القراءة ركيزة النهضة والازدهار المعرفي، إذ ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنقل المعرفة والعلوم بين المجتمعات وأفرادها، وتعد مساراً مؤثراً في نهضة الأمم، وتقدم البلدان وازدهار الشعوب، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «القراءة يمكن أن تُغيّر الحياة.. ونؤمن بأنها ستصنع أجيالاً مختلفة.. وستفتح أبواب العلم والحضارة».

تحدي القراءة العربي.. «مبادرة مليونية» خاطبت ميادين العلم في 50 دولة، وأعادت صياغة تعاطي الطلبة والمشرفين والمدارس مع «لغة الضاد»، ووضعت حلولاً جذرية لأزمة المطالعة، وفتحت المجال أمام الأبناء بمختلف المجتمعات «عربية وغربية» للمنافسة في سباق العلم المعرفة.

الثراء المعرفي، تسرده إنجازات «المبادرة المليونية»، منذ انطلاقها عام 2015، فقد استهلت مسيرتها بمشاركة 3.6 مليون طالب وطالبة من 19 دولة في دورتها الأولى، لتتنامى الأعداد وتزداد المشاركات عاماً تلو الآخر، لتحط النسخة الثامنة رحالها هذا العام، باستقطاب أكثر من 28 مليون طالب وطالبة يمثلون 229 ألفاً و620 مدرسة، ويشرف عليهم 154 ألفاً و 643 مشرفاً ومشرفة.

في الواقع لم تقتصر النتائج المبهرة للمبادرة، على منافسة الطلبة في «ساحات المطالعة» فحسب، ولكنها أعادت ل«العربية» مكانتها وعزتها، لاسيما أنها تعد الوعاء الجامع والشامل لحضارتنا وثقافتنا وإرثنا العريق، كما عززت مفرداتها وجمالياتها ومكوناتها إدراك الطلبة في المراحل السنية كافة.

جوائز تحدي القراءة العربي أدت دوراً كبيراً في تحفيز الفائزين على البحث والاستكشاف، وشجعت جميع الأبناء للالتحاق بركب المعرفة والمطالعة، لتصبح المبادرة مطمحاً لطلاب العلم في كل بقاع الأرض، والمنافسة فيها تشكل تطلعات شعوب وأوطان.

مخرجات ونتائج المبادرة على مدار ثماني دورات، تجسد مدى قوتها وقدرتها على تحريك المياه الراكدة في ميادين القراءة بأوطاننا، ووضع نهاية أزمة المطالعة التي عانتها المجتمعات، وهنا ينبغي أن تتعاطى الحكومات مع مكتسبات المبادرة بمسؤولية وجدية، للاستمرار في بناء قدرات الأبناء في مختلف البلدان.

نؤكد أهمية دور الأسرة ومسؤوليتها، إذ تعد النواة الأولى لتربية الأبناء في شتى المجالات، إذ ينبغي أن تغرس في نفوس أبنائها حب القراءة، وتعزيز المطالعة لتكون عادة حياتية متجددة، تنمي اتجاهات الصغار والكبار، ما يسهم في بناء أجيال تتمتع بالوعي المعرفي.

«المبادرة المليونية» تغلب على إشكالية «هجرة المطالعة»، وتشكل دعوة متجددة وصادقة للعمل الجاد في ميادين العلم، فلنجعل المطالعة عادة حياتية يحافظ عليها أفراد المجتمع، فهي أهم وسائل التعلم وكسب العلوم والمعارف.