عبدالله الغذامي
الظاهرة الترامبية هي خلاصة الحرب المضادة في مواجهة التعددية الثقافية، وقد تبدت بوادر هذه الحرب في فرنسا أولا مع ظهور اليمين السياسي المناهض لثقافة المهاجرين وتم طرح سؤال ( ما الفرنسي ) وتم طرح قانون ( صون العلمانية )، وامتد ذلك لهولاندا وألمانيا ( الحزب البديل ) وتوجه تصويت خروج بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي ،وهو التصويت الذي رحب به اليمين الأوروبي في كل بلدان أوروبا تطلعا منهم لعودة القوميات الجزئية والهويات الجذرية، وقفل باب الهجرات والتنوع ، ومن هنا جاء فوز ترامب ليحمل رياح التغيير، كما سمتها تيريزا مي، وصارت اللعبة على المكشوف، جاء مفهوم الرجل الأبيض والثقافة البيضاء التي تصون نفسها ضد التعددية الثقافية ، هذه صورة العودة اليمينية المتطرفة والرافضة لكل المكتسبات الثقافية التي تحققت مدى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ولم يعد لمفهوم الديموقراطية الاشتراكية مكان في هذه المرحلة بعد انكسار اليسار الديموقراطي الأوروبي.
تلك هي الظاهرة الترامبية اليوم، وقد تحفزت وحفزت كل القوى اليمينية حتى لم تعد العنصرية والعرقية عيبا يستحى منه، بل تحولت لشعار سياسي وصارت تجلب الأصوات وتوصل للكرسي المتقدم.
وهذا ليس نهاية مطاف البشرية، ولكنه فحسب يشير إلى أن المعركة ليست سهلة وأن نظريات التفاوضية الثقافية هي الخطاب الثقافي الثوري الآن، وهو الخطاب الذي سيحرك الضمير السياسي ليواجه قوى الرجعية الجديدة، والتفاوضية الثقافية تقوم على أربعة أركان هي: الحرية والمساواة والعدالة والتعددية الثقافية، وهي مجتمعة ما يمكن أن تتسلح به النضالية الثقافية في مرحلة هي من مراحل الانتكاس لكل مقولات هذه التفاوضية. ( عن التفاوضية الثقافية وتفصيل المفهوم يرجى العودة لكتابي : الليبرالية الجديدة ، أسئلة في الحرية والتفاوضية الثقافية، الفصل الخامس ).
التعليقات