قبل أن تبدأ القراءة، ارفع مستوى التحدي مع نفسك لأنك قد تتفاجأ من الأسئلة المطروحة، وقد تتفاجأ أكثر من إجاباتها!
لماذا يوم التصويت في الانتخابات الأميركية هو يوم الثلاثاء؟ ماذا تعني فترة "البطة العرجاء"؟ وكم يتقاضى نائب الرئيس الأميركي راتباً؟
هذه الأسئلة وغيرها ستعرف إجابتها الشافية في هذه القصة.
في يوم الثلاثاء 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، سيتوجه الأميركيون إلى انتخاب الرئيس ونائب الرئيس القادمين للولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى اختيار ثلث أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي وجميع أعضاء مجلس النواب الأميركي البالغ عددهم 435 عضواً.
ينص الدستور الأميركي على أنه يتم انتخاب رئيس الولايات المتحدة ونائب الرئيس كل أربع سنوات.
على عكس معظم البلدان التي تُجري انتخاباتها يوم الأحد في أوروبا وجنوب شرق أسيا، تُجري الولايات المتحدة الأميركية انتخاباتها العامة يوم ثلاثاء.
ويمكننا ببساطة التنبؤ بأن الانتخابات القادمة ستُعقد يوم الثلاثاء 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 2028، وفي والدورة التي تليها سيكون يوم الانتخابات يوم الثلاثاء 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2032. ولكن لماذا يوم الثلاثاء؟ ولماذا شهر تشرين الثاني (نوفمبر) تحديداً؟
جاء هذا القرار بعد أن كان لكل ولاية الحق في تحديد موعدها الخاص للانتخابات ضمن مدة 34 يوماً، ما تسبب في مشاكل تتعلق بالتأثير على النتائج الانتخابية في الولايات التي كانت تصوّت لاحقاً. في المقابل، تم اختيار تشرين الثاني (نوفمبر) لأنّه يتزامن مع انتهاء موسم الحصاد وقبل قدوم فصل الشتاء.
وبدأ تقليد يوم الثلاثاء كموعد للانتخابات الأميركية عام 1845، حيث اختار الكونغرس آنذاك هذا اليوم ليناسب نمط الحياة الزراعي الذي كان سائداً في القرن 19. فقد كان معظم الناخبين يعيشون في مناطق ريفية، ويحتاجون إلى وقت للسفر من منازلهم إلى مراكز الاقتراع. إذ كان يوم الأحد مخصصاً للعبادة، ويوم الأربعاء للسوق الأسبوعي، فكان يوم الثلاثاء هو الخيار الأفضل، ليمنحهم يوماً للسفر بعد نهاية عطلة الأحد، ويوماً واحداً فقط قبل السوق الأسبوعي.
قصة الأيام لم تنتهِ بعد! ولكن تأكد أن تنهي قراءة الفقرة.
يوم الانتخاب هو الثلاثاء الذي يأتي بعد أول يوم اثنين من تشرين الثاني (نوفمبر) كيوم للانتخابات الرسمية. قد يبدو من البديهي أن أي يوم ثلاثاء يسبقه يوم اثنين، والمشرع الأميركي اختار الثلاثاء بعد أول يوم اثنين في تشرين الثاني (نوفمبر) كي لا تصادف الانتخابات أول الشهر، حتى لو كان هذا اليوم ثلاثاء. الهدف هو تجنب أي تداخل مع العطلات أو أحداث معينة في بداية الشهر.
وبهذا تكون الإجابة الدقيقة لسؤال متى تُعقد الانتخابات الأميركية؟ هو: يوم الثلاثاء بعد أول يوم اثنين من تشرين الثاني (نوفمبر).
لماذا لا يتسلم الرئيس الأميركي سُلطاته فور انتخابه؟
رغم أن معظم الديمقراطيات تسلّم فيها السلطة بشكل سريع، تحتفظ الولايات المتحدة بفترة انتقالية طويلة نسبياً، حوالي 11 أسبوعاً، تبدأ من يوم الانتخابات في تشرين الثاني (نوفمبر) حتى التنصيب في 20 كانون الثاني (يناير). يعود هذا التوقيت إلى الدستور الأول الذي أقرّ فترة انتقالية من تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 4 آذار (مارس) حيث كان يتم تنصيب الرئيس المنتخب، وكان السبب وراء ذلك هو الصعوبات اللوجستية في القرن 18 حين كان نقل المعلومات والأشخاص بطيئاً. أدت الأزمات التي مرت بها البلاد، خصوصاً في ظل الكساد الكبير، إلى تعديل هذه المدة لتصبح أقصر مع التعديل العشرين للدستور عام 1933.
