إيلاف من بيروت: لا أحد يعلم على وجه الدقة من هو الطرف الذي يرى المواجهة البرية فرصة مؤكدة لتحقيق انتصار ما.. إسرائيل؟ أم حزب الله؟ فالطرف الأول يدرك جيداً أنه لا حسم في عالم الحروب دون اجتياح بري وتحقيق الانتصار على الأرض.

فيما يرى حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله أن مجرد تفكير الجيش الاسرائيلي في القدوم براً إلى لبنان هي فرصته التاريخية للانتقام، فالصراع البري لا يعترف كثيراً بفوارق القوة بين الطرفين.

فقد دعا رئيس أركان الجيش الاسرائيلي هرتسي هاليفي، الأربعاء، قواته إلى الاستعداد لــ"دخول محتمل" إلى لبنان، وبحسب فيديو بثه الجيش الإسرائيلي فقد قال هاليفي أمام أفراد لواء إسرائيلي مدرع: "يمكنكم سماع الطائرات هنا. نحن نهاجم طوال اليوم. والهدف هو التمهيد لدخولكم المحتمل وأيضا مواصلة ضرب حزب الله".

وتابع: "هذا لإعداد الأرض لدخولكم المحتمل ولمواصلة إضعاف حزب الله"، وأضاف أن الغارات الجوية ستتواصل من أجل تدمير البنية التحتية لحزب الله وكذلك الاستعداد لعملية برية محتملة للقوات الإسرائيلية.

وتابع هاليفي: "لن نتوقف. سنواصل مهاجمتهم وإيذاءهم في كل مكان، وللقيام بذلك، نستعد لمسار المناورة دخولكم إلى هناك بقوة، المواجهة مع عناصر حزب الله الذين سيرون كيف يكون الأمر حين يواجهون قوة قتالية محترفة ولديها خبرة".

وتابع: "أنتم قادمون أقوى منهم بكثير، وأكثر خبرة منهم بكثير، ادخلوا ودمروا العدو هناك واذهبوا لتدمير البنية التحتية، وهذه هي الأشياء التي ستسمح لنا بإعادة سكان الشمال بأمان في وقت لاحق".

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه استدعى لواءين احتياطيين من أجل "مهام عملياتية" في الشمال حيث يتصاعد القصف المتبادل عبر الحدود مع حزب الله اللبناني.

وقال الجيش في بيان: "وفقا لتقييم الوضع، يستدعي الجيش الإسرائيلي لواءين احتياطيين من أجل مهام عملياتية على الجبهة الشمالية".

وأضاف أن الإجراء "سيسمح بمواصلة القتال ضد منظمة حزب الله، والدفاع عن دولة إسرائيل، وايجاد الظروف لتمكين سكان شمال إسرائيل من العودة إلى منازلهم".

ويتألف لواء المشاة الإسرائيلي عادة من حوالى 1000 إلى 2000 جندي، في حين يتألف لواء الدبابات المدرع من حوالى 100 دبابة.

حزب الله يتمناها "برية"
مع زيادة وتيرة العمليات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله زادت احتمالات المواجهة البرية بين الجانبين، وسط توقعات بأن تكون الحرب حال اندلاعها مختلفة عما جرى في 2006.

وبحسب ما أفادت صحيفة "التايمز" البريطانية في تقرير لها فإن حزب الله يمتلك جيشا مكونا من آلاف الجنود فضلا عن امتلاكه 150 ألف صاروخ وقذيفة من مختلف الأنواع.

ماثيو سافيل مدير العلوم العسكرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (روسي) اعتبر أن إسرائيل تدرك أن الضربات الجوية وحدها غير كافية لاستهداف بنية حزب الله التحتية والمتوقع أن يكون معظمها تحت الأرض.

وبسبب امتلاك حزب الله استراتيجيات وتكتيكات غير تقليدية وميزات عسكرية في القتال البري قال زعيم الحزب حسن نصر الله في وقت سابق إن الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان ليس تهديدا وإنما "فرصة تاريخية".

وحذر قائلاً: "سوف يتحول الحزام الأمني إلى جحيم لجيشكم إذا قررتم المجيء إلى أرضنا".

يقول ألون مزراحي، وهو محلل إسرائيلي، وفقاً لتقرير "سكاي نيوز" إن هدف حزب الله كان "استدراج إسرائيل إلى جحيم جنوب لبنان باعتباره المسرح الأكثر تصميما وتسليحا واستراتيجية لحرب العصابات في أي مكان في هذا العالم على الأرجح".

ويضيف أن جنوب لبنان بتلاله ووديانه المتدحرجة يشكل تحديا لأي جيش يريد غزوه.

وبعض مواقع حزب الله تتمتع برؤية واضحة من أعلى المنحدرات فضلا عن اختباء مسلحين تابعين للحزب داخل الكهوف والأنفاق والتي صممت بطريقة تسمح للمدافعين بإطلاق النار على أجنحة ومقدمة القوات المتقدمة.

وقد قدر خبراء في مركز ألما للأبحاث والتعليم، الذي يركز على التحديات الأمنية على الحدود الشمالية لإسرائيل، أن الطول التراكمي لشبكة أنفاق حزب الله في جنوب لبنان يبلغ مئات الأميال.

وعلى عكس أنفاق حركة حماس داخل غزة، والتي كانت تستخدم في المقام الأول لتهريب البضائع والأسلحة، فإن أنفاق حزب الله موجودة لأسباب تكتيكية عسكرية، وبعضها أنفاق هجومية يمكن الدخول إليها بالشاحنات متوسطة الحجم.

وهناك أنفاق تكتيكية تقع بالقرب من القرى، والتي تمكن المسلحين من القتال من تحت الأرض بصورة تمكنهم من إطلاق النار من فتحات الأنفاق والقفز إلى الداخل لإعادة التسلح قبل الظهور مرة أخرى.

قوات حزب الله تتألف في المقام الأول من مشاة مدربين على التخفي والتنقل وفق ما ذكر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، وهو مركز أبحاث أمني أميركي.

وإذا أجبر الجيش الإسرائيلي على الدخول إلى التضاريس المحضرة له، فسيكون مقاتلو حزب الله قادرين على الاستفادة من المواقع المخفية والمحصنة.