روجر بليتز

دونالد ترمب لا يحب أبدا الاعتراف بالهزيمة، لكن في محاولته إضعاف الدولار، يتبع القول المأثور: "إن لم تستطع هزيمتهم، انضم إليهم".
بعد تنصيبه رئيسا، وسم ألمانيا واليابان والصين بأنها دول تتلاعب بالعملة، متهما إياها بالحفاظ على عملاتها ضعيفة من أجل اكتساب ميزة تنافسية للصادرات. مع ذلك، أعلن الأسبوع الماضي أن "الدولار يصبح قويا فوق الحد".

لم يتوان الخبراء الاستراتيجيون في تحديد التناقض الصارخ في ذلك الحديث.
كان رد فعل مارك تشاندلر، الخبير الاستراتيجي في العملات الأجنبية في نيويورك، الذي يعمل لدى شركة براون براذرز هاريمان: "لو قال زعيم دولة أخرى ما قاله، فمن المرجح أن يتم اتهامه بالتلاعب في عملة بلاده".
من خلال إطلاق وابل جديد من التصريحات بخصوص الدولار، خرج ترمب عن النهج المعتاد، بتعديه على مسؤوليات وزير الخزانة الأمريكي الذي يقدم عادة وجهة نظر الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالعملة.
من اللافت للنظر بشكل أكبر أنه حين اشتكى من قوة الدولار، مزق الرئيس تعويذة "الدولار القوي" التي اعتمدتها الإدارات الأمريكية منذ أن كان روبرت روبين وزيرا للخزانة في عهد بيل كلينتون في التسعينيات.
ادعى ترمب الأسبوع الماضي أن أفضل شيء يتعلق بالدولار القوي هو "أنه يبدو جيدا".
السؤال الأكبر الموجه لسوق العملات الأجنبية التي تبلغ قيمتها خمسة تريليونات دولار هو السؤال البسيط التالي: هل ستكون محاولة الرئيس الأمريكي لإضعاف الدولار ناجعة؟
تشير أحداث الأسبوع الماضي إلى أنه على الأمد القصير ستكون الإجابة نعم. فقد انخفض الدولار بحدود 0.4 في المائة مقابل اليورو وتخلى عن تقدمه مقابل الين بعد تعليقات ترمب التي نشرت يوم الأربعاء، على الرغم من أنه عثر على دعم يوم الخميس. يقول جون نورماند، الخبير الاستراتيجي في العملات الأجنبية لدى "جيه بي مورجان تشيس"، إن صدى مثل تلك التعليقات سيتردد في التقلبات اليومية للسوق.
ويفسر نورماند قائلا: "التصريحات التي تتعلق بما إذا كانت الولايات المتحدة تفضل دولارا قويا أم ضعيفا هي مصدر التقلبات في حركة التداول اليومية ولا تشكل اتجاها عاما، ما لم يكن هناك نشاط لأحد ديناميات التعزيز في السياسة النقدية أو سياسة المالية العامة أو السياسة التجارية". 
ويشير ألان راسكين، الخبير الاستراتيجي في العملات في نيويورك لدى دويتشه بانك، إلى أن الجهود اللفظية المبذولة من قبل الزعماء لإضعاف عملاتهم تنجح فقط إذا كانوا "يضغطون على باب مفتوح". بعبارة أخرى، إذا أشارت الأساسيات الاقتصادية إلى وجود دولار أضعف على أية حال.
في الوقت الذي انخفض فيه مؤشر الدولار - المقياس الأوسع نطاقا للعملة - بنسبة 1.7 في المائة هذا العام، قلة من المحللين فقط هم الذين يكتبون نعي اندفاع الدولار.
يقول كيت جاكز، الخبير الاستراتيجي في سوسييتيه جنرال: "لم ينته الاحتياطي الفيدرالي من سياسة التشديد حتى الآن، ولم يتوقف النمو في الاقتصاد، ولا نعتقد أننا شهدنا مستويات عالية من العائدات حتى الآن. في هذه المرحلة تلاشت إلى حد كبير توقعات السوق بحصول ارتفاع ثالث لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي لهذا العام، وبنسبة عالية فوق الحد".
ربما يكون لأي تعليق من ترمب حول الدولار قدرة محدودة على تعطيل الاتجاهات الأساسية، لكن الإجراءات التي يتخذها الرئيس يمكنها أن تشكل تلك الاتجاهات بشكل لا يستهان به، بحسب ما يقول الخبراء الاستراتيجيون. فسياسته التجارية، والضريبة التعديلية الحدودية المقترحة التي من شأنها أن تجعل الواردات أكثر تكلفة، وأي تحفيز من المالية العامة، إضافة إلى الشخصيات التي يعينها في الاحتياطي الفيدرالي، كلها لديها القدرة على التأثير على الدولار، بحسب نورماند.
ما يؤكد ذلك هو أن سوق السندات اغتنمت فرصة تصريحات ترمب الأسبوع الماضي، التي لم يستبعد فيها إبقاء جانيت ييلين للعمل لفترة ولاية ثانية رئيسة للاحتياطي الفيدرالي. وينظر إلى ييلين على أنها تميل إلى رفع أسعار الفائدة بأسلوب مدروس، الأمر الذي يمكن أن يشكل عبئا على الدولار.
يقول لي هاردمان، وهو خبير استراتيجي في العملات في مصرف MUFG الياباني: "من الملحوظ أن الرئيس ترمب أعرب أيضا عن مزيد من الدعم لرئيسة الاحتياطي الفيدرالي، ييلين، وسياسة أسعار الفائدة المنخفضة الحالية". 
إذا كان الرئيس ترمب يرغب حقا في العثور على طريقة للوصول إلى دولار ضعيف والحفاظ على ذلك، كما يضيف نورماند، فمن الأفضل أن يعين أعضاء في لجنة تحديد أسعار الفائدة التابعة للاحتياطي الفيدرالي يعملون على إبقاء أسعار الفائدة منخفضة وإبقاء الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي كبيرة، بغض النظر عن التضخم.
وعلى الرغم من أن ترمب لا يتردد في مهاجمة سياسات المنافسين، ربما ينتهي الحال بالاقتصاد العالمي وهو يساعده في كبح قوة الدولار. 
يقول جاكز: "لذلك، المزيد من قوة الدولار سيكون محدودا، لأن الآفاق الاقتصادية في البلدان الأخرى تتحسن بصورة عامة الآن".