بن علي مريض يعاني سرطان البروستاتا
حركة 18 أكتوبر التونسية .. الانقلاب على العرّاب

زين العابدين بن علي يقترع للاستفتاء على الدستور مع زوجته
نصر المجالي من لندن: يواجه حكم الرئيس التونسي زين العابدين بن علي أقسى امتحان له منذ حركة التحول في نوفمبر 1987 التي أطاحت بحكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وتشهد تونس حراكا سياسيا تزامن مع أمرين مهمين أولهما مرض الرئيس بن علي الذي يعاني منذ سنوات أربع من سرطان البروستاتا ويخضع لعلاج كثيف، ومن ثم الرفض الشعبي للمؤتمر العالمي لمؤتمر تكنولوجيا المعلومات الذي تشارك فيه إسرائيل من خلال وزير خارجيتها سيلفان شالوم (التونسي الأصل) .

وفجر إضراب قيادات سياسية معارضة عن الطعام في اليومين الأخيرين قنبلة سياسية في وجه حكم الرئيس زين العابدين بن علي الذي يحكم البلاد منذ انقلابه على العرّاب السياسي الكبير الراحل الحبيب بورقيبة ليصبح هو العرّاب الحقيقي للحال السياسي في تونس وتوجهاتها المستقبلية في ظل قوانين طوارئ قاسية وسجون مفتوحة للمعارضين كافة سواء كانوا إسلاميين أو قوميين.

والمعلومات الواردة من تونس تشير إلى تشكيل هيئة وطنية لمساندة المضربين عن الطعام،ودعم مطالبهم، وهي تتكون من شخصيات وطنية سياسية وحقوقية ونقابية، من مختلف الاتجاهات اليسارية والقومية والإسلامية والليبرالية. وقالت منسقة الهيئة الجامعية سناء بن عاشور لـ "قدس برس" إن الهيئة أعدت برنامجا ثريا للتحرك في الأسابيع القادمة، سيشمل مختلف مناطق البلاد، لمزيد الضغط على الحكومة، ومآزرة المضربين في تحركهم.

وأضافت أن حركة 18 تشرين أول (أكتوبر) كما أصبح يسميها الملاحظون، بدأت تتحول شيئا فشيئا من إضراب خاص بثلّة من السياسيين والحقوقيين، إلى حركة وطنية شاملة، حوت كل الحساسيات السياسية، مهما كان اختلافها المنهجي والثقافي، وكل الجمعيات المدنية والحقوقية بالخصوص.

وحسب التقارير فإنه من اللافت للانتباه انخراط عدد من الأحزاب والجمعيات، التي لم تشارك في الإضراب منذ أيامه الأولى، بأشكال متعددة، فحركة التجديد عبرت عن مساندتها للمضربين، وأرسلت الدكتور جنيدي عبد الجواد، عضو مكتبها السياسي، لتمثيلها في الهيئة الوطنية للمساندة، كما عبر التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات عن دعم مطالب المضربين، وأرسل الدكتور خليل الزاوية، لتمثيله في هيئة المساندة.

ونحت هيئات وطنية أخرى نفس المنحى التضامني، منخرطة في المطالبة بإطلاق الحريات. وعبرت الهيئة الوطنية للمحامين، وجمعية النساء الديمقراطيات، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمجلس الوطني للحريات، عن مساندتها المطلقة لهذا التحرك. كما أصدرت حركة النهضة الإسلامية بيانا مساندا للتحرك، ويشارك عدد من رموزها ومنهم القيادي زياد الدولاتلي، والمحامي نور الدين البحيري في الهيئة الوطنية للمساندة.

وكان الناطق الرسمي السابق باسم الحركة المهندس علي العريض زار في الأسبوع الماضي، المضربين، معبرا عن مساندة الإسلاميين المطلقة لهم، ومساندة عائلات مساجينهم الذين يقدرون بـ 500 سجين سياسي، لهذا التحرك، وانخراطهم فيه. في حين عبر وفد من حزب العمل الوطني الديمقراطي اليساري عن مساندة التحرك، ويشارك كاتبه العام المحامي محمد جمور في هيئة المساندة الوطنية.

