عصمت الموسوي

ما الذي يجعل محطات كالحرة والجزيرة والبي بي سي والعربية والعالم والكوثر وفرانس 24 وغيرها من محطات تستعرض وتحلل ما يجري في البحرين من احداث واضطرابات وتستضيف معارضين من كافة الالوان وتخصص جزءا من وقتها لبلد صغير كبلدنا، هل ما جرى كبير الى هذا الحد قياسا بما يحدث في العالم من كوارث وزلازل وخسائر وضحايا؟ سؤال قد يتبادر الى ذهن اي متابع للشأن السياسي المحلي والاقليمي، وثمة من يتساءل كيف نرتبط مع اصحاب وملاك هذه المحطات بعلاقات اخوية وتجارية واستراتيجية ومع ذلك يقف بعضها ضد النظام الرسمي؟
الواقع ان كل عناصر الجاذبية الاعلامية والقصص الخبرية المثيرة والساخنة والجدلية متوفرة في هذه الحكايات فالبلد تعيش ايام انتخابات نيابية وبلدية، والدولة تعلن عن اكتشاف شبكة تخريب وتآمر لقلب نظام الحكم، وهناك صور حية وموثقة لحرائق وتخريب ومحاكمات في الداخل اضافة الى ندوات واحتجاجات واصوات مناكفة في الخارج، واعلام رسمي وخاص تتصدر صفحاته يوميا مثل هذه الاخبار على مدى اكثر من شهرين، فمن يستطيع التغاضي عن هذه القصص ومدلولاتها خصوصا حين تشح الاخبار العالمية او يجري التعتيم على بعضها وتسليط الضوء بكثافة على غيرها.
من الناحية الاعلامية تبحث كل وسيلة اعلامية عن مواد تغطي بها ساعات ارسالها ولكي تستقطب عبرها الجمهور المستهدف ضمن اجنداتها الخاصة ومصالحها السياسية والاقتصادية، فليست هناك محطات اعلامية مستقلة ومحايدة تماما وتلتزم ما يسمى بالحرية الاعلامية الكاملة، فهذه الحرية ليست سوى وهم وسراب منذ اكتشاف دور الاعلام في توجيه الرأي العام وتشكيل وعيه وقناعاته وتصوراته.
اما من الناحية السياسية فلسنا سوى بلد صغير يشكل جزءا من المنظومة الاقليمية والدولية التي يتجاذبها محوران سياسيان، وثمة اجندات ومصالح ومشاريع كبرى مرسومة للمنطقة منذ آماد بعيدة، ولسوف يجري تجزيء وتفتيت مكونات شعوب المنطقة واستدراجها الى الفتن والتقاتل الطائفي والمذهبي كي يسهل تمرير المخططات الكبرى عليها، وما من دولة تمر بتحديات داخلية الا ويسيل لها لعاب الخارج، وهي لعبة ازلية وقديمة عرفت منذ فجر التاريخ، انني ارى ان هذه الملاذات الخارجية مهما بدت مغرية وحريصة فإن دوافعها معروفة سلفا، ولا تشكل بديلا حقيقيا عن الوطن واعلامه الذي يجدر ان يكون شاملا وجامعا ومحايدا وعلى مسافة واحدة من الجميع لتمكين المشروع الاصلاحي الذي ارتضيناه ولتعزيز الحريات وحقوق الانسان والعدالة والمساواة laquo;اتفقت معي احدى الفضائيات ذات مرة على المشاركة في برنامج حواري حول المرأة والمشاركة السياسية في البحرين وجرى الاتفاق بيننا على عدد من الاسئلة التي ارسلت لي على بريدي الالكتروني، لكن قبل الدخول الى الاستوديو بلحظات فوجئت بأسئلة اخرى مغايرة تماما، فاعترضت، قالت المذيعة laquo;نريد شوية بهاراتraquo; عدنا الى اتفاقنا الاولي حين هددت بالانسحاب، ثم قبعت المقابلة في ادراجهم ثلاثة اشهر قبل ان يختاروا لعرضها توقيتا سيئا وغير مناسب لمجريات الاحداثraquo;.
لست ضد المشاركة في برامج الفضائيات الخارجية العربية والغربية لكن يجدر الانتباه الى اغراض واجندات هذه المحطات كي لا يتحول المشارك الى laquo;صياد راح يصطاد فاصطادوهraquo; على رأي الاغنية الشعبية الشهيرة.