نعمة الباقر من الخرطوم: قالت الولايات المتحدةإنها "مستاءة تماما" من تقاعس السودان عن التصدي للميليشيات العربية في دارفور بينما اتهمت الخرطوم واشنطن بافساد محادثات السلام التي يحاول الاتحاد الافريقي الآن احياءها. وتقول الامم المتحدة إن المعارك بين ميليشيات الجنجويد العربية والمتمردين المنحدرين من أصول أفريقية في دارفور بغرب السودان أودت بحياة نحو 30 ألفا وتسببت في اسوأ أزمة انسانية في العالم إذ اجبرت مليون نسمة على ترك ديارهم.

وتتهم الولايات المتحدة حكومة السودان بمساندة الجنجويد في حملة تطهير عرقي شهدت عمليات حرق ونهب للقرى وكذلك قتل واغتصاب. وقال كولن باول وزير الخارجية الأميركي إنه ابلغ القادة السودانيين يوم الاحد بمخاوف أميركا بشأن دارفور. وقال باول للصحفيين "أنا والرئيس (الأميركي جورج بوش) والمجتمع الدولي لانزال مستاءين تماما من الوضع الأمني." وتابع "مازالت حوادث اغتصاب تقع. والناس لا يشعرون بأنهم آمنون إذا خرجوا من المخيمات للبحث عن الغذاء. ومازال الوضع خطيرا للغاية ولا بد في المقام الأول معالجة مشكلة الأمن."

وتشير تصريحات باول إلى احتمال أن واشنطن ربما تقترب من السعي حثيثا إلى إجراء تصويت على مشروع قرار بمجلس الامن التابع للامم المتحدة سيفرض حظرا فوريا على السفر والسلاح للميليشيات ويهدد بتوسيع العقوبات لتشمل الحكومة السودانية.

ويقول السودان إن الضغوط الأميركية شجعت متمردي دارفور أن يتمسكوا بمطالبهم بنزع أسلحة الجنجويد قبل إجراء حوار كامل وعلى ترك المحادثات التي يدعمها الاتحاد الافريقي في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا يوم السبت. وقال مصطفي عثمان اسماعيل وزير الخارجية السوداني للصحفيين "المحاولات التي تجري حاليا في مجلس الأمن وأماكن اخرى تبعث باشارة سلبية وكانت من عوامل فشل المحادثات السياسية في اديس ابابا." واضاف "اخبرت ...كولن باول في اتصال هاتفي اجريناه اليوم ان هذه الاشارات تمخض عنها مجئ الجانب الآخر الى اديس ابابا غير متحمسين بشأن التوصل إلى اتفاق منتظرين أن يروا ما حدث للحكومة في مجلس الامن أو أماكن أخرى لذا فان عواقب هذا الضغط كانت سلبية في النهاية." .

السودان: خطط لإعادة لاجئي دارفور
وتخطط السلطات السودانية لإعادة مدنيي دارفور المشردين من المخيمات التي لجأوا إليها إلى قراهم. غير أن الكثيرين من اللاجئين يحجمون عن العودة إلى ديارهم خشية تعرضهم للقتل من جانب الميليشيات العربية، فيما تصر الحكومة على أن أحدا لن يجبر على مغادرة المخيمات. وفي تلك الأثناء شككت الحكومة السودانية في صحة الوثائق التي لدى مجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان، التي يزعم أنها تدلل على دعم الخرطوم للميليشيات. وتتهم ميليشيات الجنجويد بقتل الآلاف واللجوء إلى عمليات الاغتصاب الجماعي ضد المجموعات غير العربية. وتقول مجموعة هيومان رايتس ووتش التي تتخذ من نيويورك مقرا لها إن لديها وثائق تظهر أن مسؤولين بالحكومة السودانية أداروا عمليات تجنيد وتسليح ودعم الجنجويد.

ومن بين الوثائق المزعومة وثيقة من نائب وزير الداخلية تطلب تجنيد "فرسان" في إشارة إلى الميليشيات. ويقول كينيث روث مدير المجموعة إن الوثائق تظهر أن الحكومة السودانية كذبت على وزير الخارجية الأميركي كولين باول والأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان حينما نفت تجنيد وتسليح تلك الميليشيات. غير أن وزير الخارجية السوداني مصطفى إسماعيل قال لبي بي سي إن الوثائق "غير صحيحة بنسبة 90%".

الخوف من المغادرة
وتقول حكومة السودان أن أكثر من مليون نسمة بمخيمات دارفور يلزم إعادتهم إلى قراهم لمواصلة حياتهم المعتادة. ويقول المشردون في مخيمات عدة إن مسؤولي الحكومة أعلنوا خططهم نقلهم عبر مكبرات الصوت. ويضيف الكثير من المشردين إنهم يخشون من إجبارهم على ترك الأماكن التي لجأوا إليها للاحتماء، خاصة مع نقل أعداد كبيرة من قوات الشرطة إلى المخيمات. ولكن الحكومة تقول إن الشرطة هناك لحماية اللاجئين وإنها لن تجبر أحدا على العودة.

وقال وزير الداخلية السوداني عبد الرحيم محمد حسين "ستكون هناك عمليات إعادة اختيارية إلى قراهم وفي الوقت الحالي يعود في الواقع الآلاف إلى قراهم". وأضاف "إن هذا يحدث فعلا، في شمال دارفور، وغرب دارفور، يحدث الآن". وتقول هيلاري آندرسون مراسلة بي بي سي في دارفور إنه في العديد من بقاع المنطقة مازال المدنيون يتدفقون إلى المخيمات، وليس منها.

وتقول إن المخيمات قذرة ومكتظة باللاجئين، مع عدم توافر الإيواء المناسب وانتشار الأمراض، وحفر مقابر جديدة كل يوم لدفن الذين يلقون حتفهم نتيجة الجوع. وتحذر وكالات الإغاثة من إمكان أن يموت آلاف آخرون من الجوع والأمراض على مدار الأشهر المقبلة. وكان مجموعة من الهيئات الخيرية البريطانية، تحت اسم "اللجنة الطارئة للكوارث"، قد أطلقت مناشدة عاجلة لإغاثة شعب السودان.