مند سنوات نأيت بنفسي عن الكتابة عن القضية الفلسطينية، وإن لم تنقطع متابعتي للأحداث.. لأن جدوري من هناك وكل أحبائي بقوا صامدين ورفضوا النزوح. وبقي عبق الأرض وأحبائي مصدرآ لبقائها في قلبي وفي ضميري.
سيدي القارىء.. لست من حاملي الشعارات ولست من المناصرين للتحريض أو إتباع العنف كوسيلة لأي حل.. لأن العنف لا يولد إلا العنف.. إضافة إلى أن شهرتنا الدولية في العنف لم تحصد لنا إلا ثمرات الحقد ووصمتنا بإنعدام الإنسانية.. نعم أتمنى بأن لا أرى أي صواريخ من أي من دول الجوار لأن إطلاقها لا يعني سوى رد أقوى منها لن يستطيع الشعب الدي س’تضرب من أراضية تحملها.. وست’عطي شرعية لمن لا شرعية له.
لن ادخل في تفاصيل الوضع العربي البائس لكل دولة فهو معروف للجميع.. ولن ألوم أي من الحكومات العربية في نأيها أو تخليها عن الإنسان الفلسطيني لأن الطبيعة البشرية تحتم على الجميع تأمين حقوق الأقربون.. أي شعوبها ومواطنيها أولآ.. إضافة إلى ان الضائقة الإقتصادية التي تمر بها ستحجم من مشاركتها إلى مشاركة وجدانية وتعاطف. بينما لن ’تحرك الأخرى ساكنا ليس لأنها متواطئة كما يدعي البعض بل لأن حسابات المصالح السياسية تطغى على كل شيء. فالإنقسام الفلسطيني وتعثر المصالحة وإنعدام مسار إسترايجي موحد بين الفلسطينيين أنفسهم لحل واضح ومقبول من كل أطراف القيادات الفلسطينية وضع الإنسان الفلسطيني وليس قياداته في مهب الريح...
تصريح ترامب الأخير بنقل السفارة الأميركية إلى القدس من رئيس مزاجي بدون ’عمق وبدون دراسة ولا بصيرة بعواقب مثل هده التصريحات.. إعلان شعبوي لا يخدم أي من الشعبين ولم يهدف منه سوى خدمة قاعدته السياسية وصرف الأنظار عن فضيحته في التدخل الروسي في الإنتخابات التي ادت إلى وصوله إلى البيت الأبيض.. ولكنه لم يكن إلا تأكيدا جديدا بعدم نزاهة الوسيط الأميكري في عملية تسوية متعثرة لسنوات دفنها بتصريحه الأخير..
وعليه مادا بقي للفلسطيني من خيارات؟؟؟ وهل أبقت إسرائيل بعد توسعها الإستيطاني ال 22% المحددة في قرار 242؟؟؟ هل هناك ترابط جغرافي فيما بقي من الأرض الفلسطينية التي اصبحت لا تزيد عن 11% يحمي الحق الفلسطيني في دولة متكاملة الأرض؟؟ وفي خططها في التوسع الإستيطاني في القدس هل أبقت مجالا لتكون عاصمة للدولتين؟؟؟
من هنا تنطلق الخيارات الفلسطينية بعد التأمل في الوضع العربي.. والإقليمي.. ثم الدولي.. وعلية تبني إستراتيجيتها الجديدة بدون أي تبني للعنف أو التهديد به..
الوضع العربي.. وشرحته أعلاه.. ولكن هدا الوضع لا يجب ان يقف عائقا أمام توحيد الجهود العربية في إحياء المبادرة السعودية والعمل على التمسك بها.. حفظا لماء الوجه العربي!! مع الإبقاء على الخيارات الأخرى.. ولكن بدون خيار المقاومة العسكرية!!!
