بيروت - إبراهيم مرعي
دعا رئيس ldquo;حزب الاتحادrdquo; اللبناني، وزير الدفاع الأسبق، عبدالرحيم مراد الحكومة اللبنانية إلى إعلان رفضها للقرار الظني الذي سيصدر عن المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، من أجل نزع فتيل الأزمة اللبنانية، معتبراً أن قرار إنشاء المحكمة كان باطلاً في الأساس، وبالتالي فإن ما يصدر عنها فهو باطل . واستبعد في حوار مع ldquo;الخليجrdquo; قيام ldquo;إسرائيلrdquo; بأي عدوان في المدى المنظور، وتالياً الحوار:
يعيش لبنان الآن في عنق زجاجة المحكمة الدولية وشهود الزور، فما المخرج من مواجهة الاحتقان الذي يقترب من الانفجار؟
- من حيث المبدأ المحكمة الدولية في بداية تأسيسها وعندما تولى ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق، سرعان ما تبين أنها محكمة سياسية وليست قضائية، ولدينا قناعة بأنه لا أحد يريد معرفة الحقيقة، حقيقة من اغتال الحريري، لا فرنسا ولا أمريكا، كان الهم هو توجيه التهمة إلى سوريا، وتمت فبركة مجموعة من شهود الزور لمساعدتهم في المهمة .
كانت المراهنة أنه في يوليو/ تموز 2005 سيكون هناك نظام جديد في سوريا برئاسة عبدالحليم خدام بديلاً من النظام الحالي . والخطاب الذي ألقته بهية الحريري لمناسبة مرور شهر على اغتيال الحريري، قالت فيه ldquo;لا نقول وداعاً سوريا وإنما إلى اللقاءrdquo;، إنما كانت تقصد النظام الجديد في سوريا الذي كانوا يهيئون له . وقد صرح بذلك مؤخراً وليد جنبلاط، عندما قال إننا فهمنا آنذاك من أمريكا بأنها تريد تغيير النظام، ثم اكتشفنا أنها تريد تصحيح أداء النظام .
فشلت المرحلة الأولى من المؤامرة، فانتقلوا إلى حلفاء سوريا من العسكريين أولاً، حيث وجهوا التهمة إلى أربعة ضباط إضافة إلى الأخوين عبدالعال، وبناء لإفادات الشهود الزور تم سجنهم لمدة أربع سنوات وأطلق سراحهم بعدما تبينت براءتهم .
ثم تحولوا في المرحلة الثالثة مستهدفين سلاح المقاومة، وعندما نقول سلاح المقاومة نقصد سوريا، لأنهما وجهان لعملة واحدة، هذا السلاح الذي قهر ldquo;إسرائيلrdquo; مرتين متتاليتين عام 2000 حيث تم تحرير الأرض من دون انتظار تطبيق القرار الدولي ،425 وحرب العام ،2006 ولأول مرة في تاريخ الصراع يتم تحقيق هذه الانتصارات . يريدون الثأر من المقاومة، فلجؤوا إلى بعض اللبنانيين وبعض العرب لتشويه هذا النصر، وبعد ذلك يجهّزون القرار الظني لاستكمال المؤامرة .
نحن نرى أن ما جرى منذ 2005 حتى اليوم على كافة الصعد هو باطل، وما يبنى على باطل فهو باطل، وكل ذلك جاء نتيجة ما يسمى بالمحكمة الدولية وشهود الزور والتحريض المذهبي، ثم الفتاوى الدينية التي كانت تقول إن من لا ينتخب لوائح الحريري، فإنه شريك في قتل الحريري، واستهدفتُ شخصياً وبشكل غير مباشر من هذه الاتهامات سواء في التقرير الأول لميليس أو بتصريح السيدة بهية الحريري، الذي قالت فيه إنني مشارك في اغتيال الحريري، ثم استدركت فقالت سياسياً وليس فعلياً .
هذه الأجواء أفرزت نتائج الانتخابات النيابية عامي 2005 و،2009 ولو كان هناك مجلس دستوري لأبطل الانتخابات، إضافة إلى الإمكانات المادية الهائلة التي صرفت وقدرت بمليار ونصف المليار دولار .
نستكمل فنقول إن ما أفرزته الانتخابات النيابية جاء بثلاث حكومات متتالية باطلة لأنها بنيت على باطل .
الوضع كما تعلم يمر بأزمة صعبة، الشحن المذهبي مستمر، والقرار الظني مازال البعض يراهن على أنه يمثل سيفاً مسلطاً على رؤوس من يعارضه، وكل التحليلات الغربية والعربية وrdquo;الإسرائيليةrdquo; تبشرنا بزلازل فور صدور القرار الظني، وما قاله من كتب لشاهد الزور محمد زهير الصديق ما ورد في جريدة ldquo;السياسةrdquo;، يبشرنا أيضاً بزلازل أمنية .
وأود أن أشير هنا إلى أن الأكثر بطلاناً هو المحكمة الدولية التي بنيت على باطل للأسباب الآتية: أولاً لمخالفتها الدستور حيث لا يوجد نص دستوري يسمح بالموافقة على المحكمة من خلال التخلي عن جزء من سيادتك القضائية للقضاء الدولي، ثم إن اتفاق إنشاء المحكمة لم يوقع من جانب رئيس الجمهورية، كما ينص على ذلك الدستور، ولم يحصل في التاريخ أن تم تشكيل محكمة دولية من أجل فرد، إنما من أجل إبادات جماعية، ثم إن المحكمة ذات الطابع الدولي لا يجوز أن يطبق عليها الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لأنها ليست دولية إنما ذات طابع دولي .
