المواطنون يشبهونها بسوبر ستار
الانتخابات الفلسطينية بين فكي الفوضى وإسرائيل

خلف خلف من رام الله: تزداد سخونة الساحة الفلسطينية مع اقتراب انعقاد انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني المقررة في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، ففي الوقت الذي أعلنت فيه السلطة الوطنية الفلسطينية أنها ستقمع كل من يحاول تخريب الانتخابات التشريعية المقبلة ، وجهت كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح في مدينة نابلس في الضفة الغربية تحذيرا للمواطنين تنذرهم بعدم التوجه لصناديق الاقتراع، وشددت الكتائب أنها ستلغي الانتخابات، وقال علاء سناكرة، قائد الكتائب في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين: السلطة وفتح وحماس لم يعملوا شيئاً للشعب الفلسطيني، ففي كل يوم تقع الاجتياحات، والاغتيالات، ولا أحد يوفر الحماية لهذا الشعب، فعلى أي أساس نريد انتخابات، ومن ناحيته، أكد أيضا نصر يوسف وزير الداخلية الفلسطينية أن الفصائل الفلسطينية رفضت اقتراحا بوضع أسلحتها جنبا يوم انعقاد الانتخابات.
أما المواطنون فإن الرسائل التي باتت تلاحقهم عبر البريد الالكتروني وهواتفهم الشخصية والفاكسات وكل ما توفر من وسائل تكنولوجيا أصبحت حملا كبيرا عليهم، حيث يجدون أنفسهم في حيرة ويتساءلون: لمن سيدلون بصوتهم. المواطن صبحي العلي 48 عاما يقول: أن العديد من رسائل الجوال وصلته يوم العيد من العديد من القوائم تهنئه في العيد، وأضاف: أنا سعيد لاستغلال مرشحينا للتكنولوجيا في حملاتهم بدلا من البذخ الانتخابي والملصقات التي تملأ الشوارع وقد أصبحت عبئا على عمال النظافة.
أما المواطن فراس سليم 28 عاما فقد شبه تسابق المرشحين على كسب قلوب الجماهير ببرنامج سوبر ستار الذي تبثه أحد الفضائيات العربية، وقال سليم: الانتخابات باتت وكأنها برنامج سوبر ستار، فالمرشحون يحاول كل واحد منهم كسب أكبر عدد من الأصوات لصالحه، ووافقته المواطنة سهى محمد 33 عاما قائلا: الحملات الانتخابية مضحكة أحيانا، فالجميع يحمل شعارات أكبر منه، فالجميع يعد بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، في حين أن إسرائيل تغتال في المقاومين وتؤكد أن القدس عاصمتها الأبدية.
هذا ويتوقع مراقبون أن تمنى حركة فتح بخسارة العديد من المقاعد بسبب الفوضي التي اندلعت في قطاع غزة مؤخرا، وكذلك بسبب المشاكل التي تعتريها داخليا، وقد أفلتت جملة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن قبل يومين خلال مقابلة تلفزيون حيث قال: لقد عانيت الأمرين من فتح.
الكاتب الفلسطيني عامر راشد يرى أن هناك شكوك حول أمكانية انعقاد الانتخابات، وإمكانية أن تحدث بسرعة وسلاسة التغيير المطلوب الذي وعدت به كل الكتل الانتخابية بلا استثناء، بما في ذلك قائمة فتح التي توحدت ظاهرياً بعد صراع مرير.
ويقول الكاتب: وللشكوك السابقة ما يبررها من الأسباب أبرزها استمرار صراع أجنحة فتح واتخاذها أشكالاً أكثر عنفية، واستمرار تهديدات أجنحة فتح العسكرية بتفجير الانتخابات من داخلها، ولجوئها إلى جعل مهاجمة مراكز لجنة الانتخابات المركزية سياسة يومية، وهذا يترك إشارات استفهام كبيرة ليس فقط على إمكانية انعقاد الانتخابات في موعدها، بل وعلى تسليم فتح لاحقاً بالنتائج التي ستتمخض عنها الانتخابات، خاصة وأن الراجح تشكل خارطة جديدة للمجلس التشريعي القادم، تتمثل فيها خمسة كتل حزبية أساسية من ممثلي (فتح، حماس، البديل quot;جبهة ديمقراطية، حزب شعب، مستقلين، فداquot;، فلسطين المستقلة quot;مصطفى البرغوثيquot;، أبو علي مصطفى quot;شعبيةquot;).
