إيلاف من مراكش: أعلنت أوكرانيا، الجمعة، فتح تحقيق دولي في تحطم طائرة F-16، أثناء اقترابها من هدف خلال غارة جوية روسية وسقوط قائدها، وذلك بمشاركة الولايات المتحدة ودول في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، فيما تتضارب الروايات بشأن سبب التحطم، إذ هناك من ألقى بالمسؤولية للطيار، فيما تشير مصادر إلى احتمال تعرض الطائرة لـ"نيران صديقة".
وقال قائد القوات الجوية الأوكرانية، الفريق أول ميكولا أوليششوك، عبر تليجرام، قبل فترة وجيزة من إقالته من قبل الرئيس فولوديمير زيلينسكي، إن "تحليلاً مفصلاً" يجري بالفعل بشأن سبب سقوط الطائرة، عندما أطلقت روسيا وابلاً كبيراً من الصواريخ والطائرات بدون طيار على أوكرانيا.
وشكل الحادث بمثابة "ضربة قوية" لأوكرانيا، حيث لم تخسر كييف فقط طياراً مقاتلاً بارعاً، ولكن أيضاً واحدة من الطائرات النفاثة التي بحوزتها، بينما تنتظر المزيد من عمليات التسليم من الحلفاء الغربيين. وقد هددت هذه الحادثة بإثارة الشكوك بشأن قدرة القوات الأوكرانية على تسخير مجموعة من الأسلحة المعقدة في ساحة المعركة. وكان لدى الطيارين الأوكرانيين وقت أقل بكثير للتدريب على كيفية قيادة الطائرات مقارنة بالطيارين الغربيين الذين تبرعت دولهم بالطائرات، وفق وكالة NPR الأميركية.
خطأ الطيار أم نيران صديقة؟
قالت كييف إن طائرة F-16 تحطمت الاثنين، أثناء مهمة لصد الصواريخ الروسية، مؤكدة بذلك أول خسارة لواحدة من الطائرات المقاتلة الأميركية الصنع منذ أعلن زيلينسكي تسليمها إلى أوكرانيا. وقالت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني، الخميس، إن الطيار المقدم أوليكسي ميس لقي حتفه في الحادث.
ولم يصدر أي تفسير رسمي بشأن سبب تحطم المقاتلة الأميركية. وأعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، الخميس، تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الحادث.
ومع ذلك، أثار الحادث اتهامات متبادلة بين عضوة البرلمان الأوكراني، ماريانا بيزوهلا، وقائد القوات الجوية الأوكرانية، الفريق أول ميكولا أوليششوك، إذ زعمت بيزوهلا أن طائرة F-16 أسقطت بنيران صديقة، ونددت بـ "ثقافة الأكاذيب في قيادة القوات الجوية".
وفي منشورها على فيسبوك، الخميس، كتبت بيزوهلا، أن طائرة F-16 "أسقطتها منظومة صواريخ باتريوت المضادة للطائرات؛ بسبب عدم التنسيق بين الوحدات".
ورداً على ذلك، وصفها أوليشوك بأنها "أداة لتشويه سمعة" القيادة العسكرية الأوكرانية، وتشويه سمعة مصنعي الأسلحة الأميركيين وقال إنه يأمل أن تواجه عواقب قانونية لادعاءاتها.
تدخل الرئيس زيلينسكي، الجمعة، عندما أقال أوليشوك من منصب قائد القوات الجوية. وقال زيلينسكي في خطابه المسائي "لقد قررت استبدال قائد القوات الجوية.. أنا ممتن إلى الأبد لجميع طيارينا العسكريين"، دون إبداء سبب قراره.
وقال مسؤول في سلاح الجو الأوكراني، شريطة عدم الكشف عن هويته، لخدمة "صوت أميركا" الأوكرانية، إن "روايات مختلفة قيد النظر، بما في ذلك (النيران الصديقة) لأنظمة الدفاع الجوي، وعطل فني وخطأ طيار. لكن الأسباب الدقيقة لن تُعرف إلا بعد اكتمال التحقيق".
تأثيرات سقوط F-16 على ديناميكية الحرب
قال معهد دراسة الحرب إنه كان متوقعاً أن تخسر أوكرانيا بعض المعدات العسكرية التي قدمها الغرب في القتال. لكن مركز الأبحاث الذي يتخذ من واشنطن مقراً له أضاف أن "أي خسارة بين حصة أوكرانيا المحدودة بالفعل" من طائرات F-16 والطيارين المدربين "ستكون لها تأثيرات كبيرة" على قدرة البلاد على تشغيل الطائرات الأميركية "كجزء من مظلة الدفاع الجوي المشتركة، أو في دور الدعم الجوي"، وفق "أسوشيتد برس".
ويقول المحللون العسكريون، إن الطائرات لن تكون عامل تغيير في الحرب، بالنظر إلى القوة الجوية الروسية الضخمة وأنظمة الدفاع الجوي المتطورة. لكن المسؤولين الأوكرانيين رحبوا بالطائرات الأسرع من الصوت، والتي يمكنها حمل أسلحة حديثة تستخدمها دول حلف شمال الأطلسي، لأنها توفر فرصة للرد على التفوق الجوي الروسي.
في بداية شهر أغسطس، قالت أوكرانيا إنها تلقت أخيراً الدفعة الأولى من طائرات F-16، التي كانت تطالب بها منذ فترة طويلة، والتي كانت تأمل أن تغير حسابات ساحة المعركة لقوات كييف، التي اعتمدت على طائرات من الحقبة السوفيتية.
وتُمثل السيطرة على السماء جزءاً جوهرياً من الحملة البرية في الحرب، إذ توفر الطائرات غطاء جوياً للقوات.
وتستطيع مقاتلات F-16 حمل الصواريخ كروز من طراز Shadow Storm، التي تزود بها المملكة المتحدة أوكرانيا، ويتم إطلاقها من الجو، بمدى يزيد عن 250 كيلومتراً (155 ميلا)، ويُحتمل أن تضرب أهدافاً داخل روسيا، بحسب "أسوشيتد برس".
وتحتاج أوكرانيا إلى ما يقرب من 12 سرباً مقاتلًا لتحقيق الدعم الجوي اللازم للحرب على الأرض، مع أربعة أسراب مسؤولة بشكل أساسي عن كل مجموعة من المهام الأساسية: (1) قمع الدفاعات الجوية للعدو، (2) الحظر الجوي، و(3) الدفاع الجوي المضاد، ويتطلب هذا الهدف 216 طائرة F-16، بحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS.
التعليقات