تلوح في الأفق بوادر حرب واسعة بين إسرائيل ولبنان، إذ تعزز إسرائيل استعداداتها لشن حملة عسكرية محتملة على الجبهة الشمالية، مركزة جهودها على حزب الله بعد تصاعد التوترات بين الجانبين.


إيلاف من بيروت: في ظل تصاعد الاشتباكات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية وتبادل القصف بشكل شبه يومي منذ اندلاع الحرب على غزة، تزداد التحذيرات من اندلاع حرب شاملة مع حزب الله.

وتأتي التصريحات الأخيرة من القادة الإسرائيليين لتأكيد اقتراب موعد الحرب، مع وجود خطط هجومية جاهزة للتنفيذ فور تلقي الضوء الأخضر من القيادة السياسية.
أما وسائل الإعلام الإسرائيلية، فتتحدث بصراحة عن إمكانية اندلاع هذه الحرب في أي لحظة، وتؤكد أن الجيش الإسرائيلي لا يحتاج سوى دقائق للتحرك بعمليات قتالية عالية الكثافة.

غانتس: لا مفر من التصعيد
في هذا السياق، شدد وزير الحرب الإسرائيلي السابق، بيني غانتس، على أن إسرائيل تأخرت في تحويل تركيزها إلى الشمال، واعتبر أن الوقت قد حان لتنفيذ هجمات واسعة على لبنان. تصريحات غانتس جاءت خلال منتدى نقاش في واشنطن، حيث أشار إلى أن إسرائيل بحاجة للتركيز على حزب الله باعتباره التهديد الأكبر في الوقت الراهن، وأن غزة لم تعد تمثل التحدي الأساسي.

غانتس أقر بأن إسرائيل ارتكبت خطأً بإجلاء معظم سكان الشمال عقب الهجمات التي شنتها "حماس"، موضحاً أن الإجلاء كان يجب أن يقتصر على البلدات الحدودية فقط. وفي سياق تعليقه على الوضع الراهن، اعتبر أن "النصر الحقيقي" لن يتحقق إلا بعودة الرهائن إلى عائلاتهم وسكان الشمال إلى منازلهم، مبرزاً أهمية الحفاظ على الجبهة الشمالية هادئة. لكنه حذر من أن إسرائيل بحاجة إلى تسريع وتيرة العمل في لبنان، قائلاً: "لدينا القدرة على ضرب لبنان إذا لزم الأمر".

إيران هي التهديد الحقيقي
لم يقتصر تركيز غانتس على حزب الله فحسب، بل أعاد توجيه الأنظار إلى إيران، التي يعتبرها السبب الرئيسي للتوترات في المنطقة. وأكد أن التعامل مع حزب الله يتطلب بالضرورة الضغط على طهران اقتصاديًا وسياسيًا، بجانب الجهود العسكرية. كما أشار إلى أن التهديد الإيراني يمتد عبر عدة مناطق في الشرق الأوسط، ما يجعل المواجهة مع وكلائها في لبنان حتمية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق يحول دون تصعيد الأوضاع.

تسارع وتيرة التحضيرات العسكرية
وفي هذا الإطار، أفادت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي يواصل تحديث خطط الهجوم على لبنان، وأوضحت أن التحضيرات لشن حملة عسكرية تجري بسرعة قصوى لتقليص المدة بين صدور الأوامر والبدء في العمليات القتالية المكثفة. القيادة العسكرية الإسرائيلية تؤكد أن الجيش مستعد لتنفيذ الهجمات خلال دقائق من تلقي الضوء الأخضر من القيادة السياسية.

مسألة وقت فقط
تصريحات المسؤولين الإسرائيليين لا تخفي أن الوضع في الشمال على وشك الانفجار، حيث نقلت قناة الـ12 الإسرائيلية عن مسؤول أمني كبير قوله إن الحملة العسكرية على لبنان تقترب، وإنها مسألة وقت فقط قبل تنفيذها.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد أصدر تعليمات للجيش بالاستعداد الكامل لتغيير الوضع في الشمال، في إشارة إلى إمكانية شن حملة شاملة ضد حزب الله.

امرأة تسير مع طفلها بينما يتصاعد الدخان من القصف الإسرائيلي في خان يونس، جنوب قطاع غزة في 8 أيلول (سبتمبر) 2024
امرأة تسير مع طفلها بينما يتصاعد الدخان من القصف الإسرائيلي في خان يونس، جنوب قطاع غزة في 8 أيلول (سبتمبر) 2024

نعرف أين يختبئ نصرالله
في تصعيد جديد، قال عضو الكنيست الإسرائيلي نيسيم فاتوري إن إسرائيل تعرف مكان اختباء أمين عام حزب الله حسن نصرالله، وإن اغتياله قد يصبح ضرورة إذا تفاقمت الأوضاع. فاتوري حذر من أن ضاحية بيروت الجنوبية ستتحول إلى "غزة ثانية"، مضيفاً أن الحرب مع لبنان قد تندلع في غضون أيام. هذه التصريحات تعكس موقف الحكومة الإسرائيلية الحالي، حيث تسعى إلى حسم المعركة مع حزب الله قبل أن تتفاقم إلى حرب إقليمية شاملة.

آثار كارثية
وفي خضم هذا التوتر المتصاعد، يظل الموقف الإسرائيلي حذرًا لكنه حاسم.
القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل تؤكد أن الهدف الأساسي هو تحييد حزب الله وتوجيه ضربة قوية تمنع إيران من تعزيز وجودها في لبنان.
الآثار المحتملة لهذه الحرب ستكون كارثية على لبنان، حيث تُقدر أن تشمل الحملة قصفاً مكثفاً على عدة مناطق لبنانية بما فيها العاصمة بيروت. ومع تزايد الاستعدادات، تبقى الأسئلة قائمة حول توقيت الضربة وكيفية تفاعل المجتمع الدولي مع هذا التصعيد المرتقب.