ويتابع: وبدون الخوض في تفاصيل المتوقع في نسب تمثيل وحجوم الكتل. فمن شبه المؤكد أن فتح ستخسر كتلتها المُقَرِرة في المجلس التشريعي الحالي المنتهية ولايته منذ العام 1999، وهذا ما تحاول فتح تداركه عبر مجموعة من الإجراءات البيروقراطية التعسفية كان آخرها قرار مجلس وزراء السلطة الفلسطينية بإدخال تعديل على نظام اقتراع العسكريين ومنتسبي الأجهزة الأمنية، يسمح لهم بالتصويت في مواقعهم وثكناتهم قبل ثلاثة أيام من فتح مراكز الاقتراع أمام الجمهور، بدل الاقتراع في دوائر سكنهم قبل يوم واحد، بحسب النظام الذي وضعته لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، وهو ما فُسِرَ من لجنة الانتخابات المركزية كمحاولة للمس بمبدأ حرية التصويت، ومدخلاً للتلاعب بنتائج الانتخابات، حيث تشكل نسبة العسكريين ومنتسبي الأجهزة الأمنية أكثر من 7% من إجمالي عدد من يحق لهم التصويت، وترتفع هذه النسبة في حال عدم وجود إقبال كثيف على الانتخابات، وقد يكون ذلك بفعل إجراءات عسكرية إسرائيلية يوم الانتخابات، تعيق وصول الناخبين إلى مراكز الاقتراع، وهو ما حدا بلجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية تقديم استقالتها. وتترافق سياسة مهاجمة مقرات لجنة الانتخابات المركزية، وإصدار القوانين التعسفية مع استمرار ضغط الكثير من الجهات الفتحاوية لتأجيل الانتخابات، بالاستقالات الجماعية الإعلانية للضغط كما حدث من قبل قائمة فتح بالقدس، ومجموعة الدعوات الصادرة عن المرجعيات الفتحاوية لتأجيل الانتخابات، ولا تخفي القيادات الشابة الفتحاوية بأن الدعوات التي أطلقها أحمد قريع رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، والعديد من أقطاب اللجنة المركزية لفتح لتأجيل الانتخابات منطلقها شعور هذه القيادات بأن دورها قد انتهى، انطلاقاً من تقدير يقول بأن نتائج المؤتمر السادس لحركة فتح ستكون تحصيلاً حاصلاً بناء على المواقع التي سيحتلها الجيل الفتحاوي الشاب في المجلس التشريعي القادم، ربطاً بما سيفرزه ذلك من تمثيل لهم في مؤسسات السلطة الفلسطينية.
وفيما يتعلق في إسرائيل فإنها تحاول هي الأخرى الضغط من جانبها، ورغم أنها سمحت للمقدسين في القدس في التصويت في الانتخابات، إلا أنها منعت حركة حماس من المشاركة في الدعاية مشيرة أنها لن تسمح لحركات quot;إرهابيةquot; بالمشاركة في الحملة الانتخابية في القدس، ومنذ استلام إيهود اولمرت لرئاسة الوزراء مكان ارييل شارون الذي ما زال يرقد في غيبوبة عميقة حاول أولمرت التمسك بمواقف شارون من جميع الأمور موضحا للرأي العام الإسرائيلي أنه سيطبق ما كان شارون يسير عليه، وقد أبدى اولمرت مواقف حاسمة ضد مشاركة حماس في الانتخابات في جلسة الحكومة الإسرائيلية يوم الأحد الموافق 15/1/2006، ويرى المراقبون أن إسرائيل تحاول زج الشارع الفلسطيني نحو حرب أهلية، وعلى الطرف الآخر أشار مراقبون أن إسرائيل بمنعها حماس من ممارسة الحملة الانتخابية في القدس إنما تساهم في دعاية حماس الانتخابية ، وتشعر إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بقلق من مشاركة حماس، فقد أكد ميخائيل ماريتنوس الذي زار رام الله يوم أمس الاثنين أن حركة حماس من أكبر المنظمات الإرهابية في العالم، مشيرا أن الاتحاد سيعلن عن موقفه وكيفية تعامله مع الأمور بعد نتائج الانتخابات.