للمرة الثانية خلال أسبوع، يجدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تصريحاته حول قبول الأردن ومصر استقبال أهالي غزة، بعد اقتراح قدّمه السبت 25 كانون الثاني (يناير) 2025 لـ"تطهير" القطاع الذي قال إنه أصبح "مكاناً مدمراً".
وليلة الخميس 30 كانون الثاني (يناير) 2025 صرح الرئيس الأمريكي في مؤتمر صحفي، رداً على سؤال أحد الصحفيين حول إمكانية استضافة الأردن ومصر لفلسطينيين من قطاع غزة، قائلاً: "ستفعلان ذلك".
وأضاف ترامب في حديثه: "لقد قدمنا الكثير من الدعم لهما، وسيفعلان ما طلبناه منهما".
وكان الأردن قد ردّ على التصريحات الأولى للرئيس الأمريكي بالرفض، مشدداً على لسان وزير خارجيته، أيمن الصفدي، على "تمسك عمان بحل الدولتين، سبيلاً وحيداً لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة".
أما مصر، فقد قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن "نقل الشعب الفلسطيني من مكانه ظلمٌ لا يمكن أن نشارك فيه"، ورأى أن في هذه الخطوة "عدم استقرار للأمن القومي المصري وللأمن القومي العربي في منطقتنا".
أثارت تلك التصريحات جدلاً واسعاً بين الأردنيين والمصريين، لا سيما أنها جاءت مع سريان اتفاق وقف النار في غزة وتصاعد الأزمة الإنسانية في القطاع "المدمر".
هذه التصريحات تأتي في إطار البحث المستمر عن حلول محتملة للأزمة الفلسطينية، كما أنها أثارت ردود فعل قوية على منصات التواصل الاجتماعي من قبل شعوب الدول المعنية، الذين يرون في هذا التصريح "تحدياً لمواقفهم الوطنية والقومية".
وفي شكل آخر للتعبير عن رفض مخطط ترامب، شهدت منصات التواصل الاجتماعي، على الصعيد المصري، دعوات للخروج بتظاهرات شعبية تصل إلى الجانب المصري من معبر رفح رفضاً لخطط التهجير الفلسطيني نحو الجمهورية التي تشترك مع قطاع غزة بحدود تصل إلى طول 12 كيلو متراً، بالقرب من مدينة رفح.
وشهدت مناطق متفرقة في مصر ليلة الخميس 30 يناير/كانون الثاني تحرك حافلات تقل أعداداً كبيرة من المشاركين نحو محافظة شمال سيناء، حيث رفع المتظاهرون شعارات منها "لا لتهجير الشعب الفلسطيني" و"لا لتصفية القضية الفلسطينية"، إلى جانب أعلام مصر وفلسطين.

"مستحيلة التنفيذ"
تعبر تغريدة معتز الرحاحلة على منصة "إكس" عن "هدوء" الأردن في التفاعل مع التصريحات الأمريكية، فهو يقول إن الأردن لا يتسرع في الرد "بعصبية أو تشنج"، بل يتبنى مواقف مدروسة ومنطقية، مؤكداً أن الأردن ردّ "استباقياً ومنذ زمن".
للذين ينتظرون رد الأردن على كلام ترامب بخصوص ترحيل أهل غزة للأردن و مصر ،،،،
— MUTAZ AL RHAHLEH (@mutaz_rhahleh) January 26, 2025
** الأردن لا يتشنج عند اي تصريح أو تلميح ،،،
** الأردن ليست دولة مارقة لترد بعصبية ،،،،
** الأردن يفكر بمنطقية عقلانية وبشكل سليم ،،،،
** الدولة الأردنية وعلى لسان جلالة الملك قالت كلمتها و ما يطرح… pic.twitter.com/julL8dH3z4
يقول باتر وردم في منشور له على فيسبوك إن خطة ترامب تبدو "مستحيلة التنفيذ"، ويرى أن "صمود أهل غزة في وجه الإبادة" و"الدبلوماسية الأردنية" قادرتان على ردع الخطة الأمريكية.
ويبدي وردم قلقه مما وصفه بـ"الطابور الخامس الداخلي الذي يظهر عداء للدولة الأردنية أكثر من عدائه لإسرائيل".
علي عارفيه، استنكر تصريحات ترامب، وطالب "رؤساء الأحزاب المصرية، ومعهم كل رؤساء النقابات والجامعات، ورئيسي مجلس الشعب والشورى ونوابهما - بطرق أبواب السفارة الأمريكية وتقديم مذكرة احتجاج شديدة اللهجة".
