أحمد عبدالعزيز من موسكو: وسط قلق روسي ملحوظ، وبعد يومين فقط من لقاء الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأرميني روبرت كوتشاريان في موسكو اليوم، ستبدأ أرمينيا بتنفيذ خطة الشراكة المنفردة مع حلف شمال الأطلسي، والتي من المقرر انطلاقها بدء من صباح يوم الأحد المقبل 18 كانون أول (ديسمبر) الحالي.
في هذا الصدد قال وزير الخارجية الأرميني فارتان هوسكانيان أنه في حال عدم رفض مجلس الناتو ما قدمته يريفان من بنود في خطة الشراكة المنفردة قبل يوم 18 كانون أول، فإن هذه الوثيقة ستصبح سارية المفعول, أشار إلى أن الخطة التي قدمتها أرمينيا لقيت استحسانا شديدا في لجان الناتو، وأحيلت إلى مجلس الحلف للمصادقة عليها. وأضاف الوزير الأرميني بأن العلاقات بين يريفان والناتو ستغدو، عقب سريان مفعول الاتفاقية، أكثر عمقا، وستتطور ضمن إطار المؤسسات الذي يفترض مشاركة أرمينيا بصورة أنشط في عمليات حفظ السلام التي يجريها الحلف.
من جهة أخرى، وفي ظل التوتر الراهن في العلاقات بين روسيا وأوكرانيا بسبب أن الأخيرة أبدت عزمها على التوجه الاستراتيجي نحو الناتو والاتحاد الأوروبي والابتعاد تدريجيا عن المنظمات الإقليمية في المجال السوفياتي السابق، وخاصة في ما يتعلق بالمجال الاقتصادي الموحد ورابطة الدول المستقلة التي تقودهما روسيا فعليا، جاء لقاء الرئيسين الروسي بوتين والأرميني كوتشاريان اليوم في منتجع سوتشي ليضفي ظلالا قلقة على علاقة البلدين بالرغم من التصريحات الدبلوماسية الدافئة. إذ دار الحديث بشكل رئيسي حول مصادر الطاقة، وبالذات الغاز والكهرباء، وهما من العناصر الروسية التي تعتمد عليهما أرمينيا بصورة شبه كلية. ولا يخفي المراقبون قلقهم من أن تبدأ موسكو بإلقاء بالونات اختبار بشأن أسعار الغاز والكهرباء المصدرين إلى يريفان على خلفية بدء برنامج شراكتها المنفردة مع الناتو، وفي سيناريو مشابه للسيناريو الأوكراني الراهن.
غير أن قطاعا آخر من المراقبين استبعد إمكانية قيام روسيا بضغوط قوية على أرمينيا (العضو العامل في منظمة معاهدة الدفاع الجماعي مع كل من روسيا وبلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزيا وطاجيكستان), وذهبوا إلى أن الوضع الجيوسياسي الحرج لأرمينيا يدفع بها إلى البحث عن توازنات من أجل البقاء ليس إلا. فالتوتر بين روسيا وجورجيا المجاورة لأرمينيا يثير قلق الأخيرة، وخاصة أن تبليسي مصرة على الالتحاق بحلف الناتو. إضافة إلى العداء المستحكم بين أرمينيا وأذربيجان، المجاورة أيضا، بسبب منطقة قرة باخ الجبلية، وكذلك التقارب الشديد بين جورجيا وأذربيجان. علما بأن كلا من الدولتين الأخيرتين لديهما أيضا خططهما المنفردة للشراكة مع الناتو.
ونقلت وكالة أنباء (إيتار-تاس) اليوم على لسان وزير الخارجية الأرميني هوسكانيان أنه لا يستبعد احتمال انضمام جورجيا المجاورة إلى حلف الناتو في غضون السنوات الخمس أو الست المقبلة، في ما تلتزم أذربيجان الصمت بصدد هذا الاحتمال، على حد تعبير الوزير الأرميني الذي أضاف بأن ظهور خطوط فاصلة في المنطقة لن ينعكس سلبيا على الاستقرار. وشدد على أن يريفان لديها متسع من الوقت لرسم سياستها ويتوقف الكثير من ذلك على نتائج المشاورات الجارية حاليا بين جورجيا والناتو التي تتابعها أرمينيا باهتمام شديد.
وفي تصريح آخر أثار اهتمام المراقبين، رأى وزير الخارجية الأرميني عدم وجود أية صلة بين توسيع التعاون بين أرمينيا وكل من حلف الناتو والاتحاد الأوروبي من جهة وعلاقة يريغان مع موسكو من جهة أخرى. وأكد على أن (هذا هو خيارنا الذاتي. فثمة عمليات تمس مصالحنا. ولا يمكن أن نبتعد عنها. فروسيا أيضا تتعاون بنشاط مع كل من الناتو والاتحاد الأوروبيquot;.
الجدير بالذكر أن هذه التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأرميني في العاصمة يريفان جاءت متزامنة مع مباحثات الرئيسين الروسي والأرميني في سوتشي والتي أكد فيها روبرت كوتشاريان على تزايد حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين الجانبين. وأعرب عن أمله في استمرار تطور العلاقات بين موسكو ويريفان بنفس الوتائر الحالية، مشددا على إمكانية تطوير العلاقات في المجال الإنساني والارتقاء بها إلى نفس مستوى التعاون الاقتصادي والعسكري-التقني. بينما صرح بوتين في ختام المحادثات بأن المؤسسات الروسية والأرمينية المعنية ستواصل المحادثات حول صادرات الطاقة الروسية إلى أرمينيا.
التعليقات