تتقدم فصائل المعارضة، الجمعة، باتجاه مدينة حمص، ثالث كبرى مدن سوريا، غداة سيطرتها على مدينة حماة الواقعة شمالها، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك في إطار هجوم مباغت ضد قوات الجيش السوري في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وأورد المرصد أن "هيئة تحرير الشام "والفصائل المعارضة المتحالفة معها "دخلت في الساعات الأخيرة إلى مدينتي الرستن وتلبيسة في ريف حمص الشمالي، وسط غياب تام لقوات النظام"، التي قال إنها "قصفت ليلاً جسراً في الرستن لمحاولة صد تقدم الفصائل إلى مدينة حمص".

وباتت الفصائل على بعد نحو خمسة كيلومترات من أطراف مدينة حمص، وفق المرصد، بعد تقدمها إلى بلدتين استراتيجيتين تقعان على الطريق الذي يربطها بمدينة حماة.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "باتت هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها على بعد خمسة كيلومترات من أطراف مدينة حمص بعد سيطرتها على مدينتي الرستن وتلبيسة".

وأوضح أن "من شأن سيطرة الفصائل على مدينة حمص أن تقطع الطريق الذي يربط دمشق بالساحل السوري".

"الإطاحة بنظام بشار الأسد"

قوات من فصائل المعارضة تقوم بتمزيق صورة للرئيس السوري في حلب.
EPA

وأكّد زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، أن "هدف التحالف المعارض في سوريا، الذي ينتزع مدينة كبيرة أخرى من سيطرة الحكومة هذا الأسبوع، هو في نهاية المطاف الإطاحة بالرئيس بشار الأسد".

وفي مقابلة مع شبكة سي إن إن، لم يترك الجولاني مجالاً للشك في أن "طموحات هيئة تحرير الشام لا تقل عن وضع حد لنظام الأسد".

وفي أول مقابلة إعلامية له منذ سنوات، في مكان غير معلن في سوريا، تحدث عن خطط لإنشاء حكومة قائمة على المؤسسات و"مجلس يختاره الشعب".

وأضاف الجولاني "عندما نتحدث عن الأهداف فإن هدف الثورة يبقى إسقاط هذا النظام ومن حقنا أن نستخدم كل الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف".

وأعرب عن رغبته في رؤية القوات الأجنبية تغادر سوريا، وقال: "أعتقد أنه بمجرد سقوط هذا النظام، ستُحل القضية ولن تكون هناك حاجة بعد الآن لبقاء أي قوات أجنبية في سوريا".

وتابع الجولاني: "نحن نتحدث عن مشروع أكبر، نتحدث عن بناء سوريا، وهيئة تحرير الشام ليست سوى جزء من هذا الحوار، وقد تنحل في أي وقت، وهي ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لأداء مهمة: مواجهة هذا النظام".

"عاصمة الثورة"

وتقع حمص على بعد نحو 40 كيلومتراً جنوب مدينة حماة، ويلقبها ناشطون معارضون بـ"عاصمة الثورة"، وذلك بعدما "شهدت كبرى التظاهرات الشعبية المناوئة للنظام في عام 2011".

وشهدت المدينة خلال سنوات النزاع الأولى معارك بين الفصائل المعارضة والجيش السوري الذي "تمكن عام 2014 من السيطرة على مجملها بعد انسحاب قوات المعارضة من أحيائها القديمة بموجب اتفاق تسوية أعقب عامين من الحصار والقصف".

واتجت قوات المعارضة آنذاك إلى حي الوعر مع آلاف المدنيين، قبل أن ينسحبوا منها عام 2017 بموجب اتفاق تسوية مع الحكومة.

وشهدت بعض تلك الأحياء خلال سنوات النزاع الأولى تفجيرات دامية، وفي 29 أبريل/نيسان 2014، قتل مئة شخص على الأقل غالبيتهم مدنيون، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان حينها، في تفجير مزدوج تبنته جبهة النصرة آنذاك (قبل فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة واندماجها مع فصائل أخرى تحت مسمى هيئة تحرير الشام) في حي ذي غالبية علوية.

قصف جسر الرستن لمنع تقدم الفصائل

خارطة سوريا.
BBC

شن الجيش السوري غارات جوية يوم الجمعة استهدفت جسرا استراتيجيا يربط مدينة حماة التي سيطرت عليها فصائل المعارضة بمدينة حمص التي يسعى النظام إلى منع خروجها عن سيطرته.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان "استهدفت طائرات حربية بغارات جوية جسر الرستن الذي يربط مدينة حمص بحماة، لقطع الطريق بين حماة وحمص وتأمين مدينة حمص".

وذكر المرصد أن "قوات النظام نقلت أكثر من 200 آلية عسكرية محملة بأسلحة وعتاد إلى مدينة حمص، لتعزيز مواقعها في منطقة الوعر وقرب الكليات العسكرية".

وقد سيطرت فصائل المعارضة السورية، الخميس، على مدينة حماة، رابع أكبر مدينة في سوريا من حيث عدد السكان، بعد أيام من سيطرتها على حلب في إطار هجوم مباغت.

وأقر الجيش السوري بخسارته مدينة حماة الاستراتيجية معلنا في بيان قال فيه: "خلال الساعات الماضية ومع اشتداد المواجهات بين جنودنا والمجموعات الإرهابية.. تمكنت تلك المجموعات من اختراق محاور عدة في المدينة ودخولها"، مضيفاً: "قامت الوحدات العسكرية المرابطة فيها بإعادة الانتشار والتموضع خارج المدينة".

وقال وزير الدفاع السوري علي محمود عباس في بيان متلفز، مساء الخميس، إنّ "ما حدث في مدينة حماة اليوم هو إجراء تكتيكي مؤقت، وما زالت قواتنا في محيط مدينة حماة".