أما هاني نسيرة، الكاتب والصحفي المصري، كما يعرف عن نفسه على إكس، يرى أن الخطة الأمريكية "تبرر لعودة غير مسبوقة ومحتملة لجماعات التطرف والعنف".
اقترح استراتيجيات وتحركات مدنية وإعلامية توجه للداخل الأمريكي والغربي لكشف وتعرية خطر التهجير والضغوط علي مصر والأردن في مسالة تهجير الفلسطينيين وكيف تؤثر هذه الرغبة الترمبية علي الاستقرار والسلام في المنطقة وكيف تبرر لعودة غير مسبوقة ومحتملة لجماعات التطرف والعنف .. ليس يكفي أن…
— هاني نسيره Dr.Hani Nasira (@hnesira) January 31, 2025
تصريحات ترامب "ليست إلا بلطجة واستعراض عضلات"، بحسب تغريدة كتبتها بيان القضاة على منصّة "إكس"، قالت فيها: " ترامب نفسه مهجَّر ومحتل لأرضٍ ليست أرضه ويساوم على تهجير الفلسطينيين وهم أصحاب الأرض".
تصريحات ترامب بشأن الاردن ومصر والموافقة على مخطط التهجير ليس الا بلطجة واستعراض عضلات! ترامب نفسه مهجر ومحتل لارضٍ ليست ارضه ويساوم على تهجير الفلسطينيين وهم اصحاب الارض! الاردن قال كلمته وكلنا ثقة بحنكة سيدنا! المطلوب موقف شعبي ثابت خلف القيادة وموقف عربي داعم لقرار الاردن ومصر
— Bayan Qudah (@qudahb1) January 31, 2025
ويرى حساب جاء تحت اسم "غير" أن الرغبة الأمريكية والإسرائيلية في السيطرة على قطاع غزة وتهجير سكانه يأتي من كونه "يمتلك ثروه من الغاز في البحر والأرض" بهدف تحويله إلى "منطقة سياحية".
قطاع غزه يمتلك ثروه هن الغاز في البحر والأرض ولهذا يخططون اليهود الصهاينه والسماسره في تهجير أهالي غزه حتي يستثمرونه وابتلاع ثرواته.
— Gheer (@Gheer37823632) January 31, 2025
وتحويله الي منطقه سياحيه علي جماجم الشهداء؟
وهذا لن يحدث لان شعب فلسطين صامد كالجبال ولن يترك أرضه بل متمسك وقدم الشهداء والتضحيات العظيمه .
يقول ماجد أبو دياك، والذي يعرف عنه نفسه على "إكس" بأنه كاتب وباحث فلسطيني، إن رفض الأردن ومصر هو "واجب ومستحق"، وعن الغزيين يقول: "هذا شعب لا يقبل الدنية في دينه ووطنه، وهو الذي أفشل ولا يزال مؤامرة التهجير على مدى 15 شهراً".
يبدو أن ترمب يريد مساومة الإسرائيليين بالتزامهم بالدخول في المرحلة الثانية من صفقة التبادل، من خلال التأكيد لهم أنه جاد في فكرة تهجير الغزيين إلى الأردن ومصر أو دول أخرى.
— ماجد أبو دياك (@abudiak64) January 29, 2025
هذا ما يبدو أنه تم خلال لقاء مبعوث ترمب (ويتكوف) مع نتنياهو مساء اليوم.
إذا كان ترامب يعتقد أن قضية غزة مثل… pic.twitter.com/Sngj6k4xwM
"دفع إلى تهجير ناعم"
وبينما يستنكر الموقفان الأردني والمصري، رسمياً وشعبياً، الخطة الأمريكية، ترتفع أصوات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي منتقدة "الصمت العربي" تجاه خطة "التهجير".
ينتقد حساب يحمل اسم "أحمد جيفارا" على منصة "إكس" عدم دعوة أي بلد عربي إلى "مؤتمر أو مبادرة" تهدف لإعادة إعمار غزة ومنع تهجير سكانها، معتبراً أن "التأخر في الإعمار يعني الدفع إلى تهجير ناعم ومشاركة في الخطة".