وإليه، فإنه حسب تقرير لـ (العربية نت) فإن مصادر طبية تونسية قالت إن الحالة الصحية للمضرب عن الطعام عبد الرؤوف العيادي نائب رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، مازالت "تبعث على الكثير من الانشغال "ذلك أن"عدد نبضات قلبه مازال بعيدا عن العدد الطبيعي المفترض للإنسان العادي".

وكانت أزمة قلبية حادة ألمت بشكل مفاجئ مساء أمس بالعيادي أحد الشخصيات التونسية المعارضة المضربة عن الطعام منذ الثلاثاء 18 أكتوبر(تشرين الأول) بمقر الإضراب الجماعي بمكتب المحامي التونسي العياشي الهمامي، فتم نقله على جناح السرعة إلى أحد مستشفيات العاصمة التونسية، حيث أخضعه الأطباء إلى العناية المركزة لإنقاذ حياته.

وقبل العيادي بدقائق كان مساندو الإضراب نقلوا المضرب محمد النوري رئيس جمعية المساجين السياسيين إلى نفس المستشفى بعد أن باغته انخفاض بالغ في نسبة السكر حسب تفسير الأطباء، وقد تم إسعافه في الحال ثم وقعت إعادته إلى مقر الإضراب حيث رفض الانقطاع عنه رغم تحذيرات الأطباء، ورغم أنه متقدم نسبيا في السن ويعاني من مرض مزمن هو ارتفاع ضغط الدم.

وهذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها توعك بهذه الدرجة على صحة أحد المضربين الثمانية فيضطر إلى مغادرة مقر الإضراب إلى المستشفى. وكان المضربون الثمانية عن الطعام أعلنوا في مؤتمر صحافي سابق لهم، أنهم لن يتراجعوا عن إضرابهم إلا بـ"قرار سياسي وليس بقرار طبي حتى ولو ساءت حالتهم الصحية" وقدموا مطالب ثلاث لقطع الإضراب هي "إطلاق حرية الإعلام" و"السماح بنشاط الأحزاب والجمعيات المحظورة" و"الإفراج عن سجناء الرأي".

دعم دولي

ومازالت حركة إضراب الشخصيات الثمان عن الطعام والتي صارت تعرف في تونس بـ"حركة الثامن عشر من أكتوبر (تشرين الأول) ، تلقى مساندات وافرة من المنظمات والأطراف الدولية، وفي خطوة وصفها الملاحظون بـ"المميزة" في المغرب بادرت مجموعة كبيرة من التنظيمات السياسية والنقابية والحقوقية والنسائية والشبابية المغربية يوم الجمعة 28 أكتوبر/ تشرين الأول إلى تأسيس ائتلاف كبير أطلقوا عليه اسم "التنسيقية المغربية لمساندة الديمقراطيين التونسيين" وذلك اثر اجتماع وصف بـ"الحاشد" احتضنته النقابة المغربية للصحافة بالرباط وضم عديد الشخصيات الحقوقية والسياسية المغربية المعروفة.

وفي بيان وقعه المجتمعون أعلنت "التنسيقية" عن تنظيمها لـ"تجمع احتجاجي على السلطات التونسية" يشارك فيه ممثلو الأحزاب والمنظمات المغربية اليوم الثلاثاء الأول من نوفمبر ( تشرين الثاني) أمام مقر سفارة تونس بالرباط على الساعة الثالثة والنصف ظهرا بالتوقيت المحلي. ومن ناحية أخرى وجهت المنظمات والأحزاب المغربية رسالة إلى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي طالبوه فيها بما وصفوه بـ"احترام حقوق الإنسان ومقتضيات دولة الحق والقانون بالقطر التونسي الشقيق" وبـ"فتح حوار مع المضربين عن الطعام والتجاوب مع مطالبهم المشروعة" ودعوه إلى "تفادي مخاطر الإضراب على صحتهم وحياتهم".

ويأتي التجمع "الاحتجاجي" لممثلي الأحزاب والمنظمات المغربية هذا اليوم ، حسب قناة العربية أمام سفارة تونس بالمغرب، بعد أربعة أيام فقط بعد تجمع "احتجاجي" مماثل للتضامن مع الشخصيات الثمانية المضربة عن الطعام، خاضه عدد كبير من أفراد الجالية التونسية والجاليات العربية في بريطانيا يوم الجمعة الماضي أمام مقر رئاسة الوزراء في 10 داونينغ ستريت بلندن، بدعوة من "الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس".

