيارة بي أم دبليو يقودها رجل من أصول آسيوية، مرددين شعارات عنصرية.
وفي مدينة بلفاست، عاصمة أيرلندا الشمالية، نُقل رجل، في الثلاثين من العمر، إلى المستشفى مصابا بجروح خطيرة بعدما اعتدت عليه مجموعة من المتطرفين. وقالت الشرطة إنها تتعامل مع الحادث على أنه جريمة بدوافع عنصرية.
واعتقلت الشرطة نحو 400 شخص منذ اندلاع أعمال الشغب. وقال مدير الشرطة، غافن ستيفنس، إن العدد مرشح للارتفاع يوميا، ما دامت التحقيقات متواصلة لتحديد هوية مثيري الشغب والضالعين في أعمال العنف.
وشدد رئيس الوزراء من لهجته تجاه من سماهم "بقطاع الطرق اليمينيين"، وتوعدهم بالملاحقة القانونية والعقاب الصارم في أقرب وقت.
وقال في مؤتمر صحفي إن أولويته الآن هي "وضع حد للفوضى"، و"الإسراع في تسليط العقوبات الجنائية" على الضالعين فيها.
وتوجه ستارمر إلى الضالعين في أعمال الشغب بالقول: "ستندمون على المشاركة في هذه الاضطرابات، سواء مباشرة أو بتأجيجها على الانترنت".
كيف بدأت أعمل الشغب
اندلعت أعمال الشغب بعد حادث طعن يوم 29 يوليو/تموز، قتلت فيه ثلاث فتيات هن: بيبي كينغ، عمرها ست سنوات، وإيلسي دوت ستاكومب، عمرها سبع سنوات، وأليس داسيلفا أغويار، في مدرسة للرقص، بمدينة ساوثبورت. وأصيب في الحادث أيضا أطفال وبالغون بجروح خطيرة.
وذكرت الشرطة أن المشتبه فيه قاصر مولود في مدينة كارديف. وقبل أن تشكف السلطات عن اسم المتهم، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أخبار كاذبة تزعم أنه لاجئ مسلم وصل إلى بريطانيا على متن القوارب غير الشرعية.
وحرضت هذه المنشورات الكاذبة أنصار اليمين المتطرف على التحرك، فاحتشدوا في عدد من المدن مرددين شعارات معادية للمسلمين والمهارجين. وتشكلت أيضا احتجاجات مناهضة لليمين المتطرف، فوقعت مواجهات بين الطرفين، ومع الشرطة.
وسُجلت أعمال شغب في لندن ومانشستر، وهارتبول وليفربول وبلاكبول وهال، وستوك وليدز، ونوتنغهام وبريستول، وساندرلاند وميدلسبره، وبرمنغهام، وفي بلفاست بأيرلندا الشمالية، استهدفت مسلمين وطالبي اللجوء.
ويعتقد المراقبون أن تصاعد الخطاب المناهض للهجرة بين الطبقة السياسية في السنوات الأخيرة، وفي وسائل الإعلام، هو الذي سوغ لليمين المتطرف اللجوء إلى أعمال العنف والشغب، للتعبير عن موقفه المعادي للمسلمين والمهاجرين.
وحقق حزب الإصلاح المناهض للهجرة نتيجة تاريخية في الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي، إذ حصل على 14 في المئة من أصوات الناخبين. وأصبح زعيمه نايجل فراج، لأول مرة، نائبا في مجلس العموم، رفقة أربعة نواب آخرين من الحزب.
وأصبحت قضية الهجرة، والهجرة غير الشرعية تحديدا، موضوعا شائكا في السياسة البريطانية في السنوات الأخيرة. فالبلاد تشهد وصول عشرات الآلاف من المهاجرين إلى شواطئها كل عام، على متن الزوارق من فرنسا عبر بحر المانش.
ووعدت حكومات حزب المحافظين المتعاقبة بوقف وصول زوارق المهاجرين، من خلال ملاحقة عصابات تهريب البشر بالتعاون مع فرنسا تارة، وعن طريق محاولة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا مرة أخرى، لكنها لم تتمكن من حل المشكلة.
ومن بين ما يحتج عليه المتظاهرون من اليمين المتطرف إيواء طالبي اللجوء في فنادق تدفع مصاريفها من أموال دافعي الضرائب. كما يرون أن العملية تضر بالسياحة المحلية، لأنها تقلص طاقة الاستقبال والضيافة في المدن المعنية.
التعليقات