وحيد عبدالمجيد

مهمة تاريخية بحق تلك التي تنتظر الرئيس الجديد الذي سيختاره المصريون بعد أشهر في أول انتخابات رئاسية حرة في تاريخهم إذا مضت الأمور في الاتجاه الذي حفرت ثورةrlm;25rlm; يناير مجراهrlm;.rlm; نقلت هذه الثورة مصر إلي مرحلة جديدة يفترض أن يتغير فيها وجه الحياة علي الأرضrlm;.

,rlm; وقد بدأ هذا التغير بالفعلrlm;.rlm; ولكنه لم يكتمل بعد فالتعديلات الدستوريةالتي ستحدث لاتمس فلسفة الدستورrlm;,rlm; ولا تقترب من هيكل نظام الحكم الفردي المطلقrlm;.rlm;
يعطي الدستور المعطلة أحكامه مؤقتا رئيس الجمهورية سلطات مطلقةrlm;,rlm; علي نحو قد يخلق تناقضا بين الطريقة التي سينتخب بها بعد أشهر والممارسة السياسية بعد الانتخاباتrlm;,rlm; فالمفترض أن تتيح التعديلات الدستورية فرصة لإجراء انتخابات رئاسية حرةrlm;,rlm; وبالتالي انتخاب الرئيس الجديد بطريقة ديمقراطيةrlm;,rlm; ولكنها لاتمنع تحوله إلي دكتاتور جديد إذا لم نغير الدستور في مجمله فلسفةrlm;,rlm; ونصوصاrlm;,rlm; وخاصة مايتعلق بهيكل نظام الحكم وسلطات رئيس الجمهوريةrlm;.rlm;
ولذلك كان الأفضل هو إرجاء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وإعطاء الأولوية لإعداد دستور جديد من خلال حوار وطني واسع النطاق لايقتصر علي الاحزاب والقوي السياسية تحت اشراف المجلس الأعلي للقوات المسلحةrlm;,rlm; ويتطلب ذلك مد أجل الفترة الانتقالية التي يدير فيها هذا المجلس البلاد من ستة أشهر إليrlm;15rlm; أوrlm;18rlm; شهراrlm;,rlm; لكي ننتقل منها الي مرحلة جديدة حقا ونظام سياسي يليق بمصر في هذا العصرrlm;.rlm;
فليس هناك مبرر للتعجلrlm;,rlm; لأن المرحلة الجديدة ينبغي أن تكون علي مستوي الثورة التي فتحت الباب أمامهاrlm;,rlm; فإذا انتقلنا الي هذه المرحلة علي أساس دستور جديد تقيد فيه سلطات رئيس الجمهورية وتتوافر في ظله امكانات المساءلةrlm;,rlm; والمحاسبةrlm;,rlm; ستكون الفترة الرئاسية المقبلة بمثابة المعمل أوالمختبر الذي يحدث فيه التفاعل بين فلسفة دستورية وممارسة سياسية جديدتينrlm;.rlm;
غير أن هذا مرهون بمسار يتضمن تغيير الدستورrlm;.rlm; وهذا مسار يبدو أنه بات بعيدا في ضوء الاتجاه إلي تعديل بضع مواد في دستورrlm;1971rlm; وإجراء انتخابات سريعة خلال فترة انتقالية قصيرةrlm;.rlm;
هذا هو مايجعل مهمة الرئيس الجديد تاريخيةrlm;,rlm; إذ سيكون المنتظر منه أن يرتفع إلي أعلي مستويات المسئولية والمبادرة بالتحرك لإصدار دستور ديمقراطي فور انتخابهrlm;,rlm; وهو حين يفعل ذلك لن يحقق مصلحة عامة تشتد الحاجة إليها فقطrlm;,rlm; بل يوفر لنفسه أيضا امكانات النجاح والانجاز والشعبية والتقدير من جانب الرأي العامrlm;,rlm; فضلا عن أنه يضمن بذلك سلطة فعلية تفوق مايمارسه رئيس الجمهورية في ظل دستورrlm;.1791rlm;
فواقع الحال يقول إن الحاكم الفرد المطلق الذي يظنه الناس فرعونا لاتحد صلاحياته حدود إنما هو أقل سلطة وقوة من أي رئيس مقيد برقابة صارمة ومساءلة تقود إلي محاسبته إذا أخطأrlm;.rlm;
فالرئيس الذي يحكم في نظام ديمقراطي يمتلك فعليا سلطة أكبر من نظيره الذي لايخضع لأي رقابة أو محاسبة بالرغم من هول الصلاحيات المتاحة للأخير في دستور يضعه علي هواه ويعدل فيه مايشاءrlm;.rlm;
