"إيلاف" من لندن: لاحظ مراقبون متابعون للحركة الكويتية سياسيا واقتصاديا، أن هذا البلد الخليجي البترولي على كتف الخليج الشمالي يتحرك في كل الاتجاهات غربا وشرقا لتحقيق وضع استراتيجي على قاعدة اقتصادية أولا ومن ثم علاقات سياسية وتكاملية مع دول كثيرة من العالم.

ومن بعد أن وقعت دولة الكويت اتفاقية التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، ومن ثم مع حلف شمال الأطلسي، فإن مراقبين تابعوا مسيرتها نحو دول آسيا، وفي مقدمها الصين واليابان وهونغ كونغ وكوريا الجنويية، وذلك عبر جولة هي الأولى من نوعها لزعيم كويتي لتلك الدول التي تتقدم سريعا في مجال الإنجازات الاقتصادية والتقنية المتقدمة.

فرئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الأحمد الجابر الأحمد الصباح اخذ على عاتقه عناء الترحال حتى ولو "إلى الصين وما تجازوها من أجل الكويت وبقائها".

وقالت مصادر قريبة من القرار الكويتي أنه "لا يمكن للشيخ صباح وهو عميد الكويت وحكيمها في المرحلة الراهنة من أن يذهب في رحلة طويلة نحو دول آسيا لولا أنه مطمئن إلى أن البلاد تعيش بعافية أمنية وديموقراطية حيث تحكمها مؤسسات منتخبة وتقاليد وأعراف لا يمكن لأي كويتي أن يحيد عنها، فالجميع كويتيون من القمة إلى القاعدة".

وجال الشيخ صباح الأحمد الذي عهد إليه رئاسة مجلس الوزراء في صيف العام الماضي برئاسة الوزراء بدا جولة منذ الأسبوع الماضي لعدد من دول آسيا الشرقية، مستهلا ذلك بزيارة القوة العظمى الثالثة وهي الصين ثم من بعد ذلك اليابان، وهي قلعة التقنية العالمية راهنا رغم منافسة السوق الأميركية، وأخيرا وصل صباح الأحمد الى كوريا الجنوبية التي رغم مشاكلها السياسية في الداخل تحاول أن تقدم مهمة نحو الانفتاح والتطور التقني ومعالجة المشاكل الاقتصادية بسهولة، مقدمة مثالا للآخرين من بلدان العالم الثالث.

وفي محطته الكورية، و من بعد لقاء مع لرئيس الكوري الجنوبي الرئيس رو مو هيون في البيت الأزرق بالعاصمة سيئول، و من بعد مباحثات رسمية تم خلالها توقيع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين البلدين، اكد الشيخ صباح الأحمد في لقاء اقتصادي "أننا في دولة الكويت في إطار استراتيجية تنموية شاملة وطامحة قد بدأنا اتخاذ خطوات عملية تهدف الى توسيع قاعدتنا الإنتاجية وتنويع مصادر دخلنا القومي وعدم الاعتماد كلية على النفط كمصدر للإنتاج والدخل".

وقال رئيس الوزراء الكويتي أن الحكومة اتخذت حزمة قرارات بغية تطوير وتأهيل إنشاءات البنية التحتية في البلاد لتكون قادرة على استيعاب التوسيع المرتقب في تلك المجالات، كما أشار إلى بدء في تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مختلف القطاعات الحيوية.

وانه لهذه الغاية قد بدأنا بتوفير مناخات بيئية استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال الوطنية والأجنبية. داعيا رجال الأعمال الكوريين لزيارة الكويت والاطلاع على جاهزية المناخ الاستثماري لاستقبال رؤوس الأموال الأجنبية في الكويت.

وثمن الشيخ صباح التجربة الكورية الرائدة في مجالات الصناعة والتجارة والاستثمار، وقال "جئنا لنستفيد من هذه التجربة الرائدة ولنبني معا علاقة تعاون وشراكة استراتيجية طويلة المدى تشمل هذه القطاعات الاقتصادية وغيرها من مجالات التعاون الأخرى".


