بدأ أفق العملية السياسية يبلور أزمة جديدة بين الكتل والاحزاب المشتركة في البرلمان ، سببه الخلاف حول القانون الإنتخابي ( سانت ليغو 1,9 ) المزمع تشريعه للدورة الانتخابية لمجالس المحافظات المقبلة ٢٠١٨، الكتل الكبيرة المتطلعة للإستمرار في التمثيل وكسب أكبر عدد من المقاعد صوتت لتمرير القانون بفارق صوت واحد (117مقابل116)، بينما الاحزاب التي تطالب بخفض المعدل تريد مشاركة أكبرعدد من القوائم والكتل الصغيرة ، لكي تنتهي هيمنة القوائم الكبيرة ذات التمثيل أو الإستقطاب الطائفي الذي سيبقي على منهجية المحاصصة سيئة الصيت .
الإنقسام المتقارب داخل البرلمان العراقي يمثل تمرينا جديدا في العملية الديمقراطية وصراع الأحزاب ورهاناتها مع بعضها، كما يكشف عن تشبث البعض بذات القناعات في الهيمنة واستمرار الكتل الكبيرة التي تريداحتكار السلطة من خلال وفرة المقاعد التي ستضاف لها، والمأخوذة عبر هذا النظام الانتخابي من اصوات القوائم الصغيرة التيستذهب مجانا للقوائم الكبيرة .
التعليل الذي تقدمه القوائم الكبيرة يورد أهمية ان تتسابق قائمتان أو ثلاث بدلاً عن تعدد القوائم داخل مجالس المحافظات، يكون من اليسير الإتفاق بينها، لكن بوجود قوائم صغيرة متعددة يكون من الصعوبة اتفاقها، ناهيك عن تنافسها في الحصول على المراكز الإدارية المهمة في المحافظة، بمعنى آخر، مجلس بقوائم قليلة سيعطي تماسكا ً وسرعة إنجاز، والعكس سيجعلها مجالس مفككة متناحرة كما حدث في الدورة الأخيرة.
رأي ثالث يذهب بالدعوة لان تأتلف القوائم والاحزاب الصغيرة المدنية واليسارية والليبرالية وتدخل الإنتخابات بكتلة موحدة، وبهذا يمكن ان تحصل على تمثيل داخل مجلس المحافظة ، وأن لاتشتت اصوات جمهورها في قوائم صغيرة لاتستطيع ان تحقق النسبة المطلوبة .
أهم افرازات هذه الأزمة هي تشبث جمهور واسع من العراقيين بأهمية انتهاء احتكار القوائم الكبيرة، والبحث عن دماء واصوات جديدة عسى ان تنهض بمهام تنفع الشعب العراقي الذي عانى من مجالس فاسدة، تنهمك في الحصول على المال والصفقات لها ولأتباعها، ولم تقدم الخدمات النافعة لأبناء الشعب الذي صار يعاني من تفاقم الأزمات والبطالة وانعدام فرص الأمل، يقابلها ثراء غير شرعي وإمتيازات غير مسبوقة لأعضاء مجالس تدفعها الأحزاب لتنفيذ مآربها ولاتمثل طموحات وآمال القطاعات العريضة منالناس .
المعطى الآخر ان العملية السياسية في العراق تكاد تقترب تماما من مفهوم (الدكتوقراطية ) أي احتكار دكتاتوري عن طريق الإنتخابات، لأحزاب تملك السلطة والمال سواء في مجالس المحافظات أم في البرلمان، هذ هالأحزاب تعمل على إدامة سلطاتها وبقائها بالقانون الانتخابي المناسب وقوة المال السياسي، ولن تتردد عن انتهاج أية وسيلةأ خرى (غير ديمقراطية ) للبقاء في السلطة .
المبرز الدلالي الأخير لهذه الأزمة، زيف وسقوط شعارات التغيير والإصلاح ومكافحة الفساد الذي تنادي به العديد من القوائم والأحزاب المهيمنة والكبيرة وحديثها عن المدنية والعدالة الإجتماعية، وهاقد تجلت حقيقتها بالمعارضة الشديدة لأية معادلة انتخابية تنصف الجمهور المتطلع للتغيير والإصلاح وتبعد مشاركته بالسلطة السياسية .
التعليقات