وكان هدف التجمع كما ورد في بيان للحملة هو لفت أنظار العالم وتوني بلير رئيس الوزراء الدوري للاتحاد الأوروبي إلى "الانحدار المريع على جميع المستويات في تونس" بسبب ما وصفه البيان بـ"السياسات القمعية للسلطات التونسية ففضلا عن انحدار واقع الحريات هناك أيضا استشراء لحالة من الفساد المالي ونهب الثروة العامة من طرف دوائر الحكم والقوى المرتبطة بها". وقد وجه المعتصمون أمام مقر رئاسة الوزراء اثر تجمعهم رسالة في الغرض إلى رئيس الوزراء البريطاني.

داخل تونس

وأما داخل تونس فمازالت الساحة السياسية تعرف حالة من السخونة العالية تسجمها حركات المساندة الواسعة لما صار يعرف بـ"حركة الثامن عشر من أكتوبر"، وآخر مظاهر مساندات الحقوقيين والنقابيين والمعارضين التونسيين هو إقدام مئات منهم بما لا يقل عن 16 ولاية تونسية على حركة إضراب جماعي وعام عن الطعام يومي 29 و30 أكتوبر (تشرين الأول)، وقد احتضنت مقرات الأحزاب والمنظمات الحقوقية الناشطين المضربين المساندين لـ"حركة الثامن عشر من أكتوبر"، ومثل مضربو 29 و30 كل من الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب العمال الشيوعي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وحركة التجديد والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمجلس الوطني للحريات ولجنة مناهضة الصهيونية واتحاد طلبة تونس ورابطة الدفاع عن حاملي الشهائد العليا للعاطلين عن العمل.

وترفع في الشوارع التونسية شعارات تطالب بحرية التعبير، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، وحرية الصحافة، وتدعو الجميع للتضامن مع هذه الحركة، التي يعول عليها كثير من السياسيين التونسيين، لتحسين وضع الحريات في البلاد. وبعض هذه الشعارات نحى منحى التحدي مثل الشعار الذي يقول "الجوع ولا الخضوع"، أو "بالروح بالدم نفديك يا حرية". ويتهم المضربون الممثلون لأغلب التوجهات السياسية في البلاد، الحكومة بالتصلب، وتجاهل المطالب الشعبية في الحرية والديمقراطية.

وعلى الرغم من أن مظاهر التعب، التي بدأت تظهر على المضربين، فإنهم يصرّون على مواصلة هذا التحرك، حتى يحقق أهدافه. وقال المحامي أحمد نجيب الشابي زعيم الحزب الديمقراطي التقدمي، أحد أبرز أحزاب المعارضة التونسية، في ندوة صحفية أقامها الضربون، إن الإضراب لن يتوقف إلا بقرار سياسي، مشيدا بالتضامن الواسع الذي لقيه التحرك وطنيا ودوليا. في حين ذهب القاضي مختار اليحياوي إلى القول "نحن متمسكون بمطالبنا، وهدفنا هو حرية الشعب التونسي، وتمتعه بكل الحقوق، التي تتمتع بها بقية شعوب العالم".

طيف سياسي موحد

وعلمت "قدس برس" أن نشطاء وسياسيين في عدد من المناطق الداخلية، بدأوا تحركات ميدانية لمساندة المضربين، والمطالبة بإقرار الحريات. وقد قام عدد من المواطنين بولاية بنزرت (60 كلم شمال العاصمة) بمسيرة صامتة، وسط المدينة، تعبيرا عن احتجاجهم على تدهور وضع الحريات بالبلاد، ومساندة للمضربين، كما قالوا.

