الصحافة الدولية :من دروس ثورة الياسمين ... إلى شراكة القرن الأميركية- الصينية
عواصم
ثورة الياسمين في تونس، واهتمام تركيا المتزايد بمحيطها الإقليمي، والعلاقات الصينية- الأميركية، وعودة الرئيس المخلوع quot;دوفالييهquot; إلى هايتي... موضوعات استأثرت باهتمام الصحافة الدولية، نعرض لها بإيجاز ضمن جولة سريعة.
ثورة الياسمين
صحيفة quot;جابان تايمزquot; اليابانية أفردت افتتاحية عددها ليوم الأربعاء للتعليق على الانتفاضة الشعبية التي شهدتها تونس خلال الأسابيع الأخيرة وانتهت بتنحية نظام بن علي. وفي هذا السياق ذكَّرت الصحيفة بأن المظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت في شوارع المدن التونسية كانت اجتماعية الطابع في بدايتها، حيث كان المتظاهرون يحتجون على غلاء المعيشة وتفشي البطالة، ولكنها سرعان ما تحولت إلى مطالبة بالإصلاح السياسي، معتبرةً أن حكومة سلطوية، وطبقة وسطى كبيرة، إضافة إلى جمهور متعلم... تشكل مجتمعة عناصر وصفة قابلة للانفجار.
إلى ذلك، لفتت الصحيفة إلى أن بن علي يعد أول زعيم عربي تتم تنحيته عن السلطة عبر احتجاجات شعبية، حيث قالت إنه يمكن أن يؤسس لمرحلة جديدة في الوعي الجماعي في العالم العربي، وقد يؤدي إلى نتيجة مماثلة في بلدان عربية أخرى. كما لاحظت أن الاحتجاجات في تونس قادتها الطبقة الوسطى وكانت علمانية في طابعها؛ فالأمر لا يتعلق بانتفاضة إسلامية إذ لم يتم التعبير عن الغضب والاستياء بـquot;لغة دينيةquot;. وهذا الأمر يفترض أن يساعد على تفنيد الانطباع السائد بأن معظم الحركات الشعبية في المنطقة يقف وراءها متطرفون دينيون، كما تقول الصحيفة، وأن الحركات الجماعية العربية من المرجح أن تكون مناوئة للغرب. ثم ختمت بالقول إن الدرس التونسي يفيد بأن الفرصة الاقتصادية، والمساواة أمام القانون، والانفتاح السياسي تمثل أفضل وسيلة وقاية ضد الاستياء الشعبي.
تحول سياسة تركيا
سلطت صحيفة quot;ذا هيندوquot; الهندية الضوء على ما سمته توسع النشاط الاقتصادي التركي في العراق، توسع قالت إنه يمثل عنصراً واحداً فقط من استراتيجية أنقرة الجديدة ويمكن أن يكون له تأثير يساهم في الاستقرار. وفي هذا الإطار، أشارت إلى أن التجارة بين تركيا والعراق تضاعفت من 3 مليارات دولار في 2008 إلى 6 مليارات دولار في 2010، وإلى أن حوالي 700 شركة تركية تعمل حاليّاً في شمال العراق في وقت تفيد فيه تقارير صحفية أن تركيا تعتزم تمديد مثل هذا النشاط الاقتصادي نحو الجنوب، بمشاريع كبيرة تشمل بناء شقق فاخرة والتنقيب عن النفط. كما لفتت إلى أن كردستان العراق يُعد أحد المستفيدين الأوائل من هذا النشاط التركي المكثف، بل إن الزعيم الكردي العراقي مسعود برزاني زار تركيا في يونيو 2010. وهو أمر كان سيبدو مستحيلًا قبيل سنوات فقط، كما تقول.
وترى الصحيفة أن تركيا، بسلوكها هذا التوجه السياسي الجديد تسعى إلى ضمان عدم احتكار الفضاء السياسي العراقي من قبل تأثير أية دولة إقليمية أخرى. كما أن أنقرة تتوقع أيضاً بعث رسالة واضحة إلى إسرائيل، التي تدهورت علاقتها مع تركيا منذ الهجوم الإسرائيلي على غزة في ديسمبر 2008. كما ترى الصحيفة أن ثمة رسالة قوية أيضا إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن القوى الغربية مسؤولة جزئيّاً عن التوجه التركي الجديد، بعد quot;الإهانةquot; التي شعر بها أردوجان في 2002، عندما أخبره المستشار الألماني جرهارد شرويدر والرئيس الفرنسي جاك شيراك بأن على تركيا أن تنتظر لوقت أطول مما كان متوقعاً لبدء المفاوضات حول الانضمام للاتحاد الأوروبي. ثم ختمت الصحيفة بالقول: quot;إذا كانت استراتيجية تركيا بخصوص العراق قد أثارت قلقاً في العالم الغربي، فإن على بقية العالم، وبخاصة الهند البلد غير المنحاز، أن يرحب بهذا الانخراط في المنطقة الذي يتطلع إلى الأمام ويسعى إلى السلامquot;.