ووقعت الكويت وكوريا الجنوبية أمس اتفاقية ثانية خاصة بحماية وتشجيع الاستثمارات بين البلدين، ومثل الكويت في التوقيع وكيل وزارة الخارجية خالد الجار الله، فيما مثل كوريا الجنوبية نائب وزير الشؤون الخارجية والتجارة يونغ جين شي.

وقال الجار الله لوكالة الأنباء الكويتية اثر التوقيع أن الاتفاقية «ستفتح الأبواب أمام التعاون والاستثمارات بين البلدين وفي كل من الكويت وكوريا الجنوبية».

من جهته، أكد وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح في سيئول عن تقدير الكويت لالتزام كوريا الجنوبية بأمن واستقرار المنطقة عبر دعم استقرار وإعادة بناء العراق، وأشاد الشيخ محمد بثبات موقف كوريا الجنوبية في ضمان الاستقرار في المنطقة بالرغم مما أصاب أحد مواطنيها من أعمال إرهابية في العراق.

وأوضح وزير الخارجية الكوري كيم مون أن محادثاته مع الشيخ محمد تطرقت كذلك إلى الوضع في العراق، مشيرا إلى أن «البلدين اتفقا على ان على المجتمع الدولي أن يقف بحزم ضد الإرهاب الدولي وان يعمل كل ما بوسعه لإزالة الإعمال الإرهابية المروعة». وأكد أن "القوات الكورية في العراق هناك لتساعد الشعب العراقي ولتعمل على اعادة تأهيل الاقتصاد الذي دمرته الحرب".

وقال إن "الكويت وكوريا لديهما علاقات جيدة للغاية في المجالين السياسي والاقتصادي، وتحث الحكومة الكورية التجار المحليين على الاستثمار في الكويت، كما أن الحكومة الكويتية أبدت استعداد العديد من رجال الأعمال الكويتيين للاستثمار في كوريا الجنوبية".

وكان وزير الطاقة الشيخ احمد الفهد الصباح صرح بان الكويت تبحث زيادة إمداداتها النفطية إلى كوريا الجنوبية، رابع اكبر مستورد للنفط في العالم، كما أنها تتطلع لجذب مزيد من الاستثمارات من الشركات الكورية الجنوبية وإننا نبحث مع كوريا زيادة صادرات النفط الخام من الكويت لكوريا".

وصدرت الكويت 66 مليون برميل من النفط الخام إلى كوريا الجنوبية العام الماضي، تمثل ثمانية في المائة من واردات النفط الكورية، ما يجعل الكويت ثالث اكبر مورد للنفط إلى سيئول بعد السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقال الوزير في مطلع الأسبوع أن الكويت تجري محادثات مع شركة صينية لزيادة مبيعات النفط الى الصين ثاني اكبر مستهلك للنفط في العالم.

كما نقل مسؤول تجاري ياباني يوم الاثنين الماضي عن الشيخ احمد قوله أن الكويت ترغب في زيادة إمدادات النفط إلى اليابان، وردا على سؤال إذا كانت الكويت ستستثمر في شركة «اس أو كيه» قال وزير الطاقة "سنبحث عن اي فرص جيدة للاستثمار بين الكويت وكوريا سواء مع اس, كيه او أي شركات اخرى"، وتملك «إس، كيه كورب» أكبر مصفاة نفط في آسيا، وتبلغ طاقتها القصوى 880 ألف برميل يومياً.


وقال الشيخ أحمد الذي كان وزيرا للإعلام في الكويت وحاز قبل يومين على درجة الدكتوراة الفخرية من جامعة يابانية لجهوده في التعاون العربي الآسيوي أن الكويت لديها طاقة فائضة لإنتاج النفط تبلغ نحو 100 ألف برميل يوميا يمكن أن تستخدمها في تهدئة اسعار النفط الجامحة.

وختاما، قال الشيخ أحمد الفهد أن "أوبك" ستمضي قدما في زيادة سقف الإنتاج الرسمي بواقع 500 ألف برميل يوميا اعتبارا من أول أغسطس المقبل وسيبحث الوزراء، أي زيادة أخرى في الإنتاج عندما يجتمعون في 21 يوليو الجاري لمراجعة سياسة الإنتاج.