وشارك عدد كبير من النشطاء السياسيين والنقابيين في مدينة المنستير (180 كلم جنوب العاصمة) في اجتماع عام حاشد، تحدث فيه الخطباء على ضرورة تحويل تحرك (18 أكتوبر) إلى حركة احتجاج وطنية، ضدّ تصلّب الحكومة. وتكونت لجان جهوية وقطاعية في مختلف مدن البلاد، لمساندة مطالب المضربين. وقام نشطاء الحركة الطلابية في مختلف كليات العاصمة وسوسة وصفاقس وبنزرت وقابس بمظاهرات سياسية وثقافية داخل الحرم الجامعي، تعبيرا عن تبني مطالب المضربين.

ويقول مراقبون إن المطالب الثلاثة، التي رفعها القياديون المضربون، وهي حرية العمل الحزبي والجمعياتي، وحريّة الصحافة، وإنهاء مأساة المساجين السياسيين، تلاقي إجماعا وطنيا من مختلف القوى والتيارات، كما تجد شرعية دولية ودعما من الهيئات الحقوقية العالمية، التي تتابع الشأن التونسي. فمطلب إطلاق سراح السجناء السياسيين على حد قولهم، صار مطلبا شعبيا بعد 15 سنة من سجن آلاف المواطنين، وأغلبهم من الإسلاميين، في ظروف تقول المنظمات الحقوقية إنها مأساوية.

كما إن مطلب حرية الصحافة والإنترنت، يلقى صدى دوليا كبيرا، خاصة وأن تونس تستعد لعقد الجزء الثاني من قمة مجتمع المعلومات بعد أقل من شهر. وكانت الحكومة التونسية قد عمدت إلى منع نقابة الصحفيين التونسيين من عقد مؤتمرها، وهو ما أجج الاحتجاجات في أوساط الإعلاميين على سوء الأوضاع في المؤسسات الصحفية، وتدهور حرية التعبير بالبلاد.

ويقول إعلاميون إن هناك حوالي 15 عنوانا صحفيا ممنوعا من الترخيص والتداول، منذ عشر سنوات، كما إن عشرات مواقع الإنترنت مغلقة، وعشرات الشبان سجنوا بسبب دخولهم لمواقع تقول الحكومة إنها ممنوعة.

أما المطلب الثالث الذي يحتل اهتماما كبيرا، حسب رأي المراقبين، فهو حرية العمل الحزبي والمدني، فمن بين الجمعيات والأحزاب المشاركة في هذا التحرك والممنوعة من النشاط: نقابة الصحفيين التونسيين، ومركز استقلال القضاء والمحاماة، والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، وحزب العمال الشيوعي التونسي، وحركة النهضة، والمجلس الوطني للحريات، وهي هيئات وأحزاب يقول منخرطوها إنهم سلكوا مختلف السبل القانونية للنشاط السلمي، ولكنهم منعوا بطرق مختلفة، وفرضت عليهم قيود، وصلت حدّ السجن.

وتقول أحزاب وجمعيات معترف بها قانونيا إن حرية العمل السياسي مفقودة، وإن الحكومة أغلقت كل فرص الحوار. وينتقد الحزب الديمقراطي التقدمي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، ورابطة حقوق الإنسان، وهي هيئات معترف بها هذه التضييقات، محملين الحكومة "نتائج هذا التدهور والانغلاق السياسي".

وتعتقد سناء بن عاشور أن الحرية باتت مطمحا لكافة أفراد الشعب، "ولأنها الشرط الأول لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية والنهوض الثقافي، والقضاء على الفساد، والتسلط، يلقى هذا الإضراب مساندة وتضامنا، ما انفكا يتوسعان ليشملا فئات وقطاعات وجهات عديدة"، على حد قولها.

ومنذ انطلاق الإضراب عن الطعام سارعت مختلف الشخصيات السياسية، اليسارية والإسلامية والقومية والليبرالية، إلى التعبير عن شرعية التحرك وشرعية المطالب، ومساندتها المطلقة لها، وهي المرة الأولى التي يجتمع فيها الطيف السياسي التونسي، منذ أكثر من عشر سنوات، على مطالب محددة، بدت محرجة جدا للحكومة، أمام رأي عام عالمي، تعوّد منذ سنوات على سماع تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان، وقمع التحركات السياسية والنقابية بالبلاد.

