طارق محمد الناصر

أبرز ما يميز الثورة المصرية أنها بلا قادة معروفين. كل الذين ينادون بالتحاور مع الشباب المعتصمين في ميدان التحرير أو في مواضع أخرى من المحروسة لم يستطيعوا أن يقدموا أسماء للتحاور معها. من هم قادة الشباب؟ لا احد يعرف. ما هي توجهاتهم؟ أيضا، لا احد يعرف. المعروف فقط هو شعارهم: الشعب يريد إسقاط النظام.

في كل ثورات العالم هناك رموز يرفعها المتظاهرون ويلتفون حولها. قد يكون ذلك الرمز مناضلا تاريخيا يستلهمون من نضاله وتضحيته ما يحرضهم على الثورة. وقد تكون مظلمة وقعت لمواطن ما ساهمت في تثوير الشارع لنصرته. قد يكون قائد الثورة رجل دين، أو سياسة أو أي مجال آخر. لكن بالضرورة هناك قائد قادر على جمع الجماهير من بيوتهم وصرفهم إليها.

أجدني أختلف مع كثيرين يرون أن عدم وجود قادة معروفين للثورة هو أمر يمنحها أفضلية. فهي، حسب رأيهم، ستبدأ دون تحيز لمكوّن من مكونات الشعب دون آخر. هي ليست ثورة عمال ولا ثورة فلاحين. لم تولد من رحم تمرد عسكري، ولم تساند من الخارج. لذا، والرأي ما زال لهم، فإن أحدا لن يكون وصياً على الثورة ولن يجرؤ أي طرف على سرقتها.

حماس الشباب يمنعهم من التفكير في اليوم التالي لسقوط النظام. لا خلاف من أن ما يحرك الشباب هو النوايا الطيبة المستندة إلى شعارات وطموح وآمال وردية. لكن النوايا الطيبة وحدها لا يمكن لها أن تقود دولة. وجود قادة للثورة يعني أن هناك، على الأقل، حداً أدنى من الخطوط العريضة التي ترسم معالم النظام الجديد.

الآن، من هي الجهة المؤهلة في مصر لملء الفراغ الذي سيخلفه رحيل النظام؟!

للأسف، لا توجد هناك إلا الفوضى. دعوا عنكم الأحزاب السياسية. فهي لا تمثل، بأي حال من الأحوال، الشباب المصري، إذ اقتصر دورها على محاولة تلقف الثمرة التي تكاد تسقط والادعاء أنها سبق أن سقت تلك الشجرة بدمائها ولها الحق، إذن، في أكلها.

دعوا عنكم أيضا النقابات المهنية أو العمالية، فهي لم تساهم فيما حصل وإن كان يحسب لها أنها استمرت في نومها، ولم تحاول أن تركب قطار المنتصرين وهو يقترب من محطته الأخيرة.

آمل صادقا أن يعي الشباب عظمة التحول الذي قادوا مصر إليه. آمل أن يعوا أن مطالب المصريين بالإصلاح الدستوري قد تحققت، وان مصر جديدة في المخاض. آمل أن يدركوا أن العنب هو الهدف وليس الناطور..

حرس الله الكنانة وأهلها.