إضافةً لذلك، يجب على الرئيس الجديد تشكيل حكومة تضمّ أكثر من 4000 تعيين إداري، بالإضافة إلى عملية انتقالية معقدة تشمل مؤسسات كبرى مثل البنتاغون ووزارة الخارجية والبيت الأبيض نفسه، الذي يستعد بفريق كامل يتولى تحويل البيت إلى مقر جاهز للرئيس الجديد خلال ساعات قليلة فقط.
وتقرر تسريع التنصيب إلى 20 كانون الثاني (يناير) وفق التعديل 20 لتقليص فترة "البطة العرجاء".
لا شك أنك في حاجة إلى تفسير لهذا المصطلح.
ما هي "فترة البطة العرجاء"؟
يُستخدم مصطلح "البطة العرجاء" (Lame duck) لوصف الرئيس أو المسؤول الذي انتهت ولايته لكنه لا يزال في المنصب حتى تسليم السلطة لخلفه.
يعود أصل هذا المصطلح إلى القرن الـ 18 في لندن، حيث كان يُستخدم لوصف رجال الأعمال الذين عجزوا عن سداد ديونهم خصوصاً في البورصة. ثم انتقل إلى السياق السياسي، إذ يمر الرئيس الأميركي بفترة تراجع النفوذ خلال هذه الفترة لأن التركيز يتحول إلى الإدارة القادمة. رغم أن الرئيس الحالي لا يزال يمتلك السلطة الكاملة، إلا أن قدرته على اتخاذ قرارات مؤثرة غالباً ما تكون محدودة بفعل هذا الوضع المؤقت، مما يجعله في وضع أشبه بـ"البطة العرجاء" سياسياً.
كل هذه المعلومات تدور حول شخصية واحدة، ألا يدفعك الفضول إلى السؤال عن المبلغ الذي يتقاضاه من يظفر بهذا المنصب؟
كم يتقاضى الرئيس الأميركي راتباً؟
يحصل الرئيس/ة الأميركي على راتب سنوي قدره 400,000 دولار، وفق ما حدده الكونغرس عام 2001. بالإضافة إلى امتيازات أخرى تشمل نفقات السفر بقيمة 100,000 دولار ونفقات شخصية تصل إلى 50,000 دولار سنوياً، و19 ألف دولار للترفيه، وفقاً لتقارير صحفية أميركية.
قبل ذلك، كان راتب الرئيس ثابتاً عند 200 ألف دولار لمدة 30 عاماً. وقد اعتُبر زيادة الراتب مناسباً جزئياً كرمز للاحترام لواحدة من "أصعب الوظائف وأكثرها إلحاحاً وأهمية على وجه الأرض"، وفق ما تصفه الصحافة الأميركية.
إضافةً إلى هذا، يتمتع الرئيس/ة بسكن رسمي في البيت الأبيض، واستخدام الطائرة الرئاسية وغيرها من التسهيلات التي تساعده/ا على التفرغ لمهامه/ا الرسمية. الهدف من هذه الامتيازات هو منع أي تضارب في المصالح وتشجيع ساكن/ة البيت الأبيض على التركيز الكامل في إدارة الدولة.
بالمناسبة، كيف اكتسب البيت الأبيض هذا الاسم؟
كان معروفاً بالمبنى التنفيذي
البيت الأبيض لم يكن يحمل هذا الاسم منذ البداية. تم بناء المبنى عام 1792، وفي عام 1800، تم نقل الحكومة الفيدرالية بأكملها من فيلادلفيا إلى واشنطن. انتقل جون آدامز، ثاني رئيس للبلاد 1797-1801، إلى القصر الرئاسي غير المكتمل في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر)، وفي الليلة التالية كتب في رسالة إلى زوجته أبيجيل آدامز:
"أصلّي إلى السماء أن تمنح أفضل البركات لهذا المنزل وكل من سيسكنه بعد ذلك. أتمنى ألا يحكم تحت هذا السقف سوى الرجال الشرفاء والحكماء".
يبدو أن الرئيس جون آدامز لم يكن يتوقع أنه من الممكن أن يحكم تحت هذا السقف سيدة.
وفي العودة إلى موضوعنا، تعرض القصر إلى الحرق على يد القوات البريطانية عام 1814 خلال الحرب التي اندلعت عام 1812. وعند ترميمه، تم طلاؤه باللون الأبيض لإخفاء آثار الحريق، وأصبح معروفاً بلونه الأبيض المميز.
رغم أن التفسير الشائع هو أن الطلاء الأبيض أخفى آثار الحريق، إلا أن بعض المصادر تشير إلى أن المبنى كان يُطلَى باللون الأبيض منذ بنائه. وقد يكون هذا الطلاء لأسباب جمالية وحماية الحجر من العوامل الجوية، وليس بالضرورة لإخفاء آثار الحريق فقط.