quot;علاقة القرنquot;
بهذا عنونت صحيفة quot;ذا أستراليانquot; الأسترالية افتتاحية، في إشارة إلى العلاقة الصينية الأميركية التي تعززت مؤخراً بتوصل الجانبين إلى اتفاق بشأن صفقات تبلغ قيمتها 45 مليار دولار، وبتزامن مع الزيارة التي يقوم بها الرئيس الصيني quot;هو جنتاوquot;، إلى الولايات المتحدة. وترى الصحيفة أن العلاقة الصينية الأميركية تتجه بدون شك لتكون علاقة الاعتماد المتبادل المميزة للقرن الحادي والعشرين، معتبرةً أن الرهان كبير بالنسبة للرئيسين quot;هوquot; وأوباما اللذين ينكبان على بحث قائمة طويلة من المواضيع الخلافية التي تشمل النزاع الطويل حول قيمة quot;اليوانquot;، وخلافات تجارية حول التزامات منظمة التجارة العالمية؛ ومبيعات الأسلحة الأميركية إلى تايوان؛ واستقبال الدلاي لاما في الولايات المتحدة؛ وحقوق الإنسان وجائزة نوبل للسلام التي منحت للمعارض quot;ليو شياوبوquot;؛ وكذلك حرية الإنترنت؛ والحشد العسكري المثير للقلق للقوات المسلحة الصينية في المحيط الهادئ.
إلى ذلك، لفتت الصحيفة إلى أن العلاقة بين البلدين تعرف أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات، على رغم إصلاح وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس للشق العسكري من العلاقات الثنائية بعد تدهوره على خلفية مبيعات الأسلحة لتايوان. وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن هيلاري كلينتون قولها إن العلاقة الثنائية تمر في مفترق طرق حاسم، مشددة على ضرورة القيام باختيارات ستحدد مسارها خلال المستقبل المنظور. وهو ما تتفق معه الصحيفة التي عبرت عن أملها في أن quot;تُظهر بكين رغبة أكبر في لعب دور إيجابي وتعاوني على الساحة العالميةquot;.
عودة الديكتاتور
صحيفة quot;آيريش تايمزquot; الإيرلندية علقت ضمن افتتاحية عددها لأمس الخميس على عودة الديكتاتور الهايتي المخلوع جان كلود دوفالييه إلى هايتي، أو quot;مسرح الجريمةquot; كما تقول، في وقت سابق من هذا الأسبوع، وذلك بعد 25 عاماً على خلعه في انتفاضة شعبية عام 1986، معتبرة التصريح الذي قال فيه إنه عاد من أجل المساهمة في إعادة إعمار بلده المنكوب مثيراً للضحك. وعقب عودته المفاجئة من المنفى في باريس، يواجه الديكتاتور الهايتي السابق تهماً بالفساد والسرقة واستغلال النفوذ بخصوص ما يفترض أنها مئات الملايين من الدولارات من أموال الدولة التي فر بها دوفالييه وعائلته في 1986. وتقول الصحيفة إن قاضيّاً قد تولى التحقيق في هذه التهم، ومن المنتظر أن يقرر بشأن ما إن كان ينبغي فتح دعوى جنائية بهذا الخصوص.
الصحيفة ذكَّرت بأن دوفالييه خاض في المنفى معارك قضائية مع السويسريين لاسترجاع ما تبقى من ثروته التي بذرها على حياة البذخ، مشيرة إلى أن مشروع قانون جديداً، من المرتقب أن يصبح ساري المفعول في الأول من الشهر المقبل، يفترض أن يسمح للحكومة السويسرية بوضع اليد أخيراً على حسابات لدوفالييه تبلغ 4 ملايين يورو وإعادتها للحكومة الهايتية. والأكيد أن محاكمة دوفالييه، كما تقول الصحيفة، ستمثل تحديّاً حقيقيّاً للدولة والقضاء الهايتيين المشلولين منذ زلزال 2010 الذي لم يتعافيا منه بعد، معتبرة أن إجراء محاكمة عادلة ومعقدة ومشحونة سياسيا سيمثل اختباراً كبيراً لهما.
إعداد: محمد وقيف
التعليقات