إيلاف من الرباط:عاشت مدينة الفنيدق والمناطق المحيطة بها ،التابعة لإقليم تطوان (شمال المغرب)،يوم أمس،والليلة الماضية ، على وقع حالة من الاستنفار الشديد والمواجهات بين قوات الأمن ومئات الراغبين في الهجرة غير الشرعية، أغلبهم قاصرون، قصدوا المنطقة بعد دعوات تم الترويج لها، على مدى الأيام الماضية، على شبكات التوصل الاجتماعي،حددت يوم 15 سبتمبر الجاري موعدا لتنفيذ هجرة جماعية نحو سبتة المحتلة.

وشهدت أزقة وشوارع الفنيدق مواجهات وعمليات كر وفر بين رجال الأمن والراغبين في الهجرة غير الشرعية، أسفرت، وفق تقارير، عن تسجيل إصابات في صفوف الطرفين، مع الحديث عن تخريب طال سورا يفصل بين الشارع الرئيسي وكورنيش المدينة، مع تخوف من انتشار الفوضى وتخريب الممتلكات، ردا على إفشال مخطط الهجرة الجماعية.

وتحدثت تقارير عن قيام مجموعات من الراغبين في الهجرة غير الشرعية بتنفيذ هجوم جماعي على المعبر الحدودي "باب سبتة"، غير أن السلطات الأمنية نجحت في إفشال محاولتهم، بصدهم ومنعهم من الوصول إلى المعبر الحدودي.

وأسفرت عمليات المطاردة التي نفذتها قوات الأمن المغربية عن توقيف المئات من الراغبين في الهجرة غير الشرعية، قبل ترحيلهم إلى مدن بوسط البلاد. في مقابل ذلك، عمدت مجموعات متفرقة من المرشحين للهجرة غير الشرعية إلى رشق سيارات الشرطة والقوات المساعدة بالحجارة، وسط حديث عن وقوع إصابات، سواء في صفوفهم أو بين قوات الأمن.

في غضون ذلك، تحدثت تقارير إعلامية محلية عن "فشل" دعوات 15 سبتمبر، وعدم تسجيل نجاحات في عبور السياج الفاصل بين الفنيدق وسبتة، مشيرة إلى "يوم عصيب" عاشته المناطق المحاذية للسياج الحدودي المحيط بمعبر "باب سبتة"، بعد محاولات اقتحامه عنوة من طرف راغبين في الهجرة، مغاربة وأجانب أغلبهم من دول جنوب الصحراء.

وأثارت الطريقة التي جاءت بها دعوات تنفيذ الهجرة الجماعية، فضلا عن أعمار أغلب المشاركين فيها، تساؤلات حائرة وردود فعل متباينة، تراوحت بين باحث عن مبرر أو غير متفهم لها، خصوصا حين يتعلق الأمر بأطفال كان من المفروض أن يكونوا جالسين على مقاعد الدراسة، وليس بصدد مطاردة حلم الهجرة غير الشرعية، المحفوف بالمخاطر.

ودعا البعض، في هذا السياق، إلى إعادة النظر في مفهوم "الهجرة السرية" مادام أن هذا الفعل صار يتم جهارا، نهارا أو ليلا، بل يتم إشهار توقيت القيام به، وعن سبق إصرار.

وتساءل ادريس لكريني، مدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، رئيس منظمة العمل المغاربي، والأستاذ بجامعة القاضي عياض في مراكش، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "ما الذي يدفع شبابا في مقتبل العمر إلى ركوب غمار الهجرة غير الشرعية؟"، قبل أن يكتب، متفاعلا مع ردود فعل زوار صفحته، حول صيغة السؤال المطروح: "يمكن لطرح السؤال وعلى بساطته أن يكون أفضل من صياغة جواب مغلق، والدليل على ذلك هو تفاعلكم، مشكورين معه، فقد سبق لي نشر كتب ومقالات ودراسات حول الموضوع، ونظمنا جامعة صيفية قبل شهرين في إطار منظمة العمل المغاربي تناولت موضوع: "الشباب والهجرة"، وصدر عنها توصيات مهمة، لم تحظ بمثل هذا التفاعل، نتمنى أن تجد كما مقترحاتكم البناءة صدى ايجابياً لدى مختلف الفاعلين والمتدخلين والمسؤولين لإرساء تنمية مستدامة تستحضر الإنسان كفاعل ومستهدف".

وكتب الإعلامي رضوان الرمضاني، على حسابه ب" فيسبوك ": "نسبة كبيرة من الشباب المغربي "قاطعة ليَّاس" فبلادها ( أصابها اليأس في بلادها). هادي ماشي (هذه ليست) سوداوية ولا عدمية. هذا أمر واقع. والحريگ (الهجرة غير الشرعية) هو الأمل الوحيد عند بزاف (كثيرين). علاش؟ (لماذا؟) السبب واضح وباين (ظاهر): اليأس. وهاد الشي اللي وقع البارح (وما وقع البارحة) جرس إنذار".

ومن ردود الفعل غير المتفهمة، نشرت إحدى الصفحات على الانترنت صورة لرجل أمن وبجانبه طفل في العاشرة من عمره، من بين الموقوفين الراغبين في الهجرة غير الشرعية الجماعية، مع تعليق يتساءل فيه كاتبه عن دور ومكان والدي الطفل، وأن الواقعة تدمي القلب.