وكان المبنى معروفاً باسم "المبنى التنفيذي"، لكن الاسم الرسمي "البيت الأبيض" لم يُعتمد حتى عهد الرئيس تيودور روزفلت في عام 1901، حيث كان يريد منح المبنى هوية مميزة وثابتة كرمز للسلطة الأميركية.
ويقطن ويعمل الكثير من موظفي الإدارة الأميركية في البيت الأبيض، لكن من المفارقة أن نائب الرئيس الأميركي لا يقيم في هذا البيت!
أين يقيم نائب الرئيس؟
يعيش نائب الرئيس في منزل رسمي مخصص له يُعرف بـ"مرصد البحرية" في واشنطن، الذي يقع في حيّ هادئ بالقرب من المركز الحكومي.
تم اعتماد هذا المنزل كمقر رسمي لنائب الرئيس منذ عام 1974، ويستخدم لأغراض رسمية واستقبال الضيوف والفعاليات الرسمية. الموقع يمنح نائب الرئيس الخصوصية اللازمة لأداء مهامه مع الوصول السريع للمؤسسات الحكومية الحيوية.
يعد منصب نائب الرئيس مهماً في الشأن الداخلي الأميركي فيما يخص الأعمال الخيرية ومتابعة المبادرات الرئاسية وغيرها من الأمور، إلا أنه وبحكم منصبه يعتبر نائب الرئيس هو رئيس مجلس الشيوخ، إلا أن دوره إجرائي، إذ يفترض ألا يتدخل في نقاشات المجلس. وفي حال تساوي الأصوات في مجلس الشيوخ.
كم يتقاضى نائب الرئيس راتباً؟
يتقاضى نائب الرئيس الأميركي راتباً يبلغ حوالي 235,100 دولار سنوياً، إضافةً إلى امتيازات مماثلة للرئيس، مثل السكن الرسمي ووسائل النقل والدعم اللوجستي. هذه الميزات تساعد نائب الرئيس على أداء مهامه دون القلق من الضغوط المالية، وتتيح له التركيز على تنفيذ واجباته الدستورية والسياسية، خاصةً وأن دوره قد يتطلب تولي مسؤوليات كبرى في حال وفاة الرئيس أو عجزه.
وأصبحت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، ومرشحة الرئاسة، أول امرأة تمنح سلطات رئاسية في الولايات المتحدة بينما خضع جو بايدن لفحص طبي روتيني عام 2021.
ونقل بايدن السلطة إلى هاريس لنحو 85 دقيقة، وأصبحت في تلك المدة هي التي تقود واشنطن.
واشنطن العاصمة؛ ألا تود أن تعرف عنها بعض المعلومات؟ إلى أي ولاية تتبع مثلاً؟ أو من يمثلها في الكونغرس؟
واشنطن دي.سي
أنشئت واشنطن العاصمة كمنطقة اتحادية بموجب الدستور الأميركي لتكون مقراً للحكومة الفيدرالية، وتفادياً لمنح ولاية واحدة نفوذاً زائداً عبر اختيارها كعاصمة. لهذا، لا يحق لسكان واشنطن التصويت لأعضاء مجلس الشيوخ، ويكتفون بوجود مندوب غير مصوت في مجلس النواب. هذا التمثيل المحدود أدى إلى جدل طويل حول حقوق المواطنين هناك والمطالبة بتمثيل كامل.
وتسمى واشنطن العاصمة بواشنطن دي.سي، لتمييزها عن ولاية واشنطن، التي تقع في أقصى شمال الساحل الغربي للولايات المتحدة.
وتعد كلمة دي.سي التي تتبع كلمة واشنطن اختصاراً لمقاطعة كولومبيا، ديستريكت أوف كولومبيا District of Columbia.
وهي المنطقة التي أُخذت من ولايتي ماريلاند وفيرجينيا.
ونص دستور الولايات المتحدة، على أن منطقة العاصمة، "لا تتجاوز 10 أميال مربعة"، سوف "تصبح مقر حكومة الولايات المتحدة".
أنشأ الكونغرس المنطقة الفيدرالية في عام 1790 لتكون بمثابة عاصمة الأمة، وينص الدستور على أن المنطقة الفيدرالية تكون تحت ولاية الكونغرس الأميركي.
قائمة المصطلحات والمعلومات المتعلقة بالولايات المتحدة وظروفها وكل ما يتعلق في أميركا، لا تنتهي، ولكن سنُبقيك على اطلاع كلما احتجت إلى ذلك.
التعليقات