الوضع الإقليمي.. هل التصريح سيؤدي إلى رأب الصدع العميق بين السنة في تركيا والشيعة في إيران لنصرة الإنسان الفلسطيني.. وكيف..؟؟؟؟ وبأي وسيلة؟؟؟ نعلم بأن إيران ستمدة بالسلاح كما عملت سابقا.. فهل نريد قتل الفلسطيني مرة أخرى؟؟ أما تركيا فتعمل على تحويل مسارها إلى دولة دينية وعليه فقدت مصداقيتها الدولية؟؟؟ تحويل الصراع إلى صراع ديني أو عرقي سيؤكد المقولات الإسرائيلية التي إستثمرت فيها سابقا.. ولن يخدم الحقوق الإنسانية للفلسطيني.
الوضع الدولي.. تصريح ترامب نسف أي وجود للشرعية الدولية الممثله في قرارات الأمم المتحدة العديدة.. إضافة إلى أنه سقط كوسيط نزيه لأي عملية تفاوض.. وعلية لم يبقى للفلسطينيين سوى العودة إلى الرباعية الأوروبية التي رفضت القرار وأكدت على الحقوق الفلسطينية.. والإستثمار في تعاطف الرأي العام الأوروبي وعدم التهديد من قبل الجاليات بأي أعمال عنف تتهدد المصالح حتى الأميركية فيها؟؟ والعمل مع المنظمات اليهودية التي تعترف بالحقوق الفلسطينية وإعلاء صوتها وصوتنا معا للسلام وإنهاء الصراع.
ولكن يبقى الوضع الداخلي الفلسطيني هو المعضلة التي إما ستقوض كل الجهود وإما ستدفع بإتجاه حل مناسب يستند إلى الحقوق الشرعية والإنسانية للإنسان الفلسطيني.. أتمى بدؤها.. بالإعتراف بإنتهاء صلاحية سلطة القيادة الفلسطينية الموجودة (فتح وحماس).. وتكوين قيادة شابه جديدة تصر على الصمود على الأرض ومستعدة للإعتماد على النفس بخطة تقشف إقتصادي تتقدم بمبادرة للرباعية الأوروبية واضحة بلا غموض ولا لبس ولا تهديد بالعنف تستند على الحقوق الإنسانية الشرعية.. وإعطاء الخيار لإسرائيل في القبول إما بتحمل مسؤوليتها كدولة ’محتلة.. وإما دولة واحدة ثنائية القومية تتبع إستراتيجية جنوب أفريقيا في النضال الدي توجه فقط لضرب المصالح الإقتصادية للرجل الأبيض.وأجبر العالم على حصار إقتصادي لجنوب أفريقيا بعدم شراء أي من سلعها سواء على مستوى الدول أو الأفراد الدين قاطعوها طوعا وطواعية تماما كما يحدث حاليا في الدول الأوروبية تجاه البضائع الإسرائيلية.. وإما وضع الأراضي الفلسطينية تحت الوصاية الدولية؟
كنت من أشد المدافعين عن قرار 242.. ولكن إسرائيل حددت الطريق والمستقبل بتلاعبها بالقضية. بسياستها التوسعية الإستيطانية.. بعنصريتها الممثلة في جدار الفصل العنصري.. في سرقتها للمياة الإرتوازية من الأرض الفلسطينية وتعطيش الطفل الفلسطني بينما يتمتع اخوه اليهودي ببركة سباحة؟؟ ولكن كل ما سبق لن ادعه ’يدخل الكراهية إلى قلبي.. وسأدافع عن حق الإنسان مهما كان.. وعلى رأسها حق الطفل الفلسطيني في الحياة الكريمة ومستقبل أمن وسلام مماثل للطفل اليهودي..
القدس مهد الديانات الإبراهيمية الثلاث وأؤمن بأن حكمة الله تعالى من وجودها مجتمعة في بقعة صغيرة واحدة لتأكيد الحق في العقيدة والتنوع والإختلاف. وتاكيد أن إنسانيتنا المشتركة هي طريق التعايش الوحيد.. الصمود والتعليم.. هو الطريق لإثبات حق الإنسان الفلسطيني الموجود على الأرض سواء رضيت إسرائيل أم لم ترضَ.
- آخر تحديث :
التعليقات