&هاني الظاهري

المتابع للشأن الأمريكي بعمق يلحظ سرعة تقلب المزاج الشعبي العام تجاه مرشحي الرئاسة (هيلاري كلينتون ودونالد ترامب)، فبتاريخ 23 أغسطس الماضي تقدمت مرشحة الديمقراطيين على منافسها الجمهوري بنحو 12 نقطة في عدد من استطلاعات الرأي، لكن سرعان ما تقلص الفارق عقب تصريحات أطلقها ترامب يوم 28 أغسطس أكد فيها أن هيلاري خذلت الأمريكيين من أصل أفريقي بسياسات فاشلة، كما وصفها بأنها «عنصرية» تعتبر الناس الملونين مجرد أصوات انتخابية ولا تنظر إليهم كبشر وهذا يجعلها تتلاعب بهم وتستغلهم.

وفي 31 أغسطس كشف استطلاع جديد بحسب صحيفة واشنطن بوست عن تهاوي شعبية كلينتون في مواجهة منافسها بشكل سريع، وتبع ذلك صدور ملخص من مكتب التحقيقات الفيدرالي للتحقيق الذي أجراه معها في القضية المثيرة التي تتعلق باستخدامها «بريدا إلكترونيا خاصا» خلال عملها وزيرة للخارجية ما تسبب في مقتل مواطنين أمريكيين في ليبيا؛ ولأن المصائب لا تأتى فرادى، فقد تصاعد في الوقت ذاته الجدل حول شبهات تتعلق بتمويل مؤسسة كلينتون الخيرية التي يديرها زوجها؛ إذ تسربت أنباء عن أن هيلاري وجهت بعض المانحين بشكل غير رسمي لدعم المؤسسة رغم توليها شخصيا منصب وزيرة الخارجية، وهذه فضيحة من العيار الثقيل بالنسبة للأمريكيين إن ثبتت صحتها، وإضافة لكل ما سبق هناك تشكيك دائم في حالة كلينتون الصحية وقدراتها العقلية؛ إذ من الثابت أنها أصيبت بارتجاج في الرأس عام 2012 نتيجة حادثة وهناك معلومات عن وجود مشكلة تجلط دموي في دماغها، وتعاني من الضغط والكولسترول فيما تحاول حملتها تجنب الحديث عن وضعها الصحي تماما.

في المقابل نزع ترامب ـ الذي يبلغ السبعين من العمر ولا يعاني من أي مشكلات صحية ـ ثوب الحمل الوديع الذي لبسه خلال الشهرين الماضيين، وعاد للتصريحات القاسية ضد المهاجرين غير الشرعيين خصوصا القادمين من المكسيك، واللافت أن تصاعد شعبية ترامب في الاستطلاعات التي تُجرى على عينات عشوائية من الناخبين بشكل أسبوعي أصبح مرتبطا بحدة خطابه تجاه المهاجرين على عكس ما يتصوره كثير ممن يراهنون على عدم عنصرية الشعب الأمريكي، وهذه مسألة تحتاج مزيدا من التفصيل ليفهمها المتابع العربي، فذكاء أو لنقل «دهاء» حملة ترامب يتلخص في كونها شديدة العداء للمهاجر غير الشرعي، في الوقت الذي تشدد فيه على احترام المقيم النظامي وكذلك المواطن الأمريكي من أصول أخرى، وهذا بالضبط ما يريده الناخب الأمريكي التقليدي الذي يعتقد أن المهاجر غير الشرعي مشروع مجرم ومزاحم له على الأعمال الصغيرة، أما الغاضبون من تصريحات ترامب فهم لا يملكون حق الانتخاب من الأساس؛ لأن غالبيتهم العظمى ليست أمريكية الجنسية، ولعل ما يصور ذلك بوضوح تام هو إعلان ترامب أمس الأول خلال اجتماع انتخابي بولاية أريزونا الجنوبية تعهده بطرد ملايين المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة بعد ساعة واحدة من توليه منصب الرئاسة، والأغرب أن هذا الإعلان العنيف (إن جاز التعبير) جاء عقب زيارة ترامب للمكسيك بساعات قليلة وهي الزيارة التي عقد فيها مؤتمرا صحفيا مشتركا مع الرئيس المكسيكي امتدح خلاله المقيمين المكسيكيين «النظاميين» داخل الولايات المتحدة.