إيلاف من طنجة : داخل منزل متواضع في مدينة طنجة (شمال المغرب)، جلس عبد العزيز البقالي، رئيس التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين بسوريا، أمام شاشة التلفزيون ، يتابع بترقب تطورات الأحداث الميدانية في سوريا، وما أسفر عنها من أخبار عن فتح الثوار لسجون النظام السوري وإطلاق سراح مئات المعتقلين يوم أمس الأحد.
هذا الحدث أشعل أملاً في قلبه بعد سنوات من الانتظار المرهق، لكنه لم يتلق حتى الآن أي خبر عن ابنه الذي انقطعت أخباره منذ سنوات، حينما التحق)؛ بمناطق النزاع السوري.
وبنبرة مختلطة بالألم والأمل، قال البقالي لـ "إيلاف المغرب " :"لا، لم نتوصل بأي أخبار عن وجود أبنائنا ضمن المحررين".
وأضاف إن "آخر الإحصائيات المحينة تشير إلى وجود 488 مغربيًا محتجزين في أماكن مختلفة من سوريا ، بينهم 113 رجلاً، و89 امرأة، و251 طفلًا مع أمهاتهم، إضافة إلى 35 شخصًا في حالة اختفاء". كما أشار البقالي إلى وجود 33 مغربيًا عالقين في العراق، منهم 12 رجلاً و21 طفلًا يتيمًا، مؤكداً أن هذا الملف يمثل جرحًا مفتوحًا لعشرات الأسر المغربية التي تعيش تحت وطأة القلق والخوف على مصير أبنائها.
ووجه البقالي مناشدة للجهات المغربية المختصة، بما فيها وزارة الخارجية والتعاون، ووزارة العدل، ووزارة الداخلية، للتدخل العاجل وإنهاء معاناة هذه الأسر، معتبرا أن التحولات السياسية الجارية في سوريا قد تشكل فرصة لإيجاد حلول جذرية، شريطة أن يتم وضع خطة إنسانية متكاملة تتضمن برامج دعم نفسي واجتماعي للمحتجزين ودمجهم في المجتمع، إلى جانب تقديم المتورطين في جرائم إلى العدالة.
وفي سياق متصل، عبرت التنسيقية عن استيائها من الظروف القاسية التي يعيشها المعتقلون المغاربة، خاصة الأطفال الذين يتم فصلهم عن أمهاتهم واحتجازهم في مخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، قبل أن يتم الزج بهم في السجون عند بلوغهم سن الثامنة عشرة إلى جانب مقاتلي تنظيم "داعش"، وهذا الشيء يقر به المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي محاولة للبرلمان المغربي لفهم حجم المعاناة التي يعيشها هؤلاء المغاربة، سبق أن شكل مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى للبرلمان) لجنة برلمانية قامت بمهمة استطلاعية في بؤر التوتر بسوريا والعراق.
ورغم تسليط التقرير البرلماني الضوء على الأوضاع الخطيرة التي تواجه النساء والأطفال، إلا أن توصياته، التي شملت إصدار قوانين تُسهل عملية الإرجاع بشكل سريع وآمن، لم تسفر حتى الآن عن خطوات عملية ملموسة بسبب التعقيدات السياسية والأمنية.
في ظل هذا الوضع، تستمر الأسر المغربية في متابعة الأخبار، تتشبث بأي بصيص أمل يعيد لهم أبناءهم. إذ قال أحد الآباء الذي فقد ابنه في سوريا "كل ما نريده هو أن يعودوا سالمين إلى بلدهم، وأن يتمكنوا من بدء حياة جديدة بعيدًا عن المعاناة التي عاشوها".
وفي انتظار أمل يلوح في الأفق، تظل قضية المغاربة المعتقلين في سوريا بين مطرقة التحديات الأمنية، وسندان المسؤوليات الإنسانية.
التعليقات