أحمد عبد الملك

السؤال الأهم الآن بالنسبة للرئيس الأميركي باراك أوباما هو: ماذا يمكن عمله مع حكومة نتنياهو الجديدة ذات التوجه اليميني المتشدد في قضية الأرض الفلسطينية المحتلة؟ لقد كان أوباما يعول على وجود واجهة معتدلة نسبياً مثل الوزيرة تسيبي ليفني التي كانت تتولى ملف المفاوضات، ليدفع بوزير خارجيته كيري للإشراف على المحادثات. أما الآن فقد حرم نتنياهو الرئيس الأميركي حتى من مثل ورقة التوت السياسية تلك بتشكيلة حكومته الجديدة. وكما هو معلوم تضم هذه الحكومة الإسرائيلية الجديدة حزب «الليكود» و«البيت اليهودي» المتطرف في ميوله الاستيطانية ورغبته في ابتلاع الضفة الغربية. والحزبان معاً حريديان ومتزمتان دينياً، وهما مستعدان لمجاراة نتنياهو في تشدده طالما أنه يخصص لهما أموالا من الميزانية العامة. وأخيراً تضم الحكومة حزب «كلنا» بزعامة كحلون، الليكودي السابق الذي لا يختلف مع نتنياهو حول الضفة وإنما حول السياسات الاقتصادية الداخلية.

إن أوباما يجد نفسه الآن في ورطتين تسببان له صداعاً مع حلفائه العرب، الورطة الأولى هي المخاوف العربية، التي تستفزها سياسته تجاه إيران والتي توحي بأنه مستعد لإطلاق يد طهران في المنطقة العربية بكل ما تحمله من أطماع مقابل الاتفاق النووي.

أما الورطة الثانية فهي ممثلة في انزعاج العرب من ضعف أوباما في مواجهة نتنياهو، الذي أعلن صراحة أثناء حملته الانتخابية أنه لن يسمح بإقامة دولة فلسطينية طالما بقي رئيساً للوزراء.

لقد نشر موقع «ديبكا» المعروف بارتباطه بدوائر المخابرات الإسرائيلية تقريراً يفيد بما يلي:

1- أن أوباما أصبح متأكداً أنه لا أمل في أي مفاوضات مع حكومة نتنياهو الجديدة.

2- أن الرئيس الأميركي بحاجة ماسة لإرضاء العرب في ملف القضية الفلسطينية مقابل استعدادهم لتهدئة حربهم في اليمن ضد الحوثيين المدعومين من إيران، بالاضافة لإجراءات أمنية يتخذها أوباما لتهدئة مخاوف العرب من التمدد الإقليمي الإيراني.

3- أنه ينسق حالياً مع الرئاسة الفرنسية لصياغة مشروع قرار يقدم إلى مجلس الأمن يتضمن إعلان قيام الدولة الفلسطينية ليكون قيامها بقرار دولي.

وإذا صح محتوى هذا التقرير فعلى العرب أن يوجهوا الأسئلة التالية لإدارة أوباما:

1- هل سيكون قرار مجلس الأمن قراراً عمومياً غير ملزم لإسرائيل كدولة احتلال أم أنه سيكون ملزماً لها بالانسحاب من الضفة الغربية ورفع الحصار عن قطاع غزة؟

2- هل سيتضمن القرار موعداً محدداً على سلطة الاحتلال الإسرائيلي أن تنفذ الانسحاب خلاله، أم أنه سيكون قراراً عمومياً مفتوح التاريخ لينسى بعد حين؟

3- هل سينص هذا القرار على فرض عقوبات اقتصادية وأمنية على دولة الاحتلال إذا لم تلتزم بالموعد المحدد للانسحاب من الأرض المحتلة، أم أنه سيصدر من دون أنياب، مجاملةً لإسرائيل؟

إنها أسئلة شديدة الأهمية، وعلينا أن نحصل على إجابات واضحة عنها من الإدارة الأميركية قبل أن نظهر أي علامات للرضا. ذلك أن الظاهر من الموقفين الأميركي والأوروبي لا يدل على نوايا حازمة ضد حكومة تكريس الاحتلال للضفة. دعونا مثلا ننظر إلى بيان وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديركا موجيريني الذي هنأت فيه نتنياهو على نجاحه في تشكيل حكومته. إنه بيان شديد الرضا ومليء بعبارات التمني حول استئناف المفاوضات في الوقت الذي وافقت فيه وزارة الداخلية الإسرائيلية على بناء 900 وحدة استيطانية جديدة في حي «رمات شلوير». نحن في انتظار موقف واضح من الرئيس الأميركي تجاه حكومة تكريس الاحتلال الإسرائيلي.

&