فالحاكم الفرد المطلق لايمارس فعليا الصلاحيات الهائلة المتاحة له كلها طول الوقت لأنها تفوق قدرة البشرrlm;,rlm; فإذا توفرت له معرفة موسوعية في مختلف المجالات التي تشملها صلاحياته لا يتيسر له الجهد اللازم للاضطلاع بها جميعاrlm;.rlm; وإذا كان لديه الجهد والمعرفةrlm;,rlm; وتمكن من الإحاطة بشئون البلاد كلها صغيرها وكبيرها ووجد في نفسه الطاقة الجبارة اللانهائية لهذه المهمةrlm;,rlm; لن يجد الوقت الكافي لأن صلاحياته الدستورية الهائلة لاتشمل إضافة ساعة أو أكثر إلي الساعات الأربع والعشرين في اليومrlm;.rlm;
ولذلك يضطر الرئيس مطلق السلطة إلي ممارسة صلاحياته اللامحدودة من خلال حلقة ضيقة تتحول إلي حاشية تفرغ الجمهورية من مضمونهاrlm;,rlm; وعبر اتباع يثق فيهم وقد لايكون معظمهم أهلا لأي ثقةrlm;.rlm;
ويترتب علي ذلك مع طول الوقت وتوالي السنين ازدياد مطرد في قوة هؤلاء ونفوذهمrlm;,rlm; وانكماش مستمر في دور الرئيس الذي يبدو للكثير كما لو أنه فاق الجبال طولاrlm;.rlm;
ولايفطن الرئيس مطلق السلطة في معظم الأحوال الي أن معظم هؤلاء الذين يمارس كل منهم شيئا من هذه السلطة باسمه لا يخصلون إلا لأنفسهم ومصالحهمrlm;,rlm; بالرغم من براعتهم في إظهار إخلاصهم له واستعدادهم لفدائه بأرواحهم أو برقبتي ياريس فليس سهلا أن يفهم الرئيس الفرد المطلق أن سلطاته الهائلة تتسرب من بين يديهrlm;,rlm; وأن رجاله في الحلقة الضيقة أو الطغمة المحيطة به ليسوا مجرد أدوات لتنفيذ سياستهrlm;.rlm;
وكثيرا مايصبح هذا الرئيس ضحية السلطة الكلية التي تخلق بالضرورة مراكز قوة حوله بسبب عدم وجود مؤسسات فاعلةrlm;,rlm; ولكنه يكون في الحقيقة ضحية عشقه النفاق والكذب وارتياحه إلي المطبلين والمزمرين دون غيرهمrlm;.rlm;
وفي كل الأحوالrlm;,rlm; يفقد الرئيس مطلق السلطة حساسيته السياسية وصلته بالمجتمع والناس بخلاف نظيره الديمقراطي الذي يستمد سلطته من الشعب ويظل معنيا باتجاهات الرأي العام طول فترة رئاستهrlm;,rlm; ولايحتاج بالتالي إلي من ينقلون إليه مايحدث في بلده ويخصمون من سلطته بمقدار مايظن هو أنهم يحافظون عليها أو يضيفون إليهاrlm;.rlm;
وعندئذ يتحول نظام الحكم الفردي إلي حكم القلة المتسلطة الذي يطلق عليه الأوليجاركية في تصنيف نظم الحكمrlm;,rlm; ويصبح الرئيس مطلق الصلاحيات أقل سلطة فعليا من بعض رجالهrlm;,rlm; ومن بعض أفراد عائلته أحيانا كما كانت الحال في مصر وتونسrlm;.rlm; وهذه هي الرسالة التي يتعين علي الرئيس المقبل القادم أن يتأملها جيدا ويستوعب دلالاتها ويقرأ جيدا ما آل إليه الحكم الفردي في حالات كثيرة من بينها مصر ليس فقط في عهد الرئيس السابق حسني مباركrlm;,rlm; ولكن أيضا أيام كل من أنور السادات وجمال عبد الناصرrlm;,rlm; ولكن حالة مبارك هي الأكثر هو لا بسبب طول فترة بقائه في السلطةrlm;,rlm; والتي تجاوزت فترتي سابقيه الاثنين مجتمعينrlm;.rlm; كما أن نهايتها جاءت الأكثر دراماتيكية فيا أيها الرئيس المقبلrlm;..rlm; انتبه إلي فخاخ السلطة المطلقة ولا تنخدع ببريقها الزائفrlm;,rlm; وكن علي مستوي الآمال التي يعلقها عليك شعب عظيم يتعلم العالم الآن من ثورتهrlm;.rlm;