عبدالله بن بخيت

في أول تغريداته حول الموضوع عبر بابا الفاتيكان عن موقفه من اختطاف الفتيات في نيجيريا تحت الشعار العالمي المرفوع (أعيدوا بناتنا). ما كانت سمعتنا في حاجة إلى هذه الجريمة التي هزت العالم. فالفضاء الإعلامي العالمي ممتلئ بالجرائم المتشابكة التي تنتجها المنظمات الإسلامية المقاتلة. ما إن تنطفئ واحدة حتى تعلق الأخرى.

ما الفائدة التي يمكن أن يجنيها أحد من إنجازات هذه المنظمات القاتلة. الشيء الذي يمكن قوله ونعرفه جيداً أن كل شيء في هذه الدنيا حتى (الشر) سيجد إنساناً يستفيد منه ويوظفه. ترى ما فائدة بوكو حرام أو داعش أو شباب الإسلام أو المتربصين بأمن المملكة أو غيرهم من القتلة؟. إذا أردنا أن نعرف ذلك علينا أن نقرأ بجدية كلمتي (التطرف والوسطية) كما تدوران هذه الأيام في كثير من وسائل الإعلام المحلية.

عندما نتابع إعلامنا المحلي سنجد أن أكثر كلمة تستخدم لوصف هذه المنظمات هي كلمة (متطرفة) أو فئة ضالة. إذا هؤلاء ليسوا مجرمين بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة بقدر ما هم ضالين أخذوا العمل (الطيب) إلى أقصاه أو خرجوا به عن مساره. إذاً التطرف بالنسبة لنا يتميز بمسافة العمل لا بطبيعة العمل. لا يمكن أن يطلق على المرء متطرف لمجرد أن آمن بما يفعله هؤلاء أو حض عليه ولكن حتى ينضم إلى واحدة من تلك المنظمات ويحمل السلاح ويقتل ما استطاع إليه سبيلاً. أما من يزين الجهاد ومن يؤلب المجتمع على الكتاب وعلى النساء وعلى المسؤولين في الدولة فهذا لا يعد متطرفاً. ولأن التطرف لابد له من طرف آخر يقابله ويحاربه صار لدينا تطرفان يتوجب الحرب عليهما لنبقى في الوسط. بوكو حرام أو داعش من جهة والليبراليون من جهة ثانية، فهؤلاء هم الطرفان المتصارعان علناً. أصبح كل من يقع بين هذين المتصارعين يكون بشكل تلقائي في منطقة الوسط. فالعريفي على سبيل المثال أو ناصر العمر يعتبران من الوسط لأنهما لم يذهبا شخصياً للقتال مع بوكو حرام أو مع داعش ولم يصطفا مع الليبراليين في حربهم على هاتين المنظمتين وأشباههما.

لم يعد هذا التصنيف محصوراً بين المتجادلين على وسائل الإعلام وإنما أخذ طريقه إلى الاستخدام الرسمي. تسمع اليوم مسؤولاً يقول: علينا محاربة التطرف الديني والتطرف الليبرالي. إذاً على المجتمع والدولة محاربة التطرف أياً كان اتجاهه وهذا حق. من جهة محاربة بوكو حرام في نيجيريا ومن جهة أخرى محاربة الليبراليين في المملكة. إذا تفحصنا القدرة على مستوى الواقع سنجد أن الدولة والمجتمع السعودي مهما بلغا من القوة لا يستطيعان محاربة بوكو حرام. إذاً عليهما التفرغ لمحاربة الليبراليين في المملكة (العوض ولا القطيعة). إذا كنا غير قادرين على الوصول إلى المقاتل في صفوف بوكو حرام أو داعش فليس من الحكمة أن نضع أيدينا على خدودنا وننتظر فدوننا الليبرالي المتطرف الذي يريد إفساد المرأة ويحث على الابتعاث وينشر التغريب في بلاد الحرمين. أما شقيق المفجر ومساعده الذي يعمل في ميدان الإعلام أو الدعوة أو الإفتاء أو التجنيد أو التبرير والذي يحارب الابتعاث وحقوق المرأة ويؤلب العامة على المشاريع الحكومية ويؤيد الإخوان فمازال في الوسط، قد يميل هنا أو هناك ولكنه مازال يقع بين هذين المتطرفين.. إذاً هو في المنطقة الخضراء الآمنة له الحق في تعهد صغار السن بالتوجيه والتربية ما وسعه ذلك.
&