ركزت عدة صحف عربية وبريطانية وأمريكية على تأثر الشرق الأوسط بعودة دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، وفي هذا السياق نتعرض إلى مقال عن المخاوف من ضم إسرائيل لأراضٍ فلسطينية، ومقال آخر عن فريق ترامب الجديد، كما نطالع مقالاً عن اتجاه العلاقة بين ترامب وإيران في المرحلة المقبلة.
ونبدأ جولتنا من صحيفة الغارديان البريطانية ومقال كتبه بن ريف، ركز فيه على تصريحاتٍ وتحركاتٍ عسكرية وخطواتٍ سياسية ترجح بأن إسرائيل تسعى نحو ضم شمال قطاع غزة.
وأشار كاتب الصحيفة البريطانية إلى تصريحات إيتسيك كوهين، الضابط الكبير في الجيش الإسرائيلي، التي اعتبرها "اعترافاً" بأن إسرائيل تنفذ "تطهيراً عرقياً في شمال غزة، وتخدع العالم بشأن أهدافها الحقيقية في المنطقة المحاصرة".
وأوضح المقال أن كوهين "تباهى" بأن القوات الإسرائيلية تقترب من "الإخلاء الكامل" لجباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، في أقصى شمال غزة، والتي تعرضت لقصف إسرائيلي مكثف منذ أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأورد الكاتب نص ما قاله كوهين للصحفيين بأنه "لا توجد نية للسماح لسكان شمال قطاع غزة بالعودة إلى منازلهم"، مضيفاً أن "أوامره الواضحة" كانت "إنشاء مساحة بعد تطهيرها" في إشارة إلى إخلائها من الفلسطينيين.
وعلى الرغم من أن الجيش نأى بنفسه رسمياً عن تعليقات كوهين، إلا أن الكاتب يرى أن ما يحدث على الأرض في شمال غزة "هو بالضبط ما وصفه كوهين".
الحرب في شمال غزة: "ما يحدث الآن لا يقارن بما حدث في أول الحرب"
واستطرد الكاتب مشيراً إلى "اعتراف ثان رفيع المستوى" لوزير الدفاع الإسرائيلي المُقال، يوآف غالانت، خلال حديثه مع عائلات الرهائن الإسرائيليين في غزة، قائلاً "لم يعد هناك ما يمكن فعله في غزة. لقد تحققت الأهداف الرئيسية. وأخشى أننا موجودون هناك لمجرد وجود رغبة في البقاء هناك".
ويعلق الكاتب بأن "تطهير شمال غزة من سكانها الفلسطينيين"، سوف يمكن "المستوطنين الإسرائيليين وواضعي خطة الجنرالات، من تحقيق ما كانوا يحلمون به بإعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في المنطقة"، قائلاً إن "الواقع يؤكد أنهم وضعوا الخطط بالفعل".
وأضاف ريف ما يراه مؤشراً آخراً على هذا التوجه، وهو دعوة وزيرين من اليمين المتطرف للانضمام إلى مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي مؤخراً، وهما أوريت ستروك، وزيرة المستوطنات والبعثات الوطنية، وإسحاق فاسرلاوف، وزير تنمية المناطق المحيطة والنقب والجليل، معلقاً بأنهما "الخيار الأمثل لتقديم المشورة بشأن الاستيطان في غزة".
وأخيراً ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فإن "الاستيلاء الإسرائيلي الدائم على جزء من المنطقة على الأقل، يبدو خطراً وشيك الحدوث" بحسب وجهة نظر الكاتب الذي رجّح حصول إسرائيل على الدعم الأمريكي لخطوة ضم شمال غزة، سواء في سياق "صفقة قرن معدلة أو اتفاق أقل يحصل به نتنياهو على ما يريد في مقابل إنهاء الأعمال العدائية في جنوب القطاع".
ترامب وإدارة "الولاء" الجديدة
وننتقل إلى صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، ومقال يطرح فكرة أن "الولاء" سيكون المعيار الأساسي الذي سيعتمده الرئيس المنتخب دونالد ترامب في تشكيل إدارته القادمة، بما يضمن أن من حوله لن يقفوا عائقاً في طريقه، كما حدث سابقاً.
وأطلقت الكاتبة كارين تومولتي على هذا المعيار "اختبار السابع من يناير/كانون الثاني"، في إشارة إلى رد الفعل في يوم اقتحام مبنى الكابيتول عام 2021، الذي نفذه أنصار ترامب اعتراضاً على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي أسفرت عن فوز جو بايدن.
وتعلق تومولتي بأن ترشيح بعض الشخصيات لمناصب في إدارة ترامب الجديدة، على الرغم من انتقادهم له سابقاً، تأتي بسبب تجاوزهم ما حدث يوم اقتحام الكابيتول، والتقليل من مسؤولية ترامب عن "تحريض أنصاره" على ارتكاب ما وصفته بـ"الحصار الدموي".
وتقول الكاتبة إنهم "إذا تمكنوا من تحمل ما فعله ترامب في ذلك اليوم، فيمكن افتراض أنهم لن يقفوا في طريق المعايير الديمقراطية التي قد يأمر بها الرئيس العائد".
وعلى الرغم من عدم الكشف بعد عن عدد من سيعينهم ترامب في المناصب العليا، إلا أن الكاتبة ترجح أن الرئيس الأمريكي العائد سيطالبهم "بالخضوع"، لاسيما في إنفاذ القانون والسياسة الخارجية والأمن القومي، بعد شعوره بالإحباط ممن عينهم سابقاً خلال ولايته الأولى.
