إيلاف من لندن: لم يكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحاجة إلى قراءة عدد "تايم" الجديد ليدرك أن المجلة تحاول استفزازه، لكن عندما أُثير الموضوع أمامه، رد بسخرية قائلاً: "هل ما زالت مجلة تايم تعمل؟ لم أكن أعرف ذلك"، ثم تابع حديثه وكأن الأمر لا يعنيه.
كان الغلاف الجديد لـ"تايم" واضح الرسالة، حيث أظهر الملياردير إيلون ماسك جالسًا خلف المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، وهي صورة أثارت التكهنات حول نفوذ ماسك المتزايد في واشنطن، ودوره في تفكيك أجزاء من الحكومة الفيدرالية.
جاء رد ترامب خلال لقاء مع رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا في البيت الأبيض، عندما سأله أحد الصحافيين عن رأيه في الغلاف الذي يلمح إلى أن ماسك هو من يدير المشهد الحقيقي في واشنطن.
"لا"، أجاب ترامب، مؤكدًا أنه لم ير الغلاف، قبل أن يرد بالهجوم على المجلة، ثم يضيف: "إيلون يقوم بعمل رائع".
"تايم" وترامب.. سجل من المواجهات
لم يكن هذا الغلاف مجرد صورة استفزازية، بل كان استمرارًا لنهج "تايم" في إثارة حفيظة ترامب. في عام 2017، نشرت المجلة صورة مستشار ترامب آنذاك ستيف بانون، مع عنوان وصفه بأنه "ثاني أقوى رجل في العالم"، وهو ما أثار استياء ترامب بشدة. بعد بضعة أشهر، أُطيح ببانون من مجلس الأمن القومي.
وبعد 8 سنوات، تعود المجلة إلى اللعب بالنار، هذه المرة عبر وضع إيلون ماسك في موقع الرئاسة، مما يعكس تصاعد دوره داخل الإدارة الأميركية، ودوره في تفكيك الوكالات الحكومية.
ترامب يشيد بصديقه
ورغم أن المجلة حاولت الإيحاء بأن ماسك هو "الرئيس الحقيقي"، فإن ترامب لم يُظهر أي انزعاج تجاه صديقه، بل على العكس، أشاد به وبالجهود التي يبذلها داخل الحكومة الأميركية.
وقال ترامب: "إيلون يقوم بعمل رائع، ويكشف عمليات احتيال وفساد وإهدار هائلة. يمكنك أن ترى ذلك مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وستراه أكثر مع وكالات أخرى وأجزاء من الحكومة الأميركية".
وبهذه التصريحات، أوضح ترامب أن ماسك ليس مجرد ملياردير أو صاحب نفوذ اقتصادي، بل أصبح جزءًا أساسيًا من استراتيجيته لإصلاح الحكومة، وهي نقطة تعزز التقارير التي تتحدث عن دور ماسك في إغلاق بعض الهيئات الحكومية وتقليل الإنفاق الفيدرالي.
أبواب البيت الأبيض تفتح لماسك
في خطوة تعكس مدى ثقته في ماسك، كشف ترامب عن خطط لجعل ماسك يعقد مؤتمرات صحافية رسمية في البيت الأبيض، حيث سيجيب عن أسئلة الصحافيين حول إصلاحات الحكومة والجهود المبذولة للقضاء على الفساد.
قال ترامب: "إيلون ليس شخصًا خجولًا، سيكون متاحًا للإجابة عن الأسئلة قريبًا"، وهو ما يراه مراقبون تلميحًا إلى أن ماسك قد يحصل على دور أكبر في المرحلة المقبلة.
ترامب و"تايم"
الانتقادات التي وجهها ترامب لـ"تايم" تأتي بعد أسابيع فقط من احتفاله باختياره "شخصية العام" من قبل المجلة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. آنذاك، وصف ترامب التكريم بأنه "شرف عظيم"، وقال إنه فخور بالظهور على الغلاف للمرة الثانية.
لكن ما إن تحوّل الغلاف من تكريم له إلى تلميح بأن ماسك هو صاحب النفوذ الحقيقي، حتى عاد ترامب ليهاجم المجلة، ويقلل من شأنها.
هل أرادت "تايم" الاستفزاز؟
سواء كانت "تايم" تحاول إغضاب ترامب عمدًا أو فقط تسلط الضوء على دور ماسك في الإدارة الأميركية، فإن الغلاف الأخير جاء بمثابة اختبار جديد للعلاقة بين ترامب وماسك. وتعامل ترامب مع الأمر ببرود، ولم تنجح فكرة أن يظهر شخص آخر في موقع الرئاسة في استدراجه للغضب.
التعليقات