علي حماده

يبدأ رئي الحكومة سعد الحريري غداً الاثنين جولة عربية تشمل الثنائي الضامن للاتفاق السياسي الراهن في لبنان السعودية وسوريا. والجولة العربية التي ستتوسع الى مصر والاردن وتركيا ترمي في جانب منها الى تعطيل الغام بدأت الجهات عينها زرعها على طريق زيارة الحريري الى واشنطن ونيويورك (حيث يتراس جلسة لمجلس الامن) تارة بتقويله ما لم يقله وطورا بحملات تلفزيونية، من غير ان ننسى المواقف التي يطلقها رئيس الديبلوماسية اللبنانية مرة يعتبر ان القرار 1559 مات وانتهى، ومرة بتفسير البيان الوزراي في بنده السادس على انه اجازة مفتوحة لـquot;حزب اللهquot; للتسلح بمعرفة الدولة، وهذا ليس صحيحا.
تبدا الجولة بالسعودية التي مثلت وتمثل مع مصر والاردن غطاء عربيا للسياسة الاستقلالية اللبنانية، وبما ان الرياض رعت تسوية سياسية في لبنان مددت في شكل من الاشكال العمل بـquot;اتفاق الدوحةquot;، وساهمت في فتح الباب امام دمشق راعية الطرف الآخر في البلاد للعودة الى بناء علاقات مقبولة مع الغالبية النيابية السابقة (بعد اعادة تموضع النائب وليد جنبلاط في موقع اقرب الى 8 آذار)، فكانت ولادة الحكومة بعد مخاض عسير دام خمسة اشهر، وتلاها انفتاح العلاقات الرسمية بين لبنان وسوريا بفعل الانفتاح مع سنّة لبنان الذين كان لخروجهم والدروز عام 2005 ضد الوصاية الدور الابرز في تحويل المطلب المسيحي القديم الداعي الى إخراجها حقيقة. ولعل ما يهم اليوم ان الحكومة موجودة بغطاء المصالحات العربية، والاستقرار النسبي القائم راهنا له ضامنان اساسيان هما السعودية وسوريا. والحريري رئيس حكومة لبنان، الذي يرئس مجلس الامن لهذا الشهر، يتحضر لزيارة واشنطن للمرة الاولى كرئيس حكومة، والزيارة ليست لأخذ الصور التذكارية كما يذهب بعضهم، فالحريري يدرك ان ما سيقوله هناك سيكون كلاما لبنانيا وفي الوقت عينه كلاما عربيا، ومن هنا رغبته في ان يجمع كل المواقف العربية في سلة واحدة لتشكل حصيلتها موقف لبنان من القضايا العربية واللبنانية ذات الصلة بالواقع الاقليمي.
إن الحريري بجولته العربية + تركيا لا يكتفي بـquot;تغليفquot; زيارته الى دمشق، بل انه يعيد تشكيل ديبلوماسية عربية تعود الى مرحلة الاستقلال الاول صاغها الرئيسان الراحلان بشارة الخوري ورياض الصلح، وكانت تقوم على ان لبنان لا يتحرك إلا من ضمن التوافق والاجماع العربيين. كما ان لبنان لا يدخل في سياسة المحاور العربية، فلا ينحاز الى طرف دون طرف آخر. واخيرا وليس آخرا ان لبنان الذي يدرك حجمه على الخريطة الاقليمية، وبالتالي يعرف ان للمعطى الاقليمي نفوذا ورجالا في لبنان لاسباب مختلفة اكثرها متصل بالمال وبالنزاعات المحلية الضيقة التي تستحضر الخارج على الدوام، هذا اللبنان مدعو الى العمل الدائم على موازنة مراكز النفوذ والاعتماد على جدلية العلاقات المتقاطعة على ارضه.
اذاً هي مقدمة لزيارة الولايات المتحدة ونيوورك، وجانبها المتعلق بالخطوة الاستباقية لإطلاق النار السياسي من حلفاء دمشق وطهران ليس الاهم، بل ان الاهم هو احياء ديبلوماسية بناها آباء هذا الوطن قامت على التوازن بين مراكز القوة العربية.
ثمة اختباران قريبان: زيارة واشنطن ونيويورك، وموضوع مشاركة لبنان في quot;قمة الاتحاد من اجل المتوسطquot; التي ستعقد في برشلونة في 7 حزيران المقبل في حال قاطعت سوريا.