السبت30 ديسمبر2006

جوزيف ليبرمان

عدت للتو من زيارة لي إلى منطقة الشرق الأوسط، التقيت وتحدثت خلالها مع قادة وزعماء المنطقة، وخرجت منها باستنتاج رئيسي تجلى لي كما الشمس في رابعة النهار: رغم أنه من الطبيعي أن نوجه معظم اهتمامنا وجهودنا إلى العراق، فإن حرباً أوسع نطاقاً، بدأت نذرها تلوح في الأفق. ويمثل أحد معسكري هذه الحرب، المتطرفون والإرهابيون الذين ترعاهم وتمولهم إيران، بينما يقف في الجانب الآخر منها، المعتدلون وquot;الديمقراطيونquot; الذين تدعمهم الولايات المتحدة الأميركية. بقي أن نقول إن العراق هو ساحة المعركة الدموية الأشد، والتي تدور فيها رحى هذه الحرب. أما الطريقة التي سنضع بها حداً للحرب، فإن تأثيراتها لا تقتصر على المنطقة الشرق أوسطية وحدها فحسب، وإنما تطال جبهات الحرب الدولية الأوسع نطاقاً، المعلنة ضد أولئك المتطرفين الذين صوبوا سهامهم وهجماتهم على بلادنا في 11 سبتمبر 2001. وبسبب بسالة الجنود العراقيين وجنود التحالف الدولي، مقترنة بوحدة كلمة وصفوف الساسة المعتدلين العراقيين الآن في العاصمة بغداد، فإنني ما زلت أرى إمكانية الفوز بهذه الحرب. وعليه فإنه يتحتم علينا وعلى حلفائنا العراقيين، بذل كل ما بوسعنا من أجل الفوز بها.

وبالطبع فإنه من المفهوم أن تسود مشاعر الإحباط في أوساط المواطنين الأميركيين، نتيجة للبطء في إحراز أي تقدم منظور في الحرب، رغم الثمن الباهظ الذي دفعه مقاتلونا البواسل وأسرهم من أجل إحراز ذلك التقدم. غير أن المطلوب حالياً، لاسيما في بغداد وواشنطن، ليس مشاعر اليأس والإحباط، وإنما الفعل الحاسم والفوري في ذات الوقت.

ذلك أن أبرز ٍّ أو معضلة نواجهها اليوم في بغداد، ليست غياب الإرادة السياسية العراقية، ولا نقص المبادرة الدبلوماسية الأميركية، إذ شهدت كلتاهما تحسناً ملحوظاً خلال الفترة القليلة الماضية، وإنما تتمثل هذه المعضلة في نقص الأمن. وطالما واصل المتمردون وفرق الاغتيالات، ترويع بغداد وترهيب أهلها، فلن يكون هناك من سبيل لأن تتحول المؤسسات الديمقراطية العراقية الناشئة، إلى مؤسسات فاعلة، بقدر ما يتعذر بالطبع كسب ثقة الجماهير في هذه المؤسسات، بل في التجربة الديمقراطية برمتها. أما حالة الذعر العام التي أشاعتها عصابات القتل والعنف الدموي، وجرائم الاختطاف الجماعي التي تكررت خلال الأسابيع الماضية، فتستهدف جميعها استمرار تدفق السلطة لذات المتطرفين والسفاحين القتلة الذين ليس لهم أدنى مصلحة أو رغبة في تحقيق السلام والمصالحة الوطنية.

وفوق ذلك، فإن حمامات الدماء التي تسيل اليوم في العراق، ليست بالضرورة نتاج ضغائن وأحقاد موروثة من الماضي، كما يعتقد كثيرون. بل يرجح أن تكون نتاجاً طبيعياً لعجزنا عن توفير الحد الأدنى من الأمن والنظام، إضافة إلى كونها نتاجاً لاستراتيجية واعية مدروسة تنفذها وتقوم عليها كل من إيران والجماعات الإرهابية بقيادة تنظيم quot;القاعدةquot;. وليس خفياً على أحد، أن هذين الطرفين لم يدخرا جهداً ولا مسعى، في تقويض المركز السياسي العراقي، المزعزع والهزيل أصلاً. وعن مواصلة تنظيم quot;القاعدةquot; لهجماته المستمرة على الشيعة العراقيين بوجه خاص، على امتداد الثلاث سنوات الماضية، إنما خطط التنظيم عن قصد، لإشعال نيران الفتنة، وتبادل العنف الطائفي بين سُنة العراق وشيعته، ما يهدد باستنزاف البلاد كلها وجرها إلى ساحة حرب أهلية طاحنة. وهنا بالذات علينا أن نكون على أشد الوضوح واليقين: ففيما لو انزلق العراق إلى مزالق الحرب الأهلية الشاملة، فلن نكون متأكدين من أن ذلك سيعد أكبر انتصار حربي، حققه علينا كل من تنظيم quot;القاعدةquot; وحليفته إيران. وبهذا فلنتذكر أن العراق يعد الجبهة الرئيسية والأهم في حربنا الدولية والإقليمية على الإرهاب والتطرف الإسلامي.

وما من سبيل لدرء هذه الكارثة والحيلولة دون حدوثها، سوى إرسالنا لمزيد من القوات إلى العراق، جنباً إلى جنب مع رفع مستوى ونوعية تدريبنا للجنود العراقيين أنفسهم. على أن الجانب العسكري ليس هو الاستراتيجية الوحيدة لدرء الكارثة، وإنما لابد من الأخذ بالعامل السياسي، والعمل على تعزيز صلتنا وتعاوننا مع قوى الوسطية والاعتدال داخل الحكومة العراقية وخارجها. وعقب حديثي إلى قادتنا العسكريين وجنودنا هناك، أصبحت على قناعة أكثر مما مضى، بضرورة إرسال تعزيزات عسكرية وقوات إضافية، بغرض نشرها في كل من العاصمة بغداد ومحافظة الأنبار. وبذلك نتمكن على الأقل من بسط الأمن في العاصمة والساحة الأهم التي تدور فيها المعارك والهجمات اليومية، بقدر ما نتمكن من وضع يدنا وسيطرتنا على ضواحي العاصمة وأطرافها الرئيسية، حتى يتسنى لنا الانقضاض على قوات التمرد ومقاتلي تنظيم quot;القاعدةquot;، وإلحاق الهزيمة الساحقة بهم في محافظة الأنبار. وفي بغداد والرمادي، كانت مطالبة الكولونيلات بزيادة عدد قواتنا، أشد إلحاحاً من مطالبة الجنرالات والقيادات العليا. وفي كلتيهما أبدى جنودنا عزماً والتزاماً تجاه وقف هجمات المتطرفين. وفي الرمادي، تبعني كولونيل إلى خارج قاعة الاجتماع المشترك مع قادتنا العسكريين هناك، ليقول لي بالحرف الواحد: quot;سيدي.. إنني أبدي أسفي على عدم إتاحة الفرصة لي كي أقول ما أريد داخل الاجتماع. ولكنني أريدك أن تعلم باسمي ونيابة عن كل الجنود التابعين لوحدتي هنا، أننا نؤمن جميعاً بالهدف الذي نحارب من أجله. وأننا لعازمون على إنهاء ما بدأناه. ونحن ندرك أن بوسعنا الفوز بهذه المعاركquot;. وهذا هو الصوت الذي تتعين علينا الاستجابة الفورية له.

جوزيف ليبرمان

سيناتور quot;ديمقراطيquot; مستقل من ولاية كنتاكي.