إيلاف من واشنطن: تبادل الجمهوريون والديمقراطيون في مجلس النواب الأميركي، الاثنين، الاتهامات بشأن "الإخفاقات" المرتبطة بانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وتداعيات القرار الذي اتخذته إدارة الرئيس جو بايدن.

وأصدر الجمهوريون والديمقراطيون، تقارير متناقضة تحلل تداعيات الانسحاب الأميركي من أفغانستان في أغسطس عام 2021، إذ تسعى حملة المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترمب إلى جعل القرارات المحيطة بالخروج قضية رئيسية خلال الأسابيع الأخيرة قبل الانتخابات الرئاسية، وفق شبكة "سي إن إن".

ويأتي التقرير الجمهوري الذي طال انتظاره عشية المناظرة الرئاسية الأولى بين المرشحة الديمقراطية للرئاسة ونائبة الرئيس كامالا هاريس ومنافسها الجمهوري دونالد ترمب، الذي سعى إلى استخدام أفغانستان كقضية سياسية ضدها.

"وصمة عار" لإدارة بايدن

وصدر التقرير الجمهوري بعنوان "تجاهل متعمد: تقييم لانسحاب إدارة بايدن-هاريس من أفغانستان والفوضى التي أعقبت ذلك"، نتيجة تحقيق استمر 3 سنوات بقيادة النائب مايكل ماكول، الرئيس الجمهوري للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب.

ويرسم التقرير صورة للرئيس بايدن، وهو يعتزم سحب القوات الأميركية من أفغانستان، لكنه يتعثر في الاستعدادات التي مهدت السبيل لخروج "فوضوي ودموي" من أطول حرب في تاريخ أميركا.

وانتقد التقرير الذي صدر في ظل الذكرى السنوية الثالثة للانسحاب الأميركي، الرئيس بايدن بسبب "الجهود المتسرعة"، التي بذلها دون مشورة حلفاء ومستشارين ما تسبب في وفيات غير ضرورية.

وقال التقرير، إن "الأدلة تثبت أن قرار الرئيس بايدن بسحب جميع القوات الأميركية لم يكن قائماً على الوضع الأمني، أو اتفاق الدوحة، أو نصيحة كبار مستشاريه للأمن القومي أو حلفائنا. بل كان مبنياً على رأيه القديم الذي لا يقبل التغيير بأن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تبقى في أفغانستان"، وذلك في إشارة إلى الاتفاقية التي وقعتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب مع حركة طالبان في فبراير 2020 بالعاصمة القطرية الدوحة لمغادرة البلاد.

واتهم التقرير إدارة بايدن "بالفشل" في رؤية المؤشرات التحذيرية لمدى سرعة سقوط كابول في أيدي طالبان، وتأخير التخطيط والدعوة إلى الإجلاء، خشية الآراء في مثل هذا الانسحاب وزيادة زعزعة استقرار البلاد.

ويقول التقرير إن إدارة بايدن/ هاريس اتخذت قرارها بإجلاء غير المقاتلين في وقت متأخر للغايةً، إذ أمرت بذلك رسمياً في 16 أغسطس، وفشلت في تسهيل التواصل بين الإدارات في واشنطن والمسؤولين في أفغانستان، وأفسدت الإجراءات الورقية اللازمة لمغادرة المدنيين الأفغان المؤهلين لمغادرة البلاد.

وأضاف التقرير أن "مصداقية أميركا على الصعيد العالمي تضررت بشدة، بعد أن تركنا حلفائنا الأفغان لمواجهة عمليات القتل الانتقامية من طالبان، وشعب أفغانستان الذي تعهدنا بحمايته".

وشدد التقرير على أن "الأضرار المعنوية التي لحقت بالمحاربين القدامى الأميركيين وأولئك الذين ما زالوا يخدمون تظل وصمة عار على إرث هذه الإدارة".

واستدعى ماكول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن 3 مرات فيما يتعلق بالتحقيق في أفغانستان، وكان آخرها الأسبوع الماضي، قائلاً إنه يريد منه الإدلاء بشهادته شخصياً.

تجاهل "أخطاء" ترمب

في المقابل، أصر الديمقراطيون على أن بعض اللوم عن النهاية الفوضوية للحرب، بعد أقل من 7 أشهر من رئاسة بايدن، يجب أن يقع على عاتق سلفه الجمهوري دونالد ترمب، الذي بدأ عملية الانسحاب بتوقيع اتفاق مع طالبان في عام 2020.

وقال النائب الديمقراطي البارز في لجنة الشؤون الخارجية جريجوري ميكس، في رسالة إلى الديمقراطيين باللجنة بشأن التحقيق: "عندما تولى الرئيس السابق ترمب منصبه، كان يتواجد ما يقرب من 14 ألف جندي أميركي في أفغانستان. قبل أيام من ترك منصبه، أمر الرئيس السابق بخفض إضافي (للقوات) إلى 2500".


مع ذلك، رفض مساعدون في اللجنة الجمهورية هذا الادعاء باعتباره "سياسة حزبية"، قائلين إن بايدن كان بإمكانه تجاهل اتفاق ترمب أو تنفيذه، متهمين المسؤولين الذين خدموا خلال رئاسة بايدن بالسماح لطالبان بتجاهل التزاماتها.

ورداً على التقرير الجمهوري، اتهم البيت الأبيض رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب مايكل ماكول بـ"انتقاء التفاصيل والفشل" في توضيح دور إدارة ترمب.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض شارون يانج في بيان: "كل ما رأيناه وسمعناه عن أحدث تقرير حزبي لرئيس اللجنة ماكول يظهر أنه يستند إلى حقائق منتقاة، وتوصيفات غير دقيقة، وتحيزات سابقة شابت هذه التحقيقات منذ البداية. وكما قلنا مرات عديدة، كان إنهاء أطول حروبنا هو القرار الصحيح، وأصبحت أمتنا أقوى اليوم نتيجة لذلك"، وفق ما أوردت صحيفة "ذا هيل".

وأضافت: "بسبب الصفقة السيئة التي أبرمها الرئيس السابق ترمب مع طالبان للخروج من أفغانستان بحلول مايو 2021، وجد الرئيس بايدن نفسه في موقف صعب. كان عليه إما تصعيد الحرب ضد طالبان التي كانت في أقوى وضع لها منذ 20 عاماً، وتعريض المزيد من القوات الأميركية للخطر، أو إنهاء أطول حروبنا في آخر المطاف بعد عقدين وإنفاق 2 تريليون دولار".

وأردفت: "الرئيس رفض إرسال جيل آخر من الأميركيين لخوض حرب كان ينبغي أن تنتهي منذ فترة طويلة".

وخدم نحو 800 ألف جندي أميركي في أفغانستان بعد الغزو، الذي قادته الولايات المتحدة والذي أثارته هجمات 11 سبتمبر عام 2001 على الولايات المتحدة من قبل تنظيم القاعدة المتمركز في أفغانستان.

وأودت الحرب بحياة 2238 جندياً أميركياً، وجُرح ما يقرب من 21 ألفاً آخرين، فيما تشير تقديرات مستقلة إلى أن عدد الضحايا من قوات الأمن الأفغانية والمدنيين تجاوز 100 ألف.