تشهد الصحف العالمية نقاشاً واسعاً حول تداعيات اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله. تتنوع التحليلات بين استعراض سيناريوهات التصعيد المحتمل ودراسة العلاقات المعقدة بين حزب الله والفصائل الفلسطينية. في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو رد فعل إيران وحلفائها، يبقى السؤال الكبير حول مستقبل الحزب وقيادته الجديدة.


تواصل الصحف العالمية الحديث عن مقتل أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله، بين من تستعرض السيناريوهات المحتملة والمقاربات والمقارنات، وبين من تحلل علاقات حزب الله بالأطراف الأخرى في محاولة توقع الخطوات القادمة للحزب.

ونبدأ جولتنا لهذا اليوم من صحيفة واشنطن بوست، والتي نشرت مقالاً افتتاحياً بعنوان "موت في بيروت".

تطرقت الصحيفة في مقالها إلى مقتل أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله "المفاجئ"، والذي يشكل نقطة تحول جيوسياسية مدمرة، وقد يؤدي إما إلى تعميق أزمة المنطقة، أو يمثل بداية نهايتها، إذ اعتبرت الصحيفة أن ذلك يعتمد على "الحكمة" التي ستتصرف بها الحكومات خلال الأيام القليلة المقبلة، لا سيما حكومة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

ورأت الصحيفة أنه في وقت تدرس فيه إيران إمكانية أن تخوض حرباً مباشرة ضد إسرائيل بعد أن بدأت تفقد وكلاءها، فإنه يجب على إدارة الرئيس بايدن أن "تثني إيران وتردعها عن اتخاذ هذه الخطوة على سلم التصعيد".

رجل يحمل علم حزب الله وعلم فلسطين، في بيروت، لبنان
Reuters
أنصار حزب الله في لبنان يتضامنون مع الفلسطينيين في غزة

وتقول واشنطن بوست إنه في أفضل السيناريوهات المحتملة، يمكن أن "يؤدي عرض القوة الأمريكية، إلى جانب الحذر من جانب إيران والضغط الدبلوماسي الأمريكي على إسرائيل، إلى إرساء الأساس لإنهاء الأعمال العدائية، وإطلاق سراح رهائن حماس في غزة وزيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين".

واعتبرت الصحيفة أن إسرائيل تفضل عدم الاضطرار إلى دعم حملتها الجوية بحملة برية في لبنان، إذ سيكون ذلك "مكلفاً لكل من إسرائيل والمدنيين في لبنان الذين سيقعون حتماً كضحايا في القتال"، مشيرة إلى أن بايدن يمكنه تشجيع هذا التردد الإسرائيلي.

واختتمت الصحيفة بأن "الأمال تُعقد الآن على أن تكون الضربات الإسرائيلية على حزب الله قد مثلت انتصاراً كافياً لنتنياهو، وهزيمة كافية لإيران ووكلاءها، بما في ذلك حماس"، وبالتالي أن تقتنع الأطراف بأنه "لا يوجد ما يمكن اكتسابه من القتال .. لكن هناك الكثير لتخسره".

"علاقات معقدة"

وإلى صحيفة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية والتي نشرت مقالاً للكاتبة إيناف حلبي، بعنوان: "استهزاء عرفات وتحالف حماس: العلاقات الفلسطينية المعقدة مع نصر الله".

وتطرقت الكاتبة إلى العلاقات "التاريخية" بين حزب الله اللبناني والسلطة الفلسطينية، التي قالت إنها "ليست على تناغم دائم" بحسب وجهة نظر الكاتبة.

وأرجعت حلبي "عدم التناغم" إلى دعم حزب الله لحركة حماس، التي تختلف مع السلطة الفلسطينية، وهو ما يعود تاريخياً إلى عهد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

وتستذكر الكاتبة تصريحات نصر الله قبل نحو عشرين عاماً، حين قال إنه "لا يعترف بالقيادة الفلسطينية كونها لا تتمتع بأي شرعية بين الفلسطينيين"، فيما قال مسؤولون في السلطة الفلسطينية، إنه لا وجود لعلاقة تجمعهم بنصر الله، بل ذهبوا لاتهام حزب الله بالسعي للتحريض وتعميق الخلاف بين حماس وفتح، بحسب ما قالت الكاتبة.

متظاهرون يحتجون على مقتل أمين عام حزب الله حسن نصر الله، في كراتشي، باكستان.
EPA

وأشارت الكاتبة أن حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، بادرتا بإدانة مقتل نصر الله ونعتاه فور الإعلان عن مقتله، وهو أمر متوقع وبدا واضحاً في منشورات المسؤولين من الجهتين، إذ تجمع الحركتان علاقة مناقضة لتلك التي تجمع حزب الله والسلطة الفلسطينية.

وعلى الرغم من تاريخ العلاقات المتوتر بين السلطة وحزب الله - على حد وصف الكاتبة - اعتبرت حلبي أن قادة السلطة الفلسطينية لا يحتفلون باغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله على يد الجيش الإسرائيلي، بل إن رئيس السلطة محمود عباس قدّم تعازيه في مقتل نصر الله، وهو ما يشير إلى "التعقيد" في علاقات حزب الله، والحركات الفلسطينية.

"بعض أحداث الماضي قد تساعد في فهم أخطار الحاضر"

عائلة لبنانية نازحة.
Reuters

وإلى صحيفة الشرق الأوسط والتي نشرت مقالاً للكاتب غسان شربل، بعنوان: "أي حزب وأي لبنان وأي إيران؟"، قارن فيه بين وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان ما قبل عام 1982، ووجود حزب الله في الوقت الحالي.

رآى الكاتب أن وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان سابقا، حوّل حدود إسرائيل مع لبنان إلى حدود "إسرائيلية - فلسطينية"، على عكس حزب الله اليوم، الذي حول ذات الحدود إلى حدود "إسرائيلية - إيرانية".

وأشار الكاتب إلى أن بعض أحداث الماضي قد تساعد في فهم أخطار الحاضر، موضحاً أن المفارقة بين الماضي والحاضر، أن حزب الله لبناني وقواته من أبناء بيئته، إلا أنه حول الحدود اللبنانية الإسرائيلية إلى حدود إسرائيلية إيرانية، فيما كان اللاعب الأول في منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان هو ياسر عرفات، وكانت المنظمة تستخدم صواريخَ الكاتيوشا ضد الجليل لتذكر العالم ومعه إسرائيل بقضيتها، وأن لا أمن لإسرائيل دون حصول الفلسطينيين على حقوقهم، وقياساً بترسانة حزب الله، فقد كانت ترسانة منظمة التحرير شديدة التواضع حينها.

وأشار الكاتب إلى أن حجم الضربات الإسرائيلية في لبنان الآن، أظهر أنَّ إسرائيل أطلقت انقلاباً على المشروع الإيراني بكامله، ما يثير الشكوك حول الموقف الإيراني.

وتساءل الكاتب في ختام مقاله: أين تقف إيران؟ هل كانت تملك فرصةً للتدخل غداة اليوم الأول من الأيام العشرة الرهيبة؟ هل هي غير قادرة أم غير راغبة؟ وكيف ستكون علاقة قيادته الجديدة مع إيران في غياب نصر الله؟.