الرأي العام: الأربعاء: 13 . 07 . 2005

تندرج محاولة الإغتيال التي تعرض لها السيد الياس المر وزير الدفاع في الحكومة اللبنانية المستقيلة في إطار المحاولات المبذولة لتغطية سلسلة من الجرائم بدأت بمحاولة إغتيال النائب مروان حماده ثم بإغتيال الرئيس رفيق الحريري والنائب باسل فليحان ورفاقهما والزميل سمير قصير والسيد جورج حاوي.

أنه عمل مفيد للمجرمين الذين سارعوا بعد محاولة إغتيال المر الى إطلاق تصريحات فحواها أن حلفاء سورية في لبنان معرضون أيضا للقتل.ربما نسي عملاء النظام الامني السوري-اللبناني، الذين خرجوا من جحورهم دفعة واحدة لترديد نغمة واحدة، أن الياس المر ووالده السيد ميشال المر ليسا مجرد أدوات للنظام ألأمني على الرغم أن ألابن صهر الرئيس أميل لحود. فميشال المر هو قبل كل شيء سياسي لبناني محنك يعرف من أين تؤكل الكتف. كان ميشال المر في السنوات الأخيرة حليفاً لدمشق،لكنه كان قبل ذلك وفي مرحلة ما قبل الإجتياح الإسرائيلي للبنان وخلاله من أكثر السياسيين التصاقاً ببشير الجميل الذي وصل وقتذاك الى أن ينتخب رئيساً للجمهورية. في الحسابات التي يمكن أن يجريها النظام الأمني، يمكن القول أن الياس المر لا يقدم ولا يؤخر بالنسبة اليه...كذلك والده. كل ما في الأمر ان محاولة أغتيال ألإبن بمثابة ضرب غير عصفور بحجر واحد،اضافة بالطبع الى تضليل التحقيق في سلسلة الجرائم التي شهدها لبنان في مرحلة ما بعد التجديد للرئيس لحود.

قبل كل شيء،يبدو واضحاً من تصريحات يتامى المخابرات السورية والنظام الأمني اللبناني،أو على الأصح، ما بقي منه،أن الهدف من محاولة ألأغتيال منع السيد فؤاد سنيورة من تشكيل حكومة.أنها رسالة واضحة الى الرئيس المكلف فحواها أن لبنان بلد مكشوف الى حد كبير وأن هذا ما ينتظره من أحداث في حال تشكيل حكومة غير مرض عنها من النظام الأمني المشترك الذي أظهر أنه لا يزال فعالا الى حد كبير. ولذلك أفضل ما يمكن أن يعمله السنيورة الأسراع في تشكيل حكومة.أكثر من ذلك،أنها رسالة الى لبنان واللبنانيين تقول صراحة أنه لا يوجد أمن في بلدهم وأن ثمة حاجة الى وصاية دائمة على البلد أذا كان مطلوباً أن يسوده السلم ألمدني.أي أن هناك ثمنا لا بد للبنان أن يدفعه من سيادته في حال كان مطلوباً أن يحافظ على سلمه الداخلي.والملفت في هذا السياق أن محاولة أغتيال الياس المر جاءت في وقت لم يعد خافيا على احد أن سورية أغلقت حدودها مع لبنان في محاولة مكشوفة للقول أنها ما زالت مصرة على الإمساك بالبلد وعلى تأكيد قدرتها على الإنتقام حتى لو كان عليها خرق القوانين الدولية والظهور أمام المجتمع الدولي كمن يضرب عرض الحائط بها.

صارت اللعبة واضحة في لبنان.أن البلد في أزمة حقيقية منذ أتخذت دمشق قرارا بالتمديد للرئيس لحود وهو القرار الذي أدى مباشرة الى صدور القرار 1559.نعم هناك أزمة في لبنان راحت تتصاعد مع أستشهاد الرئيس رفيق الحريري ما دفع بأهل السنة ألى اخراج سورية من لبنان بدعم دولي. ولكن ما يتبين مع مرور الوقت أن الأزمة الحقيقية في سورية وليس في لبنان.انها أزمة نظام يرفض أخذ العلم بما يدور في المنطقة والعالم وبموازين القوى فيهما،ولذلك ليس مستبعداً ان يرتكب مزيداًً من الأخطاء في لبنان وفي حق لبنان لبنان واللبنانيين.أنه نظام يعتقد أن في أستطاعته ممارسة عملية هروب الى أمام الى ما لا نهاية غير مدرك أن مصلحته تكمن في لبنان مستقل يحكمه أشخاص يؤمنون حقاً بالعرب والعروبة وليس بالعمالة العمياء لأجهزته،أشخاص يستطيعون القول لدمشق بكل صدق ومحبة أن التصعيد في لبنان ومع لبنان سيزيد أزمة النظام فيها عمقاً،لا لشيء سوى لأن الضغط على لبنان لا يعني شيئاً بالنسبة الى الأدارة الأميركية بأستثناء أنه يزيد نفوذ اولئك الذين يدعون في واشنطن الى أتخاذ قرار نهائي بتغيير النظام في دمشق على غرار ما حصل في بغداد!.