حسب مراقبين أردنيين تحدثوا لـ"إيلاف"
كلام عمان النافي لخطر نووي إسرائيلي غير مقنع

نصر المجالي من لندن: استهجنت مصادر أردنية عديدة اليوم رد الفعل السلبي الذي جاء على لسان وزيرة الدولة، الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية أسمى خضر الذي ينفي وجود أي خطر نووي على الأردن من جراء مفاعل ديمونة الإسرائيلي بعد تحذير الفني النووي موردخاي فعنونو في مقابلة نشرتها مجلة (الوسط) شقيقة جريدة (الحياة) اللندنية أمس.

وكانت خضر قالت في تصريح رسمي لم يعجب الكثيرين على الساحة الأردنية بأنه "لا يوجد أي تسرب إشعاعي من مفاعل ديمونه الإسرائيلي باتجاه الأردن"، وتابعت القول في تصريح لصحيفة "الرأي" إن "هيئة الطاقة النووية الأردنية التي صدر قانونها في العام 2001 مهمته بإجراء البحوث ورصد أي تلوث إشعاعي مهما كان مصدره ومستواه، مضيفة أن "جهود الأردن في رصد الإشعاعات تعود لسنوات خلت وكانت مديرية الطاقة النووية في وزارة الطاقة تضطلع بهذه المهمة قبل إصدار القانون السالف الذي نتج عنه هيئة الطاقة النووية".

وقال المعنيون الذين تكلمت معهم "إيلاف" عبر الهاتف اليوم "نريد المزيد من التفاصيل بالأرقام والإحصائيات عن الكارثة التي واجهها ويواجهها الأردن منذ سنين عديدة من جراء استمرار الجار الإسرائيلي الغربي في تجاربه وإنجازاته النووية التي تتسرب إشعاعتها نحو الشرق الأردني؟"، وكانت تقارير نشرت في العقدين الماضيين تشير على أن مفاعل ديمونة الإسرائيلي للقوة النووية خرج من الخدمة وأنه لم يتم إصلاحه إلى اللحظة، وأن إشعاعاته تتسريب على دول الجوار وفي مقدمتها الأردن.

وكان هذا المفاعل أقيم في العام 1957 بدعم فرنسي بدعم من عراب السياسة الإسرائيلية والمخضرم شمعون بيريز زعيم حزب العمل حاليا في محاولة منه لإقامة سلاح ردع إسرائيلي للدول العربية المجاورة التي كانت تهدف إلى القضاء على الكيان العبري بقيادة من مصر التي كان يقودها في عقود المد القومي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.


وفي تصريحها، الذي لم يقنع كثيرين ممن اتصلت بهم "إيلاف" من لندن إلى عمان، قالت الوزيرة خضر "وهي في الأساس محسوبة على التيار المعارض طوال تاريخها السياسي" إن "هيئة الطاقة النووية الأردنية تقوم بعملية رصد مستمرة وعلى مدار الساعة وحتى الآن لم تسجل أي قراءة غير طبيعية في هذا السياق تدل على وجود تسرب إشعاعي باتجاه المناطق المحاذية لإسرائيل".

وبينت الوزيرة أن "لدينا ثلاث محطات رئيسية للقياس الدائم ورصد أي إشعاع في الهواء ، الأولى توجد في منطقة القادسية في الطفيلة والثانية في منطقة قفقفا في إربد والثالثة في منطقة الكرامة على الحدود العراقية، إضافة إلى عشرة مواقع تعطي إشارة إنذار مبكر لدى وجود أي إشعاع صناعي زائد عن المعدل الطبيعي".

وكان التقني النووي الإسرائيلي فعنونو أجاب على سؤال لمجلة (الوسط) حول ما إذا كان يعني أن الخطر على سكان المناطق الأردنية المعرضة لهذه الإشعاعات هو أكبر من الخطر على سكان النقب في جنوب إسرائيل؟، وقال " هذا مؤكد، والحاجة تتطلب اليوم من الأردن إجراء أبحاث ودراسات لسكان المنطقة المجاورة للحدود الإسرائيلية وأنا متأكد بأن الأردن سيضطر لتوزيع دواء على الأردنيين كما حصل للإسرائيليين في النقب. وهذا يعني أن هناك حاجة إلى تحرك شرق أوسطي ودولي لإنقاذ الوضع".

لكن لاحظ المراقبون الذين اتصلت معهم "إيلاف" أن الناطق الرسمي أمسى خضر حاولت التخفيف من أزمة صحية هي في الأساس قائمة على الساحة الأردنية بقولها، إذ حين سألتها جريدة "الرأي"، حول لماذا تقوم إسرائيل بتوزيع أدوية على مواطنيها لحمايتهم من آثار مفاعل ديمونه ونحن في الأردن لا نفعل ذلك ؟، أجابت "هذه إجراءات وقائية تتبعها إسرائيل ، وما توزعه هي حبوب تحتوي على مادة "اليود» الذي نضيفه نحن إلى ملح الطعام".

يذكر أن الأردن، من أكثر بلدان منطقة الشرق الوسط التي تعاني من داء السرطان، لكن الناطق الرسمي باسم الحكومة أسمى خضر، من دون أية إحصائية رسمية لديها، أجابت على سؤال الصحيفة شبة الرسمية (الرأي) بالقول مشددة " أن معدل الإصابة بالسرطان في الأردن هو ضمن المعدل الطبيعي ولا يوجد ما نخفيه من معلومات ، وبينت أن أي تسرب ينشأ عادة عن واحدة من ثلاث حالات الأولى : أن يحدث تفجير نووي ، والثانية : أن يحدث تسرب ناشئ عن تصدع ، والثالثة : أن تقع حادثة نووية مثل حادثة «تشرنوبيل».

وسألتها صحيفة (الرأي) حول ما قاله التقني النووي الاسرائيلي مردخاي فعنونو من إن «مداخن المفاعل لا تعمل إلا عندما تكون الرياح باتجاه الأردن»، فأجابت : "يفترض أن تكون المداخن مفلترة سواء أكانت تعمل باتجاه الأردن أو غيره وذلك لحماية البيئة من أي تسرب ، ومن ناحية منطقية فإن التسرب الذي سيؤثر على الأردنيين سيؤثر بلا شك على الإسرائيليين، أنه "من الواجب والضروري أن يتم التأكد باستمرار من عدم وجود تسرب إشعاعي واتخاذ كافة الإجراءات للحيلولة دون حدوث أي شيء من هذا القبيل".

وأخيرا، جاءت تصريحات الناطق الرسمي الأردني أسمى خضر بعد نشر تفاصيل مقابلة مجلة (الوسط) اللندنية مع فعنونو، لكن الأوساط الأردنية التي تحدثت معها "إيلاف" تطالب الحكومة بالشروع بالاتصال مع الجهات الإسرائيلية ومع وكالة الطاقة الذرية الدولية للوقوف على مثل هذه التحذيرات، وخصوصا أنها تهم نسبة كبيرة من غالبية الشعب الأردني في مناطق الجنوب المحاذي لصحراء النقب حيث يقام مفاعل ديمونة النووي، وفي العقدين الأخيرين سجلت حالات إصابات بالسرطان في تلك المناطق الجنوبية من المملكة الهاشمية.