ليست خطابات او امنيات عاطفية و اناشيد وطنية
— Ahmed Guevara 🤍 (@Ahmed_Guevara14) January 31, 2025
إعادة الاعمار الان اليوم قبل غدا
مفيش بلد عربي واحد عمل او دعى لمؤتمر أو مبادرة مانحين
لا مصر ولا قطر ولا السعودية ولا امارات و لا تركيا حتى ، التأخر في الاعمار يعني الدفع الى تهجير ناعم
التأخر في الاعمار تورط و مشاركة في خطة التهجير
أما حساب جاء تحت اسم "رورو محمد" فيرى أن الصمت العربي يأتي في إطار دعم "تنفيذ مخطط (قناة) بن غوريون بدل قناة السويس".
الدول العربية عمرها ما ها تتكلم عن تهجير الفلسطين الى سيناء لانهم عايزين كده لتنفيذ مخطط قناة منجوريون اللى هتكون بدل قناة السويس هتكون بداية القناة من غزة الى اسرائيل الى السعودية و باقى الدول العربية لحد الهند يعنى لا تستنا ان دولة عربية تطلع تكلم عن التهجير
— roro mohamed (@roromoh15751982) January 31, 2025
وغرّد حساب آخر باسم "كيب بريثنغ"، حمل صورة جمعت العلمين المصري والفلسطيني، باحثاً عن موقف قطر والسعودية وإيران من "تهجير الغزيين"، وتساءل: "هل غزة بقيت ورقة تفاوض أو مطمعاً بعد التهجير؟!".
وانتو فين يا بتوع دعم المقاومة ع الفضائيات؟ قطر راحة تعمر سوريا وسايبة مخطط تهجير ف غزة!؟ والسعودية راحة تعمر امريكا اللى بتنفذ مخطط التهجير؟! والإمارات مهتمة بإعمار الصرف الصحى؟! وإيران مستنية تتفق ع النووى وتركيا مستنية تتفق ع الغاز؟ غزة بقت ورقة تفاوض أو مطمع بعد التهجير؟!
— keep breathing (@keepbreathing19) January 30, 2025
يرى نظام مهداوي، رئيس تحرير صحيفة وطن، المستقلة الصادرة من أمريكا، في تغريدة له على منصة إكس أن "خطة التهجير... قد لا تكون بحاجة إلى موافقة السيسي أو الملك عبد الله وإنما هي بالون اختبار لما قد يحدث مستقبلاً".
ويتوقع مهداوي سيناريوهات "سوداوية" عدّة، بينما يختم بأن القضية "تتجاوز مجرد الموافقة أو الممانعة"، ويقول: "نحن أمام نظامين تابعين لأمريكا لا يملكان أي أوراق قوة، بل يعتاشان على المعونات الأمريكية".
من يرفض تهجير الفلسطينيين يجب أن يدعم صمودهم ومقاومتهم، لا أن يشارك في حصارهم وتجويعهم.
— نظام المهداوي - Nezam Mahdawi (@NezamMahdawi) January 30, 2025
خطة التهجير التي تبناها #ترامب من اليمين الصهيوني الإرهابي قد لا تكون بحاجة أصلاً إلى موافقة #السيسي أو الملك عبدالله، وإنما هي بالون اختبار لما قد يحدث مستقبلاً.
لنتخيل هذا السيناريو… pic.twitter.com/NskKUqNsR0
يبدو أن تصريحات ترامب بشأن ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى الأردن ومصر ما تزال تثير تفاعلاً واسعاً، سواء من الناحية الرسمية أو الشعبية في البلدين.
وبينما أظهر المسؤولون في عمّان والقاهرة رفضاً قاطعاً لهذه الخطة، أكد المواطنون والنشطاء على منصات التواصل الاجتماعي تمسكهم بمواقفهم الرافضة لمخططات التهجير، مشددين على "ضرورة دعم القضية الفلسطينية" وعدم السماح لأي محاولات لفرض حلول "مفروضة" تتعارض مع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
في ظل هذه الأجواء، تواصل ردود الفعل على هذه التصريحات تسليط الضوء على تعقيد الملف الفلسطيني في المنطقة، مع التركيز على دعم الحقوق الفلسطينية وتحقيق حل عادل ومستدام.
- مظاهرات الأردن: ما كواليسها؟ وهل تسعى "أطراف خارجية" خلفها؟
- بعد ثلاثة عقود على اتفاق السلام بين الأردن وإسرائيل، كيف ينظر الطرفان إلى مستقبل معاهدة وادي عربة؟
- تقصي الحقائق: ماذا يحدث على حدود رفح بين مصر وغزة؟
التعليقات