وأشارت الكاتبة إلى السيناتور الجمهوري ماركو روبيو، الذي تشير الأنباء إلى أنه المرشح لمنصب وزير الخارجية، بعد أن شن حملة شرسة ضد ترامب في سباق ترشيح الحزب الجمهوري لعام 2016، ووصفه بأنه "محتال" وغير لائق للمكتب البيضاوي بحسب الكاتبة.
ومع ذلك، فإن ترشيحه للمنصب المستقبلي هو وغيره يأتي في إطار ما وصفته الكاتبة بـ"التساهل" من قبل ترامب، لاسيما مع موقف روبيو من أحداث الكابيتول بعد عام من حدوثها، حين أصر على أن "الشغب" هي الكلمة الأكثر دقة لوصف الأحداث التي "لم تكن تهدف لإسقاط الحكومة".
ماذا يعني فوز ترامب بالنسبة لأوكرانيا والشرق الأوسط والصين؟
وذكرت الكاتبة مثالاً آخر وهو النائب لي زيلدين، الذي اختاره ترامب لرئاسة وكالة حماية البيئة، بعد أن قال عن أحداث الكابيتول، إن الجناة الحقيقيين للعنف هم "جهات مارقة تابعة للدولة".
وكانت النائبة إليز ستيفانيك التي يخطط الرئيس المنتخب لتنصيبها ممثلة لواشنطن لدى الأمم المتحدة، من بين المشككين السابقين الذين غيروا رأيهم فيما بعد حول ترامب، وباتت تطلق مصطلح "الرهائن" على المسجونين بسبب دورهم في هجوم الكابيتول.
كما قال النائب مايك والتز، الذي من المقرر أن يصبح مستشاراً للأمن القومي، إن مقارنات الديمقراطيين لهجوم الكابيتول بالحادي عشر من سبتمبر، أو بـبيرل هاربور كانت "مجنونة".
وتؤكد كاتبة الصحيفة الأمريكية على أن من وقفوا في وجه ترامب خلال ولايته الأولى، كان مصيرهم الإقصاء، كما حدث مع وزير الدفاع آنذاك مارك إسبر الذي "استسخف فكرة إطلاق صواريخ باتريوت على المكسيك للقضاء على عصابات المخدرات واتهام دولة أخرى بفعل ذلك".
وكان إسبر أحد وزراء الدفاع الخمسة الذين خدموا خلال فترة ولاية ترامب الأولى، وقد أدى وقوفه في وجه الرئيس إلى إقالته، لكنه، بحسب الكاتبة، كان أفضل حالاً من رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق، الجنرال مارك ميلي، الذي قال ترامب إنه يجب أن يحاكم بتهمة الخيانة، و"هي جريمة يعاقب عليها بالإعدام" بحسب الكاتبة.
إيران وترامب... حوار أم تصعيد؟
ونختتم جولتنا بمقال للكاتب السعودي طارق الحميد في صحيفة الشرق الأوسط عن العلاقة المستقبلية بين واشنطن وطهران خلال الولاية الثانية للرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وأشار الحميد في مقاله إلى إعلان نتنياهو تواصله مع الرئيس المنتخب ثلاث مرات، منذ الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، مضيفاً في بيان: "نحن نرى بأم أعيننا التهديد الإيراني بكل مكوناته، والخطر الذي يشكله" متحدثاً عن نفسه وترامب.
ويرى الكاتب أن السياسيين الإيرانيين المقربين من واشنطن أو الأقرب للمرشد الأعلى، يرون جميعاً أن "عودة ترامب للرئاسة تعد فرصة للحوار معه".
واستعان الكاتب السعودي بما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن الصحيفة الإيرانية الإصلاحية «شارغ»، التي نشرت افتتاحيتها على الصفحة الأولى: "على الرئيس الإيراني الجديد الأكثر اعتدالاً، مسعود بزشكيان، تجنب أخطاء الماضي، وانتهاج سياسة براغماتية متعددة الأبعاد".
الاتفاق النووي الإيراني: طهران تخصب اليورانيوم إلى مستوى يقرّبها من صناعة سلاح نووي
كما أشار الحميد أيضاً إلى رأي مضاد بصحيفة "وول ستريت جورنال"، الأسبوع الماضي، بأن إدارة ترامب الجديدة ستمارس الضغوط القصوى على طهران من أول يوم لها بالبيت الأبيض.
وأشار طارق الحميد إلى حوار بينه وبين مسؤول عربي قبل أشهر، حين قال له "إذا فاز ترامب فلا تستبعد شيئاً، وتذكر أن من صافح كيم جونغ أون، زعيم كوريا الشمالية، قد يصافح المرشد الإيراني".
ويعلق الكاتب بأن ترامب قادر على الحوار مع إيران، لاسيما وأنه يفاخر بأن بمقدوره إنجاز اتفاق مع أي طرف، لكنه تساءل عن قدرة إيران على فعل ذلك، خاصة وأن ذلك يعني "تغير كامل مكلف للنظام".
واختتم الكاتب السعودي مقاله بأن كل الخيارات صعبة بالنسبة لإيران، سواء قررت التغيير أو المواجهة، خصوصاً مع "توثب" نتنياهو.
التعليقات