كما أن الرأي العام التونسي بدا الآن أكثر تقبلا لصوت المعارضة الاحتجاجية، بسبب تراجع وضع المعيشة، وتزايد البطالة، وتعدد المحاكمات السياسة، وتكرر مظاهر المنع بالقوة لأنشطة ومؤتمرات تنظمها هيئات المجتمع المدني، وبسبب فقدانه الثقة في خطاب الحكومة، الذي لم يتغير ولم يتجدد، ولم يعد يجد الآذان الصاغية، حسب تعبير بعض المراقبين.

ويعتقد المراقبون أن مجهودات الحكومة لعدّة سنوات في تسويق نموذجها للديمقراطية، المصحوب باستقرار أمني، كما يقول أنصارها، بدت ضعيفة اليوم، بعد اجتماع الطيف السياسي على التنديد بسياساتها، التي تقول المعارضة إنها "كبّلت البلاد، وعطلت التنمية السياسية والاقتصادية".

وجاءت الندوة الصحفية التي عقدها المضربون الثمانية للرد على تصريحات الرئيس التونسي الأخيرة، والتي شكك فيها في وطنية المضربين، لتضع المعارضة الاحتجاجية في موقع قوة، وتضع الحكم في موضع الدفاع والارتباك.

وفي المقابل فإن رد المضربين كان عنيفا هو الآخر، فقد انتقد أحمد نجيب الشابي نبرة التخوين هذه، قائلا "إن المعارضة لم تستدع (رئيس الوزراء الإسرائيلي آرئيل شارون، ولم تقم بمناورات عسكرية مع الولايات المتحدة الأميركية"، في إشارة إلى معارضة الشعب التونسي لخطوة الحكومة في استدعاء شارون للمشاركة في قمة المعلومات، التي تحتضنها تونس، والتي أججت احتجاجات شعبية واسعة، وكذلك إلى معارضة القوى الشعبية لمساع التطبيع مع إسرائيل، التي تقول أحزاب المعارضة إن الحكومة ساعية فيها بجديّة.

وتريد الطبقة السياسية التونسية لهذا التحرك أن يكون بداية لصحوة سياسية، تعدّل ميزان القوى بين الحكم والمعارضة، الذي بقي مختلا منذ العام 1987، بسيطرة كاملة للتجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، على مختلف مناحي الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية في البلاد.

وقالت الهيئة الوطنية لمساندة الإضراب، التي تتكون من حوالي 100 قيادي من المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، إن هذا التحرك وضع حدّا للجمود، الذي كاد يشلّ الحياة العامة، وعامل تسريع لمجريات الأحداث على أكثر من صعيد، مضيفة بأن هذا التحرك هو "الأول من نوعه، في عهد الرئيس الحالي زين العابدين بن علي، مثّل بداية انتزاع للمبادرة السياسية، ودفعت المعارضة ومكونات المجتمع المدني إلى تجاوز عوائق الخصوصية الحزبية والثقافية، إلى الانخراط صفا واحدا دفاعا عن القضايا الوطنية"، على حد قولها.

وإذ ذاك، فإنه غير بعيد عن حركة مساندة الشخصيات الثمانية المضربة عن الطعام، وفي تطور يهم قمة مجتمع المعلومات التي تحتضنها تونس من 16 إلى 18 نوفمبر (تشرين الثاني) ، أعلنت شخصيات عديدة من المعارضة التونسية في المنفى اعتزامها العودة إلى تونس في شكل عودة جماعية يوم القمة والملاحظ أن عديدا من هذه الشخصيات صدرت ضدها أحكام بالسجن في محاكمات غيابية تصفها المعارضة التونسية بـ"غير العادلة". ، و قررت هذه الشخصيات التوجه فور الوصول إلى مقر القمة وذلك بهدف طرح ما يعتبرونه "مظالم ارتكبها في حقهم النظام التونسي الحالي" ، وأعلنت قيادتا نقابتي مدرسي التعليم الثانوي والإعدادي على حد السواء الدخول في إضراب عام عن العمل يوم 10 نوفمبر (تشرين الثاني) أي 6 أيام قبل موعد القمة، وذلك "احتجاجا" على دعوة السلطات التونسية للوزير الإسرائيلي شالوم لزيارة تونس لحضور القمة.