'صندي تلغراف' : مدن خرجت عن يد النظام واخرى تحمل اثار القمع والمتظاهرون مصممون على انهاء النظام


هذه سورية التي لا يريد بشار ان يراها العالم


لندن

في رحلة سرية قام بها مراسل لصحيفة 'صندي تلغراف' وطاف بها مدنا في سورية ووجد ان المتظاهرين لم يتعبوا بعد وسيواصلون المسيرة.
وبدأ التقرير باستعادة ذكرى منشد الثورة السورية ابراهيم قاشوش الذي اعتقل ثم قتل بعد ان تم حز حنجرته والتشويش بحثته، وليس لذنب الا انه كتب اغاني نشيد الثورة الذي دعا فيه بشار الاسد للرحيل 'يا الله ارحل يا بشار' وقال ان فجر الحرية قد اقتراب، ومع ان بعض كلمات الاغنية غير محتشمة لكنه دفع ثمن ما كتبه، حيث وجدت جثته طافية على مياه نهرالعاصي حسب ما اظهر شريط فيديو نشر على الانترنت.
وكان صوت المنشد قد غنى في الحشد الكبير من المتظاهرين في مدينة حماة، وبعد ذلك تحركت قوات الامن واعتقلته وكانت نهايته المعروفة الآن. ويشير التقرير الى ان مئات الالوف اجتمعوا في مدينة النواعير للتظاهر ضد النظام. وتشير الى ان المدينة كانت شهدت المذبحة المعروفة وقد يجبرالاسد على اصدار امر لقواته كي تقتحم المدينة بعد ان تحولت حماة الى مركز المقاومة ضد نظامه.
ويجد النظام صعوبة في السيطرة على المدينة خاصة انه يواجه انتفاضة في كل انحاء البلاد مما اثر على قدرة الجيش للتحكم فيها. وينقل مراسل الصحيفة عن مواطن في حماة قوله 'انظر 14 محافظة تتظاهر' ويقول ان الجيش يلاحق المتظاهرين فيها كلها 'وفي اللحظة التي يخرج فيها الجيش يعود المتظاهرون مرة اخرى'.
وقامت الصحيفة بزيارة سرية الى مدينة حماة فيما قالت انها 'امة في ثورة'، واستمرت الرحلة اسبوعا وقد اظهرت ان قوة الحكومة على السيطرة على البلاد باتت ضعيفة على الرغم من كل عمليات القمع التي مارستها ضد المتظاهرين. وقالت الصحيفة ان مراسلها استخدم اسماء مستعارة وقام برحلات اتفافية على نقاط التفتيش وتسلل للمدن والبلدات 'المحررة' ورصد التظاهرات المناهضة للنظام والتي خرجت بأعداد كبيرة، وشاهد المواجهات واطلاق النار المكثف. وقالت ان هذه هي سورية التي لا يريد بشار الاسد ان لا يراها احد، ولهذا مارس الرقابة على الاعلام ومنع الصحافة الاجنبية من الدخول والعمل في سورية.
وتشير الصحيفة ان حماة تحولت الى ساحة حرب، وهي المدينة الكبرى الرابعة في البلاد ولا تزال تحمل اثارها. وتقول انه في اللحظة التي شاهد الحمويون وجها اجنبيا بدأوا بالحديث عن قرب نهاية النظام. ونقل عن جزار قوله 'انظر حولك لقد انتهت الحكومة في حماة'، واضاف 'جاء الجيش هنا وقتل وسرق ولكننا ما زلنا نخرج، وايا كان عدد المرات التي سيدخل فيها الجيش سنظل نخرج'. وشاهد شابا متحمسا كشف عن سكين خبأها تحت قميصه قائلا انه قد يحتاجها في حالة دخول الجيش الى المدينة. واضاف ان الشباب تجمعوا في الساحة يحملون العلم السوري استعدادا للتظاهرة، ومع انهم لم يكونوا آبهين لما سيجري لهم حذروه من القناصة التابعين للجيش ممن يختبئون على اسطحة المنازل. ووصف الصحافي مشهد التظاهرة قائلا انها كانت مكونة من ثلاثة صفوف وشارك فيها الرجال والنساء والشباب والشيوخ، ومن بين المتظاهرين مجموعة من النسوة المحجبات اللاتي اخذن ينشدن اناشيد الثورة. ونقل عن احد سكان المدينة قوله 'عائلة الاسد قاتلة ومجرمة'، واضاف موجها كلامه للصحافي 'انقل لكل: اهل حماة يقولون ان النظام انتهى'.
