في خضم المعركة الرئاسية بين كامالا هاريس ودونالد ترامب، يظهر أن ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما عندما يتعلق الأمر بالسياسات الخارجية. فهل يتشابهان حقاً في كيفية التعامل مع الصراعات الدولية؟ يسلط هذا المقال الضوء على تشابهاتهما في رؤية إنهاء الحروب في غزة وأوكرانيا، رغم اختلاف أيديولوجياتهما.


إيلاف من دبي: في مقال رأي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، يسلط الكاتب جيسون ويليك الضوء على التقارب بين المرشحين الرئاسيين كامالا هاريس ودونالد ترامب، فيما يتعلق بسياساتهم تجاه الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط وأوروبا. ويليك يرى أن كلاً من هاريس وترامب يشاركان في رؤية متقاربة حول ضرورة التوصل إلى تسويات سياسية للصراعات في كل من غزة وأوكرانيا، وهو ما اعتبره وجهاً من أوجه التشابه بينهما، رغم الاختلافات الأيديولوجية.

ويطرح ويليك سؤالاً هاماً في مقاله: "ما هي سياسة كامالا هاريس في الحرب بين إسرائيل وحماس؟ الضغط على الجانبين للتوصل إلى تسوية في أقرب وقت ممكن. وما هي سياسة دونالد ترامب في الحرب بين روسيا وأوكرانيا؟ الضغط على الجانبين للتوصل إلى تسوية في أقرب وقت ممكن". ويعكس هذا السؤال جوهر المقال الذي يظهر أن الانتقادات المتبادلة بين المرشحين حول كيفية التعامل مع الأزمات الدولية قد تكون غير مبررة في ظل التقارب الفعلي بين توجهاتهم في هذا الشأن.

تشابه في السياسات الخارجية
يرى ويليك أن هجوم ترامب على هاريس بخصوص مساعيها لوقف حرب غزة، واتهامها بكره إسرائيل، غير منطقي، خاصة أن ترامب نفسه يدعو لتسوية سريعة لإنهاء الحرب في أوكرانيا. ويضيف الكاتب أن المناظرة الرئاسية الأخيرة التي جرت يوم الثلاثاء أكدت هذا التشابه في الرؤية تجاه الصراعات الدولية.

"المرشحان متطابقان عندما يتعلق الأمر بالحروب في الشرق الأوسط وأوروبا"، يكتب ويليك، مشيراً إلى استعداد كليهما للتفاوض مع ما وصفها بـ"جهات فاعلة سيئة"، وهو ما يعكس توجه الحزبين نحو تقليص تكاليف السياسة الخارجية الأميركية. إلا أن الكاتب يلفت إلى أن الفرق بين المرشحين يكمن في التركيز الإقليمي المختلف، ما يبرز اختلاف الدوافع الاستراتيجية لكل منهما.

مواقف مشابهة من غزة وأوكرانيا
في المناظرة الرئاسية، عندما سئلت هاريس عن موقفها من الحرب بين إسرائيل وحماس، ردت بعد أن استنكرت الهجوم الإرهابي في 7 أكتوبر/تشرين أول وانتقدت إسرائيل بسبب الخسائر المدنية في غزة، بالقول: **"ما نعرفه هو أن هذه الحرب يجب أن تنتهي. يجب أن تنتهي فوراً، والطريقة التي ستنتهي بها هي أننا بحاجة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ونحن بحاجة إلى تحرير الرهائن"**.

أما ترامب، فقد قدم جواباً مشابهاً عندما سئل عن موقفه من الحرب في أوكرانيا. قال: "أعتقد أنه من مصلحة الولايات المتحدة إنهاء هذه الحرب وإنجازها والتفاوض على صفقة. لأننا يجب أن نوقف قتل كل هذه الأرواح البشرية".

تحليل الاختلافات الأيديولوجية
ويرى ويليك أن الاختلاف الأيديولوجي بين هاريس وترامب قد يكون له تأثير على توجهاتهما في الصراعات الدولية. فترامب البراغماتي قد يرى أن حرب أوكرانيا أقل أهمية بالنسبة للولايات المتحدة مقارنة بحرب إسرائيل، مشيراً إلى الأسلحة النووية الروسية وتكلفة الحرب. في حين ترى هاريس الليبرالية أن هزيمة روسيا تعد ضرورة أيديولوجية، واتهمت ترامب بتقدير "الرجال الأقوياء" بدلاً من الدفاع عن الديمقراطية.

استقطاب سياسي متزايد
في نهاية المقال، يستنتج ويليك أن الحقبة التي كانت فيها توجهات الأحزاب السياسية الأميركية واضحة ومحددة قد ولت. ويعتبر أن كلا من هاريس وترامب يمثلان الانتقائية الحزبية في تعاملهم مع قوى معادية في مناطق مختلفة من العالم، حيث يعتمدان في سياساتهما الخارجية على دوافع سياسية متزايدة الاستقطاب.