سمير عطا الله

ثمة قاسم مشترك بين طبيب العيون، الدكتور بشار الأسد، وصاحب laquo;دولة القانونraquo;، الدكتور نوري المالكي. الأول تطلع إلى مواطنيه غارقين في ثلوج الأردن ولبنان، فذهب إلى الأوبرا ليعلن أنهم مجرد laquo;فقاعاتraquo;. الثاني، صاحب laquo;دولة القانونraquo;، تطلع إلى 700 ألف متظاهر من مواطنيه وقال: laquo;فقاعاتraquo;.

ما هو القاسم المشترك إذن؟ كلاهما متبحر في قراءة شكسبير. ففي laquo;ماكبثraquo; يقول صديقه، الجنرال بلانكو هازئا: laquo;للأرض فقاعات، كما للمياهraquo;. أما ماكبث فهو - في المسرحية - اللورد الاسكوتلندي الذي لا يتورع عن شيء في سبيل السلطة، فيقحم البلاد في حرب أهلية، ومن ثم يخسر كل شيء، وتبقى من بعده الفقاعات. الناس والبشر والأهل والأرض. لا أحد يأخذ الأرض معه، فقد اعتادت هي أن تأخذ الناس.

يصاب ماكبث بالبارانويا ويأخذ في معالجة خوفه بالقتل ثم بالمزيد من القتل. الباقي مسرح وكوابيس، وزوجة ماكبث تحثه على إلصاق الجرائم بسواه. تلك هي الاستعارات الشكسبيرية من التاريخ. وكم وعدت جنابكم بعدم العودة إلى الصعلوك الذي أصبح أشهر أسماء الإنجليز، حتى إنه صار صفة لا اسما. ولكن ماذا أفعل؟.. للضرورة أحكام. وقد استخدم الدكتور الأسد وصاحب laquo;دولة القانونraquo; وجنة العدل مصطلح laquo;فقاعاتraquo; في أقل من أسبوع، ما بين عاصمة الأمويين وعاصمة العباسيين.

من معالم وظواهر وعناوين laquo;دولة القانونraquo; أن الزعيم المالكي ذهب إلى الأردن قبل أيام وعاد ليعلن إغلاق الحدود معه. من يمارس هذا العقاب الذي لم يعد قائما منذ أيام شكسبير؟ دمشق.. كلما laquo;عصّبهاraquo; لبنان، سدت الحدود في وجهه.. بوابته الأرضية الوحيدة إلى العالم العربي ولقمة عيشه الأولى.

استقبل الأردن مئات آلاف العراقيين، أغنياء وفقراء، مستثمرين يسهمون في إنعاش اقتصاده وبائسين لا حول ولا قوة. بغداد ودمشق أكثر وأول من رفع شعار الوحدة العربية، ووحدهما تستخدمان هذا السلاح الجائر: معاقبة الناس من أجل معاقبة الحاكم. وأكثر من يتأذى بقرار نوري القانوني هم العراقيون، خلف الحدود وأمامها.

ربما يحسن بنا تذكير عاصمتي الوحدة العربية بأن الأردن استوعب أكثر بكثير من طاقته، من الذين هرعوا إليه هربا من دولهم. وهؤلاء، في الفنادق أو المنازل أو مخيمات الصقيع والعذاب، لا يزالون مواطنين عراقيين وسوريين.. لا تغلقوا الحدود خلفهم.