فارس السقاف

التوريث كلمة تلوكها ألسنة ساسة كثر في اليمن هذه الأيام، ويراق فيها مداد أقلام كثيرة في صحافتها.. كأنما اكتشف من خلالها داء البلاد وعلتها.
ومما يفاقم من فاجعتنا بهذه القراءة الساذجة للتحديات والعقبات والعوائق أن من بين قادة المعارضة وكبار الكتّاب من يقدّم هذا التحليل في تصريحاته ومقابلاته وتناولاته.
وهي ما تلخصه مقولات:
bull; التوريث وراء كل أزماتنا.
bull; التوريث هو المسبّب لحرب الحوثيين، ولدعوات الانفصال.
bull; النظام يستعد لمرحلة ما بعد الرئيس علي عبدالله صالح.
bull; إن انعكاسات مثل هذه القراءة ليست بالهينة، لأنها تكرس توصيفاً غير حقيقي يذهب بالبلاد إلى المجهول، وتحرف القوى الفاعلة والتغييرية إلى منعطفات غير سوية، تجعل الجميع يتهيأ للتخندق والفرز بناء على وهم قدرية وأبدية السلطة المتحولة عن الإصلاح والتغيير إلى الانقلاب على التوافق الديمقراطي، وتنافساته لتديم بقاءها. كما أن الإيهام والإبهام مقصودان كي تصبح حقيقة تخلق جاهزية التفكيك للنظام ليكون من وراء ذلك القوى المتربصة لتلقف السقوط في حاضنتها، فتنتصب من بين الركام حاكمة متربعة وصاحبة السلطة.
وهذه الشائعات السيّارة بين الدروب تدفع بكل عوامل المنح والعطاء والبناء للهروب أو الكمون فتتعطل أسباب الحياة، وهو ما يعتقدون أنه سيفتُّ في عضد النظام.
bull; شاء هؤلاء أم أبوا، فهذه معاول هدم في وقت نحتاج فيه إلى إنقاذ بيتنا والمحافظة عليه من عواصف هوجاء تعامدت علينا من كل حدب وصوب.
bull; مهمتنا هنا وفي هذه اللحظة التاريخية أولاً: إخماد الحرائق، ثم من بعد أن تزول الأخطار يمكن أن نتلاوم ونصوّب ونرشد مسيرتنا.
هذا الحديث المكرور عن التوريث عندما نتجرد في تناوله، فسنجد أنه مجرد أوهام وذرائع تحاول أن تصيب بسهامها شخصية الرئيس الذي ما فتئ ينفيه ويؤكد ثوابته وفي الصدارة الجمهورية الديمقراطية الوحدوية.
كما يرمي حديث الوراثة إلى استهداف شخص العميد أحمد علي عبدالله صالح نجل الرئيس، وهو الذي لا يدخل في لجاج وجدلية هذه المسألة.
إذن، وفي ضوء ذلك، فإنني أدعو كل هؤلاء إلى التوجه لأصل المشكلات، والبحث عن المعالجات، واعتبارنا جميعاً مسؤولين، فهي وطننا الذي نسعى لتجاوز أزماته حتى نقوم على بنائه وتطويره.
التوريث غير حاضر واقعياً حتى الآن، لا في الدستور، ولا في آلية نقل السلطة. والنظام ملتزم بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة. وعلى كل من يرغب في السلطة شخصاً، أو حزباً، أن يعرض نفسه على الدستور دون تمييز خارجه.
ثم إن الحديث الخادع هذا يحاول أن ينال من شرعية الرئيس علي عبدالله صالح وقدرته على إدارة البلاد ليجتاز بها هذه العقبات الشاخصة.
ربما يكون هؤلاء المروجون للتوريث وللفوضى والخراب يقومون بعملية إسقاط ما بداخلهم على الخصم، فهم المتوارثون لمواقعهم في محيطهم، يريدون التشكيك في إجماع الشعب والقوى.. على أن الرئيس هو الأقدر والأجدر على زعامة الحاضر صوب المستقبل. ولهذا فإن على هؤلاء السير في طريق الإجماع بدلاً من توهم وراثة البلاد بعد خرابها.. وهي وراثه تنشد المطالب بسقوفها المنخفضة والذاتية والهشة.
وهنا تبدو مشكلة الوراثة لديهم مركبة واقعاً يعيشونه في تحركاتهم ومناشطهم وتكويناتهم، ومناكفة مع الخصم على قاعدة (رمتني بدائها وانسلت) ثم أملاً في سراب الوراثة للخرائب والأطلال.
والله خير حافظ.. وهو أرحم الراحمين.