نبدأ جولتنا في الصحف من "تايمز أوف إسرائيل" التي نشرت مقالاً لشيرا تامر تحدثت فيه عن "عسكرة" المجتمع في إسرائيل وسيطرة مظاهر الحياة العسكرية على البلاد وظهورها بشكل فج بدءً من التجنيد العسكري وانتهاءً إلى انتشار الرموز العسكرية في كل مكان وفي جميع أنشطة الحياة اليومية، مروراً بالسياسة، والتعليم، والترفيه، والإعلام.

وقالت شيرا إن من يعيش في هذا المجتمع قد لا يرى توغل هذه المظاهر العسكرية بوضوح، لكن بالنسبة "لشخص مثلي غادر البلاد إلى الولايات المتحدة في سن مبكرة وانتابه شعور بأنه غريب منذ أن عاد ثانية إلى البلاد التي ولد فيها، من الصعب تجاهل هذا الواقع. وأقصد هنا أن أتساءل؛ في أي دولة ديمقراطية أخرى يمكن أن نجد المواطنين يفضلون تشغيل محطة إذاعة يديرها الجيش للاستماع إلى الموسيقى والأخبار التي تقدمها؟ ففي عام 2024، أشارت إحصائيات إلى أن عدد مستمعي إذاعة ’غالجالات‘، التي يديرها الجيش الإسرائيلي بلغ 1.3 مليون مستمعاً، وفقا لموقع ويكيبيديا الموسوعي. وتقدم هذه الإذاعة تغطية على مدار الساعة – كل ساعة – حتى تطلعك على كل جديد على صعيد الحرب والشأن السياسي في حالة إذا كنت تخطط لنسيان هذه الأمور".

وأشارت إلى أن الرموز العسكرية امتدت أيضاً إلى عالم السياسة وأصبح المجتمع يحتفي بالإنجازات العسكرية أكثر من غيرها من الإنجازات، وأصبحت المبادئ التي تفرضها الحياة العسكرية هي التي تحدد ما ينبغي تخليد ذكراه، وما ينبغي أن ُينسى، وما ومن ينبغي أن يُكرم، ومن ينبغي أن ينعيه المجتمع. أصبح كل شيء في إسرائيل عسكريا، إذ يُحتفى بالجنود ويُعاملون معاملة الأبطال حتى أصبح معنى أن تكون إسرائيلياً هو أن تكون جندياً أو على الأقل تقدم دعما مستمرا غير مشروط للجيش.

لكن شيرا تامر تؤكد في مقالها أن ما تعرضت له إسرائيل من اجتياح من قبل حركة حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أضر كثيراً بالصورة التي رُسمت على مدار عقود طويلة للجيش الإسرائيلي والعسكرية الإسرائيلية التي تتوغل في المجتمع. وبات المواطنون على يقين – منذ ذلك اليوم الذي شهد مقتل حوالي ألف إسرائيلي واحتجاز 250 مواطناً إسرائيلياً وأجنبياً كرهائن لدى حماس – بأن الجيش لم يكن هناك عندما احتاجوا إليه.

وقالت الكاتبة: "بالنسبة لي، لا أرى أن مأساة السابع من أكتوبر/ تشرين الأول مجرد قصة فشل حكومة عسكرية، بل أرى أنها فشل مجتمعي. فشل في تصور إمكانية وجود إسرائيل خارج حدود العسكرة والحرب. وحتى يتم التعامل مع هذا الفشل، سوف يستمر الوضع كما هو عليه – أمة محكوم عليها بالفشل بحكم واقعها الخارجي وهويتها وخياراتها".

الضحك على رمز البراءة في غزة

تحت هذا العنوان نشرت صحيفة الشرق الأوسط السعودية مقالاً لآمال موسى ألقت فيه الضوء على أن الأطفال والنساء في غزة تحملوا ولا يزالون يتحملون القدر الأكبر من الضرر الذي يلحق بسكان القطاع جراء الحرب، إذ قدرت الكاتبة أن ثلث ضحايا الحرب أطفال، منتقدة بشدة ما أعلنته منظمة الصحة العالمية منذ يومين اتفاق إسرائيل وحماس على "ثلاث هدن منفصلة مؤقتة للقتال في أماكن محددة بغزة، للسماح بتطعيم 640 ألف طفل ضد شلل الأطفال".

وتساءلت الكاتبة: "هل يمكن لمن يقتل آلاف الأطفال الأبرياء أن يفهم روزنامة تلقيح الأطفال؟ ثم ماذا يعني السماح بتطعيم الأطفال ضد الشلل وهم يعيشون في وضع مهددين فيه بالقتل واليتم؟ وهل يستقيم مثل هذا الطلب من جلاد؟"، مرجحة أن هذا الإجراء سوف يكون أشبه بتلقيح الأطفال ضد الأمراض لكي يُقتلوا وهم محصنون ضد الشلل.

وقالت: "لا نعتقد أنَّ الحق في الصحة بالنسبة إلى الأطفال في غزة، إنما يمثّل أولوية أو مصلحة من مصالح إسرائيل. فالحق في الحياة مُغتصَب. والأطفال أحياء إلى حين". وأكدت أن كلمة "هدنة" لا تتناسب أبداً مع الأطفال، مرجحة أنه من الواجب توفير بيئة آمنة لهم وتفادي أن يتحولوا إلى ضحايا للحرب الدائرة في القطاع.

ورجحت أيضاً ان إسرائيل "تستهدف" مستقبل فلسطين عند قتلها الأطفال، واصفة ما تفعله إسرائيل من قتلهم بأنه "ضرب ديموغرافي" يستهدف تعميق الخسائر بحيث يتضاءل الأمل والنضال. واستنكرت إبداء إسرائيل استعدادها للتعاون مع حماس لتحصين الأطفال بلقاحات مضادة ضد شلل الأطفال في حين أنها "استهدفت قرابة قرابة 13 ألف طفل فلسطيني في أقل من سنة".

وذهبت آمال موسى إلى أن "استهداف" الأطفال والأمهات في غزة يُعد "عملا ممنهجا ومخططا له يقصد منه القضاء على إحدى نقاط القوة الفلسطينية والمتمثلة في معدل الخصوبة"، مرجحة أن استمرار معدلات الخصوبة في الارتفاع بين الفلسطينيين على مدار عقود قد يكون هو ما دفع إسرائيل إلى استهداف عامل القوة الفلسطيني وضربه بقوة واستهداف النساء – المستأمنات على "دورة المجتمع الديموغرافية والإنجاب واستمرار المجتمع والحياة – ثم استهداف الأطفال وقتلهم على مرأى ومسمع من العالم للتقليص من عدد الأطفال، ومن ثم الشباب بعد فترة ومن عدد السكان في نهاية المطاف.