المطروح أيضاً ملف شهود الزور . كما نعلم أنه إذا ما تم المضي قدماً في هذا الملف، سيطال رؤوساً كبيرة من رؤساء ووزراء ونواب وأمنيين، وهذا سيؤدي بالمحكمة للعودة إلى نقطة الصفر، لأن شهود الزور هؤلاء طمسوا الحقيقة .
الآن، نحن على مفترق طرق وسيحصل إرباك، إما سياسي وإما أمني، نتمنى أن يقتصر الوضع على الإرباك السياسي فقط، وذلك قبل صدور القرار الظني، أي أنه طالما يرفض رئيس الحكومة سعد الحريري التخلي عن هذه المحكمة المسيسة والمهيمن عليها أمريكياً وصهيونياً، المفروض أن يأتي آخر لحكومة أخرى لتتخذ هذا الموقف، وقد بدأت الخطوة الأولى بوقف تمويل المحكمة من خلال المناقشات التي تمت في مجلس النواب، ونأمل أن يتم سحب القضاة اللبنانيين من المحكمة، وتتخذ الحكومة قراراً واضحاً بسحب القضاة واعتبار أن ما يصدر عنها لا يعنينا، وهذا الكلام لا يكفي أن نسمعه من رئيس الحكومة على موائد الإفطار أو في تصريح لجريدة ما، وإنما من المفروض أن يتخذ في مجلس الوزراء .
البعض يقول إن لبنان لا يستطيع أن يلغي المحكمة؟
- لا نستطيع دولياً، أي على المستوى الدولي، لكن نستطع أن نلغيها لبنانياً، ولا نعترف ولا نوافق على أي قرار يصدر عنها . ونتشبه بموقف الرئيس السوداني عمر البشير الذي رفض المحكمة وأي قرار يصدر عنها .
إن لبنان أكبر من الجميع، واستقرار لبنان له أولوية الأولويات بالنسبة إلى اللبنانيين، سواء كانوا أمواتاً أو أحياء، والشعب اللبناني بمجمله يعيش لحظات خوف من الآتي، وعلينا أن نستدرك الأمر ونحاول أن نعيد له اطمئنانه بحكومة جديدة تعمل على توضيح الصورة كاملة في ما يتعلق بهذه القضايا .
المراهنة على الوقت
البعض يطالب بانتظار صدور القرار الظني للمحكمة الدولية، ثم محاكمة شهود الزور، ما رأيك؟
- هذا البعض يراهن على الوقت، والذين يزورون سوريا ويلتقون الرئيس بشار الأسد أو غيره من المسؤولين السوريين، أو يلتقون قيادات المقاومة، يعطون حلاوة من طرف اللسان، ولكنهم يضمرون شيئاً آخر . وهذا الأمر بات مكشوفاً، وعليهم أن يسلكوا الطريق الصحيح إذا كانوا فعلاً على استعداد للالتزام بالحقيقة .
ألا يحتاج الوضع إلى حل جذري يتجاوز المحكمة والقرار الظني . . كيف ذلك؟
- لبنان يواجه أزمة نظام مزدوجة، الأولى من العام 1943 وحتى ،2005 والثانية من 2005 حتى اليوم، جربنا معالجة النظام مراراً، وكانت لقاءات في جنيف ولوزان والطائف والدوحة وكل هذه حلول مؤقتة، وترقيع، وإذا أردنا أن نعالج الوضع معالجة جذرية لا بد لنا من التوجه نحو دمشق، لأن من ينظر إلى الخريطة أو التاريخ والحاضر والمستقبل والتداخل الاجتماعي والمصالح المشتركة، يجد أنه لا بد من إقامة علاقة ما فيها شيء من التكامل السياسي والأمني والاقتصادي .
العدوان ldquo;الإسرائيليrdquo; مستبعد
هل هناك مخاوف من دخول ldquo;إسرائيليrdquo; على الخط لتغيير الوضع؟
- لا أعتقد أن هناك إمكانية لعدوان ldquo;إسرائيليrdquo; في المدى المنظور، لا على لبنان ولا على سوريا ولا على إيران، لأن العدو لم يقدم منذ تأسيس كيانه على أي عدوان إلا كان معتمداً على قوة خارجية، فرنسية أو إنجليزية أو أمريكية . والولايات المتحدة ليست في الوقت الحاضر بوارد إعطاء ضوء أخضر لمثل هذا العدوان، بسبب الأزمة المالية والعسكرية التي تعانيها من جراء حروبها في العراق وأفغانستان .
لو قمنا بإطلالة على الوضع العربي كيف تراه؟
- مؤسف ما يجري في القمم العربية، في الوقت الذي نرى العالم يتوجه لإقامة تجمعات وكيانات قارية، وفي الوقت الذي يشهد العالم طفرة تكنولوجية هائلة تتطلب كيانات كبرى واقتصادات عملاقة لمواكبة ذلك، فإن العرب يعيشون حالة تجزئة المجزّأ وتقسيم المقسّم، إضافة إلى الأزمات الداخلية والخارجية، وسيادة المنطق القُطري والاستقواء بالأجنبي وتبديد الثروات .
آن الأوان للارتقاء بالعمل العربي المشترك، وتطوير العمل الإقليمي، مثل مجلس التعاون والاتحاد المغاربي، ووادي النيل .
التعليقات