وقال انه سمع نفس الرسالة خلال رحلته حول سورية ومدنها، واحيانا الى مدن تركها الجيش ولم يقم بأية جهود للسيطرة عليها، وقال ان صور الاسد الابن والاب دمرت ومزقت في كل الاماكن التي زارها، مثل دير الزور القريبة من الحدود مع العراق. وتقول انه على الرغم من اهمية المدينة الا انها تركت فيها مجموعة قليلة من قوات الامن، واشار كاتب التقرير انه في الليلة التي قضاها في دير الزور سمع اصوات اطلاق النار جعل من الجنود المتمترسين خلف اكياس الرمال يصابون بنرفزة. ونقل عن شبان كانوا يلعبون الورق في واحدة من مقاهي المدينة وصفهم كيف فقدت الحكومة السيطرة عليها حيث قالوا ان الحكومة حاولت دخول المدينة الاسبوع الماضي لكن قواتها تراجعت. واضاف ان الحكومة تعرف ان قبائل الشمال مسلحة ومدعومة من العراق وفي حالة الهجوم على المدينة فسترد القبائل. واضاف ان دير الزور من المدن الكبيرة وان كانت معادية للنظام فهذا يعني ان كل الشرق لم يعد يدعم الحكومة. وفي بعض الاماكن لاحظ الصحافي ان الحكومة ردت بعنف وقسوة لدرجة ان عودة الحياة الطبيعية الى الاماكن التي قمعت فيها الانتفاضة يحتاج لوقت طويل. وقال انه شاهد مباني محروقة ودبابات للجيش لا تزال ترابط في الحقول. فيما تتواجد الفرقة الرابعة التي قادت الهجوم على مدينة جسر الشغور التي قامت فيها الحكومة بعملية بعد مقتل 120 من الجنود الذين قالت ان مسلحين قتلوهم، ولكن السكان يقولون ان الجنود قتلوا من قبل رفاقهم بعد ان رفضوا اطلاق النار على المتظاهرين، وايا كانت الحقيقة فقد ادى الهجوم الى تشريد 10 الاف من سكانها عبر الحدود الى تركيا.
وتحدث التقرير عن الفرقة الرابعة التي يقودها شقيق الرئيس، ماهر حيث قال انه سمع عن قيام جنود منها بزيارة البنك المركزي وخرجوا منهم محملين بعملات صعبة للانفاق على عملياتهم، كما تقول الرواية. ويضيف ان الفرقة قامت بانشاء قيادة مركزية ليست بعيدة عن جسر الشغور فيما لا تزال تحاصر الدبابات المدينة. وتخلو المدينة من الحركة النشطة مثل بقية المدن، وحقولها لا احد يعمل فيها ونوافذ بيوتها المحروقة تقدم مثالا عن الثمن الذي يدفعه كل من يتحدى السلطة.
ويقول الصحافي ان مراسلها زار مدينة اللاذقية التي ينتشر فيها مؤيدو النظام وتعتير مركزا للشبيحة، ومع كل هذا فان تمثال حافظ الاسد تحت الحراسة وكل هذا لا يخفي اثار التظاهرات. وينقل في مقبرة دفن فيها عدد من قتلى التظاهرات عن ابو حمزة قوله ان التظاهرات في اذار (مارس) كادت تتحول الى مذبحة، واضاف ان النظام احضر قناصة لقتل المتظاهرين، 'ولمدة عشرة ايام قتل الجيش اي شخص كان يسير في الشارع، كنت اعتقد ان اسرائيل هي عدونا، لكن حتى اسرائيل تستخدم الرصاص المطاطي، وتطلق الرصاص على ارجل المتظاهرين، وتسمح لسيارات الاسعاف لنقل الجرحى ولكني الآن اعرف ان النظام هو العدو الحقيقي'.
واضافة للتحديات التي تواجه النظام في وقف التظاهرات فالبلد يعاني من ازمة اقتصادية حيث هناك طوابير طويلة من السيارات للحصول على الوقود، فيما يبيع تجار العملات العملة السورية بزيادة 20 بالمئة عن السعر الحكومي.
فيما خلت فيه غرف الفنادق من الزوار بعد توقف السياحة وقامت شركات الاستثمار الخارجية بتخفيف عملياتها او اوقفتها ورحلت. ولان المعارضة تعتقد ان مواصلتها التظاهر والاحتجاج قد تؤدي الى دفع بشار للخروج من السلطة فانها تتصلب في مواقفها وترفض دعوات الحوار مع النظام. ورغم العنف في داخل البلاد فالنظام لا يزال يملك قاعدة من الدعم في مدن اخرى وهي حلب اكبر مدينة في سورية ودمشق العاصمة مع ان انتفاضات حدثت في البلدات المحيطة بهما. ولكن المعارضة تقول انه طالما استمرت التظاهرات وضعف النظام فولاء حلب ودمشق سيتراجعان.