عبدالله الشمري


تعرضت الوظيفة الدبلوماسية منذ نشأتها الى تغيرات وتطور في وسائلها وأساليبها، وذلك نتيجة تطور الإنسان واتساع أفاقه ومعارفه ،وطالما عكست الدبلوماسية أسلوب العصر الذي تنتمي إليه ،حيث بدأت الدبلوماسية سريّه ثم ما لبثت الى أخذ طابع علنيا وخاصة نهاية الحرب العالمية الثانية تعبيرا عن روح العصر الحديث ، كما أن الدبلوماسية بدأت ارستقراطية ومع مرور الزمن تحولت حتى وصلت للدبلوماسية الشعبية بعد انتشار الديمقراطيات في العصر الحديث ، مما فرض على الدبلوماسية الحديثة ان تغيّر أساليبها لتخاطب الجماهير والنخب مباشرة.
وإذا كان لأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م انعكاسات مباشرة على طبيعة العلاقات الدولية وعلى الشرق الأوسط بشكل خاص فقد ساهمت في تغيير وتعديل في سياسات المملكة وتوجهاتها الخارجية ،وبرزت أهمية فتح قنوات خارج نطاق علاقاتها التقليدية مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بدأت المملكة بانتهاج سياسة جديدة تسعى لتنويع العلاقات مع الشرق والشرق الأقصى مثل الصين ، روسيا، الهند وكذلك تركيا.

إذا افترضنا أن الربيع العربي سيعرض زعامة المملكة التقليدية للعالم الإسلامي لتنافس جديد فإن السؤال الهام هو : هل يمكن مواجهة أحداث ما بعد الربيع العربي ودبلوماسيتي إيران وتركيا النشطة والمتعددة الأوجه عبر الدبلوماسية المكتبية و الورقية ؟وعلى الصعيد الدبلوماسي دعت الأحداث المملكة الى مراجعة أساليب دبلوماسيتها ووجدت قناعه بأهمية الدبلوماسية الشعبية ،وفي هذا الشأن يمكن الإشارة الى نشاطات الأمير تركي الفيصل الدبلوماسية والمتميزة ،حيث ألقى ما يزيد عن 130 محاضرة وحضر عشرات اللقاءات الطلابية خلال فترة 18 شهرا قضاها سفيرا لخادم الحرمين الشريفين في واشنطن ، ونجحت هذه الجهود في إيصال الرسالة السعودية لأكبر شريحة ممكنة من الطلبة والأكاديميين ولرجال الإعلام وجها لوجه، ونجحت نجاحا واضحا في التأثير المباشر على الرأي العام الأمريكي .
وإذا كانت المملكة تجاوزت وعبر الدبلوماسية الوقائية انعكاسات أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلا أنه يمكن القول: إن دولا أخرى استفادت من انشغال المملكة بذلك وزادت نفوذها في الشرق الأوسط تحديدا، وخاصة إيران وتركيا ،واللتين أصبحتا خلال العقد الماضي ابرز لاعبين في المنطقة ، وزاد من ذلك ان الدبلوماسية السعودية عادت تدريجيا للدبلوماسية المكتبية وهي محدودة التأثير .
وكما فاجأت أحداث الربيع العربي العالم وغيرت خارطة معظم الأنظمة العربية ،ونشأ واقع جديد في تونس ومصر وليبيا والمغرب واليمن وسوريا ،فإن ذلك يفرض على الدبلوماسية السعودية أن تُراجع نفسها ،وأن تغير تكتيكها بناء على الواقع المتشكل حديثا، خاصة بعد وصول الأحزاب الإسلامية للحكم ومحاولة تركيا إيران استغلال علاقاتها المتميزة بالزعامات الإسلامية وفرض نموذجيهما والذي سيكون على حساب المملكة .
وإذا افترضنا ان الربيع العربي سيعرض زعامة المملكة التقليدية للعالم الإسلامي لتنافسٍ جديد فإن السؤال الهام هو : هل يمكن مواجهة أحداث ما بعد الربيع العربي ودبلوماسيتي إيران وتركيا النشطة والمتعددة الأوجه عبر الدبلوماسية المكتبية و الورقية ؟