جارناك (فرنسا): أحيت فرنسا اليوم ببعض من الحنين الذكرى العاشرة لوفاة الرئيس فرنسوا ميتران الذي تولى مقاليد الحكم في البلاد لمدة 14 عاما والذي يعتبر اليوم أفضل رئيس لفرنسا في السنوات الخمسين الماضية مع زعيمها التاريخي شارل ديغول. وجرت مراسم الاحتفال في مدينة جارناك (جنوب) الصغيرةحيث ولد ودفن فيها كما اقيمت احتفالات اخرى في ليل (شمال) فيما نظم الحزب الاشتراكي في باريس يوم ابواب مفتوحة مع معرض في مقره في العاصمة الفرنسية الذي علقت على واجهته صورة عملاقة للراحل.

ووضعت بعض الورود الحمراء على باب المنزل الباريسي الذي توفي فيه ميتران عاشق باريس ونظمت بلدية العاصمة نزهة عبر اماكنه المفضلة تكريما له. وتوجه مئات الاشخاص الى جارناك منهم قادة اشتراكيون مثل رئيسي الوزراء السابقين لوران فابيوس وليونيل جوسبان وافراد من عائلته مثل ابنته غير الشرعية مازارين بانجو وايضا ممثلون رسميون للحكومة اليمينية. وازيح الستار عن لوحة تذكارية وضعت على المنزل الذي ولد فيه ميتران والذي تحول مؤخرا الى متحف. واعطى ميتران الذي كان صانع عودة اليسار الى الحكم عام 1981 انطلاقة سياسية وشعبية كبيرة للبلاد قبل ان يخيب امال الكثيرين. لكن اليوم وبعد ان تعرض لانتقادات بل ولكراهية البعض حتى بعد وفاته يبدو انه استعاد مكانته في قلوب العديد من الفرنسيين.

فقد تزايدت منذ وفاته قبل عشر سنوات الكتب والاصدارات والبرامج الخاصة التي تتناول حياة ميتران من جميع جوانبها. ومؤخرا اثارت ابنته غير الشرعية التي اخفى امرها لنحو عقدين ضجة باعلان عزمها على تسمية نفسها بانجو ميتران. فيما كانت ارملته دانيال ميتران اليوم الاحد ضيفة برنامج خاص لشبكة تلفزيون عامة كبرى.واليوم بات الحزب الاشتراكي الذي مني بهزيمة في الانتخابات الرئاسية لعام 2002 يعتبر ميتران من زعمائه التاريخيين مثل جان جوريس وليون بلوم.وسخرت عدة صحف من نزعة quot;تمجيد ميترانquot; في فرنسا التي تعيش حالة شك بعد ازمة الضواحي في الخريف الماضي. وكتبت صحيفة quot;لو فيغاروquot; اليمينية امس السبت quot;ظاهرة الهوس بتونتون (اشارة الى اسم التدليل لميتران) اجتاحت الصحف والشاشاتquot; فيما عنونت quot;ليبراسيونquot; اليسارية quot;تبجيل ميترانquot; في اشارة الى quot;جيل ميترانquot; بعد ان عنونت الاثنين quot;ميتران ينتخب من جديدquot;.

واليوم يعتبر الفرنسيون ميتران افضل رئيس عرفته البلاد في نصف القرن الماضي مع شارل ديغول وفقا لنتائج استطلاعين للراي صنفه احدهما قبل سلفه اليميني والاخر بعده لكن مع تقدم كبير للاثنين عن جاك شيراك وجورج بومبيدو وفاليري جيسكار ديستان. ويتذكر الذين يشعرون بالحنين الى ميتران الانجازات quot;الاجتماعيةquot; الكبرى التي تحققت في عهده مثل التقاعد في سن الستين واسبوع العمل من 39 ساعة وعطلة الاسبوع الخامس المدفوعة .. اضافة الى التزامه الاوروبي الى جانب المستشار هيلموت كول وايضا الغاء عقوبة الاعدام بعد انتخابه. لكن سنوات ميتران شهدت ايضا في نهايتها سلبيات كثيرة مثل ارتفاع نسبة البطالة وقضايا فساد سياسي ومالي وجدل بشان ماضي الرئيس، المقاوم للنازية الذي بقي طوال حياته قريبا من متعاونين سابقين مع المحتل الالماني، اضافة الى حالات انتحار في محيطه.