هاني الظاهري
معظم استطلاعات الرأي وتوقعات المحللين السياسيين حول العالم اليوم تستبعد فوز زعيمة حزب الجبهة الوطنية ماريان لوبان بمنصب الرئاسة الفرنسية، وترى أنه من المستحيل أن تسجل هذه الشخصية المثيرة للجدل اسمها كثامن رئيس للجمهورية الخامسة، باعتبارها صاحبة أفكار يمينية متطرفة وما إلى ذلك من اتهامات واجهها قبلها الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترمب عند ترشحه لرئاسة الولايات المتحدة العام الماضي.
لا تختلف شخصية لوبان كثيرا عن شخصية ترمب، ولا يختلف المزاج الشعبي في فرنسا هذه الأيام عن المزاج الشعبي الأمريكي الذي قاد ترمب للبيت الأبيض، والطريف أن مواقف وأطروحات وسائل الإعلام ونتائج مراكز استطلاعات الرأي وآراء المحللين تجاه لوبان لا تختلف أيضا عما حدث تجاه ترمب، وكأن التاريخ يعيد نفسه في مكان آخر من العالم، بقي فقط أن تحقق لوبان نفس النتيجة التي حققها ترمب وتفوز بالكرسي الرئاسي، وهذا برأيي سيحدث لا محالة لتوافر ذات المعطيات في الحالتين، وكما تنبأت بفوز ترمب في هذه الصحيفة قبل سنة كاملة من ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أجزم اليوم أن لوبان ستفوز رغم كل الحملات التشويهية التي تواجهها، وهذا ليس تنجيما وإنما رأي خاص يستند إلى تحليل خاص أيضا وفق معطيات تقود إلى نتائج محددة لا يمكن كبحها إلا بأحداث أو تحولات خارقة ومستبعدة.
الشعب الفرنسي كبقية شعوب أوروبا يعيش هاجسا أمنيا منذ أعوام بسبب الإرهاب، كما أنه متذمر من البقاء في الاتحاد الأوروبي بعد انسحاب بريطانيا، إذ يشعر الناخبون الفرنسيون بأنهم تركوا في هذا الاتحاد وحدهم مع دول أقل مكانة من دولتهم ويريدون أن تكون بلادهم بذات شجاعة بريطانيا التي أدارت ظهرها للاتحاد برغبة شعبية خالصة فاجأت الجميع.
الناخب الفرنسي في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الجمهورية بحاجة ماسة لسماع صوت لوبان ليطمئن أن فرنسا قادرة على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية وليس بحاجة لسماع المزيد من شعارات الحريات وحقوق الأقليات.. والسيدة لوبان صاحبة صوت عال مؤثر ويلامس قلوب القوميين الفرنسيين بشكل لا ينافسها فيه أحد، إضافة إلى أنها تجيد سماع صوت الناخب الفرنسي التقليدي وتقديم الكعك الذي يحبه له، على عكس منافسها إيمانويل ماكرون الذي لا يجمع مؤيديه سوى شعارات محددة بجانب كراهية أفكار لوبان.
سوف يحظى ماكرون بنسبة مقاربة لنسبة لوبان في الجولة الانتخابية القادمة لكنه لن يصبح رئيسا للفرنسيين برأيي، سوف يصوت له المثقفون والأقليات ونسبة كبيرة من النساء، فيما سيصوت للوبان القوميون واليمينيون والمؤمنون بعظمة «الجمهورية الخامسة» وتفوقها على بقية دول أوروبا، إضافة إلى المنشغلين بالوضع الأمني ومكافحة الإرهاب، بعيدا عن الحسابات السياسية وهم أغلبية لا يراها المحلل السياسي الذي يظن أن حكاية لوبان انتهت ومصيرها حُسم.
التعليقات